:: أحمد مطر يصف الذين يغيبون عقولهم ويمسكون بقلوبهم زمام الأمور، ويقول واصفاً هؤلاء بالنص الشعري : متطرفون بكل حال.. إما الخلود أو الزوال إما نحوم على العُلا.. أو ننحني تحت النعال في حقدنا: أرج النسائم جيفة.. وبحبنا : روث البهائم برتقال
:: وهكذا تقريباً لسان حال واقعنا السياسي الذي تصنعه العواطف والمشاعر بتطرف، وليس العقول بمنطق.. وعلى سبيل المثال، ليس فقط الرئيس السابق لحزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ، بل كل زعماء القوى السياسية المعارضة، عندما تنفرد بهم، وتسألهم عن دور قوات الدعم السريع وقائدها الفريق محمد حمدان دقلو في هذه المرحلة و القادمة، فإنهم يكيلون المدح والثناء لهذه القوات وقائدها.. بل منهم من يراهن عليه في التخلص من مخاطر الدولة العميقة..!! :: ولكن يوم أمس.. رحم الله الشهداء، والشفاء للجرحى باذن الله، ما أن شاركت قوات الدعم السريع، مع القوات نظامية الأخرى، في الضرب والقتل و إزالة المتاريس بالقوة ، حسب الاتهامات، تحولت ذات العواطف والمشاعر المتطرفة إلى (180 درجة).. أي من راهن على الدعم السريع بالأمس في التخلص من الفلول، يطالب اليوم بسحبها من شوارع الخرطوم.. ومن وصفها بالأمس بحامي حمى الثوار، يصفها اليوم بغير المنضبطة وغير المؤهلة للتعامل مع المدنيين.. ومن وشحها بوشاح الشجاعة بالأمس، سحب عنها الوشاح اليوم.. وهكذا.. متطرفون بكل حال.. عاطفيون بلا حدود ..!!
:: ومع تحميل المجلس العسكري مسؤولية ما يحدث من قتل وجرح، يبقى السؤال المهم لسادة حكومة الغد المدنية، ما موقع قوات الدعم السريع في برنامج أحزاب الحكومة الانتقالية؟.. هل يتم حلها وتسريحها؟، أم دمجها مع الجيش؟، أم تبقى كما هي؟.. وللأسف، لن تجد إجابة واضحة من السادة بالحكومة المدنية المرتقبة خلال الساعات القادمة، إما خوفاُ من بطش الدعم السريع أو طمعاً في حمايتها من مخاطر الدولة العميقة .. وعليه، سوف يتواصل دور و موقع قوات الدعم السريع وقائدها في حياة الناس والبلد كما موقع شريف خيري في مجتمع تلك المدينة.. !!
:: فيلم السفارة في العمارة، من أروع أفلام عادل إمام.. وقضية بطل الفيلم شريف خيري في غاية التواضع، حيث يعود من الإمارات ويُفاجأ بالسفارة الإسرائيلية قد استأجرت الشقة التي تجاور شقته في ذات العمارة، فيستاء ويبحث عن حل يبعده عن هذا الجار المنبوذ..وهنا تظهر عدة جهات لتدير ملف قضيته بمنتهى الانتهازية.. صديقه المحامي المغمور يرفع دعوى قضائية تطالب بترحيل السفارة، ليشتهر في سوق المحاماة، وليس ليكسب قضية موكله.. ثم صديقه الصحفي المغمور يستغل الحدث، ويجعل شريف خيري بطلا ورمزاً للصمود عبر صحيفته، لا لتنوير الرأي العام بالقضية ولكن ليشتهر قلمه.. !!
:: ثم يتدخل الحزب الشيوعي هاتفاُ لشريف خيري المناضل ورمز الصمود، وهو الذي لم يسمع بماركس ولينين من قبل..ثم تخطفه جماعة إسلامية، وتُحزمه بحزام ناسف لينسف العمارة، بما فيها شقته ، ويستشهد.. هكذا أدارت الجهات ملف قضية شريف خيري، أي بمنتهى الأنانية والانتهازية.. ثم فجأة، تبتزه السفارة الإسرائلية ذاتها بعد تصويره في وضع مخل، ليتنازل شريف خيري عن الدعوى القضائية، ليتحول الهتاف من (شريف خيري رمز الصمود) إلى (شريف خيري الخائن العميل)، أي كما حال الفريق حميدتي .. وعليه، ليس فقط في قضية قوات الدعم السريع، بل في كل قضايا البلاد، لن نبارح محطة العجز الفشل ما لم نؤمن بأن الشأن العام لا يُدار بالقلوب كما نحب، ولكن بالعقول كما يجب..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة