على ما أصاب الأحزاب السودانية من سُمعة تكاد تكون سيئة في ما يتعلَّق بأمر التكالب على السلطة وتقديم المصالح الذاتية وأحياناً الشخصية على المصلحة الوطنية العامة ، وبالرغم من أن إمكانية الحكم الجماعي على الأحزاب السودانية عبر تاريخ ممارستها السياسية التي إعتبرها قاصرة بالنسبة إلى حالة السماح النوعي والزمني الذي إستطاعات أن تحصل عليه الديموقراطيات السابقة ، تعتبر و للإنصاف غير عادلة نسبةً لتبايُّن المواقف بحسب تبدُّل الأحوال السياسية ، لكن في هذه السانحة وجب علينا أن نشيد ونؤيِّد ونؤاذر موقف حزبي الأمة القومي والحزب الإتحادي الذين أصدرا بياناً بالأمس يعلنان فيه عدم نيتهما الترشح في مناصب الحكومة المدنية الإنتقالية القادمة ، وذلك على ما يبدو لإغلاق الباب أمام أحزاب حوار الوثبة المغرورة وما شاكلها من أحزاب لم تحتمل أن تكون بمنأى عن النظام البائد إبان فترة الصمود والنضال والمقاومة وكذلك إحراجها عبر لفت إنتباه العامة إلى تكالبها المستميت والمخزي والمخجل معاً لتكون ضمن منظومة السلطة القادمة .
وللحقيقة فقد آن الأوان والثورة الشارعية ترفع الكثير من الشعارات المتعلِّقة بالفضائل والقيَّم الأخلاقية التي شابتها الشوائب إبان عهد الفساد البائد ، أن تُدلي الأحزاب الكبيرة والتاريخية بدلوها في مجال إحياء المباديء التي تُعلي من المصلحة الوطنية وتقُدِّمها على المصالح الحزبية والمرحلية ، فالإيثار والزهد في السلطة في هذه المرحلة إن كان سيمثِّل دافعاً (لنجاة) البلاد والعباد من عبث أحزاب الحوار وغيرها من الأحزاب التي تواطئت مع النظام البائد ضد إرادة الشعب ومصالح الوطن ، لن يزيد حزبي الأمة والإتحادي إلا ثباتاً وإحتراماً في قلب الشارع السياسي السوداني والإقليمي والدولي ، وهي لعمري فكرة ذكية ومبكِّرة من الحزبين للدعاية الإنتخابية التي ستستشرفها مرحلة الإنتخابات ، وهي من المؤشرات الكفيلة بتحسين صورتها وتاريخها السياسي أمام الشعب السوداني وخصوصاً الشباب الذين هم أكثر المتأثرين بما كان ينشره إعلام النظام البائد من صوُّرسلبية ومعلومات مفبركة وكاذبة عن الأحزاب السودانية الرائدة والمجاهدة في مقارعة ومقاومة الحكم الإستبدادي على مدى تاريخنا السياسي المعاصر.
ستظل الأحزاب السودانية الأصيلة والحاصلة على إعتماد شعبي مُقدَّر عبر ثَّقه الكثير من المنتمين إليها من أبناء وبنات الشعب السوداني ، ورغم إعترافنا وإيماننا التام بمجاهداتها ونضالاتها المستمرة على مدى ثلاثون عاماُ من الإستبداد والقهر والإفقار المادي والمعنوي ، سنداً إستراتيجياً لدعم إستمرارية النظام الديموقراطي وتطويره بما يُفضي إلى إفادة البلاد والعباد ، وهي تحتاج بالتأكيد إلى إعادة صياغة وبناء ما تم تشويهه في سمعتها وخصوصاً في مجال التضحيات من أجل المصلحة الوطنية العامة ، هي تحتاج إلى بناء الثقة بينها وبين هذا الجيل ، قبل إحتياجها إلى البناء التنظيمي الداخلي والإنتشار القاعدي ، يجب على المهتمين الإحتفاء بهذا التنازل الذي إستهدف المصلحة العامة وإعادة بناء الثقة الشعبية في الحزبين الكبيرين ، وهو في ذات الوقت إستهداف طعن في خاصرة أحزاب الإنتهازية وموالاة السلطات الحاكمة مهما تضادت وتناقضت إتجاهاتها ومشاريعها مع تطلعات الجماهير ومطالبها العادلة ، تُرى هل يستحون ؟ .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة