> الأكاديمي الدكتور محمد فضل البديري كتب المقال التالي مذكراً المجلس العسكري بإقامة العدل وعدم الانسياق وراء حملات الشيطنة والتجريم التي يبثها شياطين الأنس من الشيوعيين وبني علمان الذين لا يضمرون خيراً لهذه البلاد وهل أدل على ذلك من التخلف والانهيار الذي حاق بالبلاد الشيوعية التي اكتشفت بعد عقود من الزمان قضتها تحت الحكم الشيوعي أنها كانت مخدوعة بتلك النظرية الرجعية التي هوت بها إلى قاع التخلف والقهر والاستبداد؟ رسالة إلى المجلس العسكري: الاحتكام إلى العقل أو الطوفان
> لا يختلف اثنان في أن المطالب الأولى لجماهير الشعب السوداني في ديسمبر وأبريل كانت تدور حول مطالب معيشية، وهذا حق لا نزاع فيه وهي مطالب عادلة، فكل إنسان ينشد الحياة الكريمة والشريفة التي يسودها السلام والعدل والحرية المنضبطة بالشرع الحكيم، ولكن للأسف انحرف اليسار المتطرف عن تلك المطالب العادلة بإطلاق شعارات معادية ومخالفة لشعارات الثورة (حرية وسلام وعدالة) حيث نادوا بتصفية الخصوم والمخالفين وإقصائهم عن الحياة السياسية واقتيادهم إلى السجون، وأنا كمواطن غيور لا أنتمي إلى أي حزب بما فيه حزب المؤتمر الوطني وخوفاً من أن تتحول هذه المفاهيم إلى ظاهرة تدعو إلى الانتقام والثأرات مما يؤدي إلى إشعال الاحتراب والانتقام المضاد، فإني أناشد المجلس العسكري بألا ينقاد إلى شعارات اليسار المدمرة التي تنادي بإقصاء كل من له علاقة بالنظام السابق وهذا بلا ريب مطلب غير عادل، فمن منا لم يكن مشاركاً في هذا النظام، كموظف حكومي أو موظف في القطاع الخاص له معاملات مرتبطة بدواوين الحكم أو الانتماء لحزب المؤتمر الوطني أو أحزاب أخرى موالية له ولذلك ليس من العدل أن يعاقب أفراد المؤتمر الوطني ويترك الآخرون من شاركوا في النظام السابق كوزراء ومسؤولين وغير ذلك. > إن الواجب يقتضي الاحتكام لصوت العقل وإعمال قيم التعافي والتصافي والبعد عن التخوين والاستمساك بالقاعدة القانونية الذهبية : المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته .. وأنا حينما أقرر هذه الحقيقة إنما أهدف إلى تجنيب بلادنا الانزلاق في صراعات مدمرة من شأنها أن تولد إحناً ومرارات وثأرات في نفوس من تطولهم تلك التصفيات العمياء مما سبق أن ذقنا من شروره الكثير . > لذلك علينا أن نتجنب الانشغال بحروب وصراعات عبثية تصرف الدولة والمواطن عن الإصلاح والتنمية وبقية الأولويات الوطنية وتوقع البلاد في نفس الأخطاء التي وقع فيها النظام السابق حيث كان يتم عزل حزب أو طرف معين بسبب تخوينه وغير ذلك فيتخندق ذلك الطرف المتضرر في خندق الحرب فيدخل البلاد في دوامة من الصراعات مما يضطر الحكومة إلى التفاوض معه في اتفاقية سلام بعد أن تخسر الدولة مليارات الدولارات في الوقت الذي كان الأولى للحكومة ألا تعزله ابتداءً والوقوف على مسافة واحدة بين جميع أبناء الوطن (ولا نريد لسيناريو العزل والتصفية أن يتكرر في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد. فبقيم العدل والمساواة تُحمى الأوطان من الحروب والصراعات فالعدل بلاشك قيمة إنسانية ومطلب شرعي.. يقول تعالى في كتابه العزيز (... وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّه إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) .. فإذا كان الإسلام لا يجيز الاعتداء على الكافر فكيف يجوز للحاكم أن يظلم أخاه المسلم الذي يعيش معه في وطن واحد؟! > صحيح أن هناك أخطاء كثيرة كانت ملازمة للنظام السابق ولكن ذلك لا يعتبر مبرراً كافياً للانتقام من أفراده أو عزلهم بدون بينات دامغة فالواجب الوطني والإنساني يقتضي عدم عزلهم أو رميهم في السجون بدون محاكمات، وعلى المجلس العسكري ألا يستمع إلى الأصوات التي تنادي باعتقال رموز وأتباع الحزب الحاكم فهذا ليس من العدل في شيء بل الواجب أن يعاملوا كمواطنين لهم ذات الحقوق التي يتمتع بها بقية المواطنين ومن أبسطها أن يتمتعوا بمحاكمات نزيهة وعادلة، ولا ينبغي بأي حال تجريمهم لمجرد الانتماء إلى حزب بعينه. > أقول بهذا التصريح إعلاءً لراية الحق والعدل وحتى لا تدخل بلادنا في أتون التيه والحروب الانتقامية المدمرة فنغرس الحقد في نفوس الأبرياء منهم فيتحولون إلى ذئاب يصعب السيطرة عليها وكان من الممكن أن نحتويهم بالسلم والمعاملة الحسنة وفق القوانين والأنظمة المرعية، فالانسياق خلف تلك الدعاوى الانتقامية قد يقود البلاد إلى المجهول وإلى ما لا يحمد عقباه. (فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ).
alintibaha
العنوان
الكاتب
Date
رسالة إلى المجلس العسكري: الاحتكام إلى العقل أو الطوفان بقلم الطيب مصطفى
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة