الإنسان بين الإسلام والحضارة الغربية الحلقة الثلاثون بقلم محمد الفاتح عبدالرزاق عبدالله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 08:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-28-2019, 01:16 AM

محمد الفاتح عبدالرزاق
<aمحمد الفاتح عبدالرزاق
تاريخ التسجيل: 09-14-2018
مجموع المشاركات: 59

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الإنسان بين الإسلام والحضارة الغربية الحلقة الثلاثون بقلم محمد الفاتح عبدالرزاق عبدالله

    01:16 AM March, 27 2019

    سودانيز اون لاين
    محمد الفاتح عبدالرزاق-Sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر



    بسم الله الرحمن الرحيم
    (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ، وَالْمَلآئِكَةُ، وَقُضِيَ الأَمْرُ، وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمور)

    الإنسان في الإسلام

    الباب الرابع
    الحياة
    الفصل الأول
    حياة القلوب

    قلنا إن الله تعالى خلق آدم على صورته، وليس لله تعالى صورة حسية، عن ذلك تعالى الله علواً كبيراً.. وإنما الصورة المقصودة هي الصفات النفسية السبع: فالله تعالى حي، عالم، مريد، قادر، سميع، بصير ومتكلم.. وأعلى هذه الصفات هي صفة الحياة، والصفات الأخرى متعلقة بها.. وقد خلق الله الإنسان، وأنعم عليه بهذه الصفات، وبذلك أصبحت صفاته تعالى، هي في نفس الوقت صفات عبيده.. إلا أن صفات الله تعالى، في مطلق الكمال، في حين أن صفات عبيده في طرف النقص.. والله تعالى حي بذاته، وعالم بذاته، ومريد بذاته، وقادر بذاته، سميع بذاته، وبصير بذاته، ومتكلم بذاته، ولا يقع منه شيء من هذه الصفات بجارحة على نحو ما يقع منا نحن.
    وقد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وأوجب الواجبات، ليسير عباده، إليه ليلاقوه.. وملاقاة الله _كما سبق أن ذكرنا_ ليست بقطع المسافات، وإنما بتقريب الصفات من الصفات _تقريب صفات العبد التي هي في طرف النقص، إلى صفات الرب التي هي في مطلق الكمال_ ولقد جاء القرآن ليعرف بهذه الصفات الإلهية حتى تدركها العقول، وليخط السير الذي به يتم تأديب العقول، حتى تزيد إدراكاً، كل حين، لأفعال الله، وصفاته، وأسمائه، وحتى تقوى على السير في محاكاتها كل حين.. وجاء الأمر الإلهي بالتخلق بأخلاق الله في قوله تعالى: "كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ".. وقول المعصوم: "تخلقوا بأخلاق الله إن ربي على سراطٍ مستقيم"..
    ونحن هنا إنما تعنينا صفة الحياة.. وقد ذكرنا أن الحياة واحدة، هي حياة الله، فهي لله تعالى بالأصالة، ولعبيده بالحوالة.. أما بالنسبة للرب، فهو دائماً متجلي على عبيده، وإنما من هنا تأتي الحياة العامة.. وهناك الحياة الخاصة، حياة الإنسان، والتي يتم فيها من جانب العبد، إعداد المحل فيه، لتلقي الحياة من مصدرها، من الله.. عن طريق إقامة الصلة به تعالى، وهذه هي وحدها الحياة المعتبرة، في الدين.. ولذلك يمكن أن تسمى الحياة الخاصة، من أجل التمييز، بينها وبين مجرد العيش، رغم أنه لا يوجد اختلاف نوع بين الحياتين.. ففي هذا المستوى، يعتبر من يعيشون، من البشر، في غفلة عن الله، أمواتاً، وبهذا يوصفون في القرآن وفي الحديث الشريف.. وهذا الموت هو الموت الحقيقي.. الموت الحقيقي هو الغفلة عن الله.. والحياة الحقيقية هي الحضور مع الله!! فالموت الحقيقي، الموت الأعظم، هو موت القلوب بالغفلة عن الله.. وكذلك الحياة الحقيقية، هي حياة القلوب، بالحضور مع الله.. عن البعث الأعظم، والموت الأعظم، يقول الأستاذ محمود: "هذا هو البعث الأعظم _بعث موتى القلوب.. وهو الموت الأعظم عند الله.. قال تعالى: (أوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا؟؟ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ).. قوله: (أومن كان ميتاً)، بالجهل بالله.. (فأحييناه) بالعلم بالله.. يعنى أومن كان ميت القلب بظلام الكفر، فبعثنا قلبه، وأحييناه بنور الإيمان، كمن هو في ظلمات الجهالات، يتخبط فيها على غير هدى؟؟ والى غير خروج؟؟ وبعد.. فإني أحب أن يكون البعث هو على هذا النحو.. هو بعث حياة القلوب لأن به السلوك، وبه السير من البعد عن الله إلى القرب من الله.. وهذا هو الحياة.
    أما البعث من الموت الحسي فهو حق، واجب، وما ينبغي أن يأخذ من وقتنا أكثر مما أخذ"..
    هكذا!! البعد هو الموت، والقرب هو الحياة _بعث من الموت! فكلنا أموات، الموت الحقيقي، في مستوى من المستويات، ونحتاج أن نبعث هنا، في حياتنا هذه، التي يكتنفها الموت.. نحتاج أن ننتقل من (العيش) إلى (الحياة)، أو قل من (حيوانيتنا) إلى (إنسانيتنا).. الكثير من البشر يعيشون معيشة الحيوان.. فهم أموات، ولكن بسبب من موتهم هم لا يشعرون.. الفيصل بين حياة الحيوان وحياة الإنسان هو دخول القيمة في الحياة.. وهذه بدايتها سيطرة العقل على الشهوة.. وما دون ذلك حياة بالنسبة للإنسان، فهذه بداية إنسانية الإنسان.. ويتسامى الإنسان في مراقي إنسانيته، بقدر تساميه في سيطرة عقله على شهوته..
    والسيطرة لا تعنى إلغاء الشهوة، وإنما هي تعني توجيهها، وربطها بالقيمة.. ومن تسيره شهوته أو هواه، من البشر، هو أقرب للحيوان، بل هو حيوان في المستوى الذي تسيطر فيه شهوته على عقله.. وإذا صار عقله، يخدم شهوته _هواه_، فقد أصبح حيواناً، بالمعنى الحقيقي، وليس المجازي.. وإذا مات على ما هو عليه، فربما يرد في سلم التطور إلى مستوى الحيوانية التي كان عليها.. وقد سبقت إلى ذلك الإشارة.. وكثير من البشر، اليوم، تتغلب عليهم صفات الحيوان.. ومنهم من هم في دواخلهم حيوانات حقيقية.. ويستطيع أصحاب البصائر أن يروا ما وراء القناع الذي يلبسه هؤلاء الناس.. فيرون منهم حسياً، واقعهم الحيواني.. فما أكثر الذئاب، والخنازير والقردة ...الخ، بيننا!! وهذا هو قانون المعاوضة!!
    يقول تعالى: "أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ".. ويقول: "إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا"، ويقول تعالى: "قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ".. ويقول تعالى: "وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ".
    لقد تحدثنا عن الخوف ودوره في تطور الحياة، ودوره في تعويق كمالها.. ومبعث الخوف الأساسي هو الحرص على الحياة، ولذلك الخوف أساساً من الموت الحسي.. الخوف هو من أن يكون الموت هو نهاية الحياة.. فالمشكلة تكمن في تصور الموت.. وهذه مشكلة لا يمكن معالجتها خارج إطار الدين، وما يقوم عليه من إيمان، لأن الموت حسب الظاهر، والمعايير المادية هو فناء.. ففي إطار تصور الحياة كمجرد ظاهرة بيولوجية، يستحيل حل مشكلة الموت.. ولكن الموت الحسي، وفق التصور الديني، أمره مختلف تماماً عن التصور المادي، ويمكن معرفته والتصالح معه، والانتصار على الخوف الذي يتسبب فيه..
    يقول الأستاذ محمود عن الموت الحسي: "الموت الحسي ليس، في حقيقته، كما نظنه نحن الآن، وإنما هو ميلاد في حيز غير الحيز الذي نألفه نحن، مثله، في ذلك، مثل ميلاد الطفل في عالمنا هذا، فإنه قد جاء من حيز قد عاش فيه مدة، وألفه، واطمأن إليه، ولم يخطر بباله حيز غيره، ولو خير لكره الخروج عنه إلى عالمنا هذا كما يكره أحدنا أن يموت الآن.. نحن أيضاً عندما نموت سنجد أنفسنا في عالم خير من عالمنا هذا..
    الموت بمعنى الفناء، ليس هناك.. فبالموت يغير الحي قشرته فقط _يخرج من صدفته التي ظلت تكنه ردحاً من الزمن_ وهو يكره مفارقتها لجهله بخير منها.. فالإنسان لا يموت، وإنما يتخلص من القوقعة كما يتخلص أحدنا من الملابس البالية.. وتبرير الإسلام للموت أنه سير إلى الله _سير من البعد إلى القرب_ وهذا لجميع الناس.. (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ) ومن ملاقاة الله الموت، لأن به رفع الحجاب: (لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا، فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ، فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)"..
    فالموت المخيف حقاً، هو موت القلوب بالغفلة عن الله، فهذا هو الذي يستوجب البعد.. والبعد هو الموت الحقيقي.
    ولما كان الله تعالى هو المصدر الوحيد للحياة، فقد أصبحت الصلة به تعالى، هي الوسيلة الوحيدة للحياة.. وعلى الصلة يقوم الدين كله _صلة مع الله تعالى عن طريق العبادة_، الصلاة صلة بين العبد وربه.. وصلة مع الله تعالى، عن طريق المعاملة _صلة الرحم بمعناها الواسع.. وهو معنى يفيد رحم العبودية للمعبود الواحد.. ولذلك الصلة هنا مع جميع خلق الله، بالتعامل معهم جميعاً، بما يرضي خالقهم، وفق حكمة خلقهم.. وحكمته هي وضع الأشياء في مواضعها، فالعمل في الدين، جميعه، هو عبارة عن توسيع مواعين المتدين، وتنظيفها، وإعدادها، لتتسع لمزيد من الحياة.. وهذا العمل يجري إلى ما لا نهاية!! يقول تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ".. والحياة المقصودة هنا، ليست حياة الأكل والشرب، وإنما الحياة الأصلية، الحياة الباقية، حياة الصلة بالله.. فهذه وحدها هي حياة الإنسان.. وكل حياة أخرى، هي على أحسن أحوالها، وسيلة إليها.. وقد تكون قاطعاً عنها.. قد تكون موتاً!!
    حياة الإنسان، هي الشيء الوحيد، الذي هو غاية في ذاته.. وهي الحياة الكاملة.. هذه الحياة هي تكليفنا الديني الأساسي، في جميع أكوان وجودنا.. في هذه الحياة الدنيا، وفي البرزخ، وفي النار، وفي الجنة.. وفي السرمد..!! بل إن الحياة الكاملة ليست تلكيفنا الديني فحسب، وإنما هي قدرنا المقدور لنا، يتحقق في حينه.. وتحقيق الحياة الكاملة، إنما هو انتقال من النفس السفلى، إلى النفس العليا.. والنفس العليا، في نشأتنا هذه، إنما هي النفس الخاضعة في شهوتها لمقتضيات العقل القوي المستحصد.. ولقد جاءت الشرائع والتكاليف الدينية، لتعين العقول على هذه القوة، وهذا الاستحصاد.. فتملك الفرقان الذي به تفرق بين ما يليق، وما لا يليق، حتى في الأمور الملتبسة.. كما تملك قوة الإرادة، التي بها تلزم النفس، باتباع ما يليق، حتى ولو كان ضد هواها.. والابتعاد عما لا يليق حتى ولو كان مع هواها.
    لقد خلقنا الله تعالى لنحيا الحياة الكاملة _حياة الانسان.. وهذه الحياة هي التي بها سعادتنا، ولذلك يصح أن نقول أن الله تعالى إنما خلقنا من أجل أن نكون سعداء.. والسعادة لا يمكن أن تكون عن طريق اشباع الحاجات الجسدية وحدها، وإنما لابد فيها من إشباع الحاجات الجسدية والروحية معاً، مع ملاحظة أن إشباع الحاجات الروحية هو الأصل في السعادة.. ومن المستحيل أن يتحقق قدر من السعادة، إلا إذا تحقق قدر من الطمأنينة والرضا.. وهذا أمر لا مجال لتحقيقه، في إطار الحضارة الغربية، ولابد له من الدين.

    27/3/2019م























                  

العنوان الكاتب Date
الإنسان بين الإسلام والحضارة الغربية الحلقة الثلاثون بقلم محمد الفاتح عبدالرزاق عبدالله محمد الفاتح عبدالرزاق03-28-19, 01:16 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de