لسان حال المؤتمر الوطني ومنسوبيه وهم في غياهب الهلع من إنتفاضة المارد الذي غفا لثلاثين عاماً حتى ظنوه جثةً هامدة هو ما يردِّدونه في كل محفل إعلامي (أن المظاهرات قد إنحسرت وحراك الشارع في طريقه إلى السكون) ، هذا ما يتمنَّونه ولكن ما نيل المطالب بالتمني ، فالآن ميدان العمل والفعالية لشباب الثورة والسكونُ والإنتظار والترقب للحكومة التي لم تعي الدرس فيما سجَّله التاريخ بما يفيد (أن لا مناص) من صيرورة الأمر في السودان نحو إنحيازه لقانون الطبيعة وما جبل الله سبحانه وتعالى عليه حال الدنيا وجزم بوقوعه ، ألا وهو (حتمية إنبلاج الحق وإنزهاق الباطل) ، هذا لا جدال فيه ولا مناورة ، يتمنون أن يصحون صباحاً ليجدوا أن ما يحدث الآن من حراك كأنه لم يكن أو كابوساً وحلماً مُزعجاً لا يمُتُ إلى الواقع بصلة ، أو يحلمون أن يصبحوا ليجدوا هذا الشعب المغلوب على أمره وكأنه لم يذُق طعم لذة التعبير عن ذاته وأوجاعه المكبوته ، وأنه لم يزل فيه جَلَد على التراجع والعودة إلى مربع الصمت الأول ، ويا حبذا لو إتسع المجال الوهمي لحلمهم المستحيل ليتضمن إعترافات من الشعب السوداني بأن عهد الإنقاذ كان عهد ترف وإنتشال للمجتمع من حالة الفقر والعوز و(الشحدة) كما قال أحد عرابيهم ، أو كما قال الأمين االعام للحركة الإسلامية أن الشعب السوداني كان قبل الإنقاذ بؤرةً للعوز والمجاعات وإنعدام أبسط مقوِّمات الحياة ، حلمهم يمتد لأن يعترف السودانيون أنهم الأوصياء السماويون الحصريون على رفعة الدين الإسلامي والمكلفين بحمايته من أعدائه أمثال أهل السودان (العاديين) من غير المنتمين إلى تنظيماتهم مُضافاً إليهم الشيوعيين وباقي اليساريين واليهود والبوذيين والملاحدة ، وفي مخيلتهم في عصر الهلع هذا ، أن يُقر الشعب السوداني بأن ما تم تدميره من مشاريع وطنيه وما تم نهبه من المال العام وكنزه في الحسابات الخاصة إنما هو حقٌ أصيل لإعتبار (تميَّزهم) بإحتكار رفع راية الإسلام والمشروع الحضاري الذي لم تزل (ثمراته) تترى ومن أواخرها وصول المخدرات إلى السودان بالحاويات عبر الموانئ والمطارات والتعاقدات المشبوهة التي تستهدف الموانيء الوطنية مثل ما إستهدفت من قبل سودانير وخط هيثرو ومشروع الجزيرة وغيرها من (المصدات) الإقتصادية التي كانت تحمي هذا الوطن وهذا الشعب من عواصف الدمار الإقتصادي ، ومن غير ذلك في خلدهم الكثير من الأحلام مثل أن يستكين أهل السودان ويسلِّموا أعناقهم ورؤوسهم مرةً أخرى لمقصلة إنتخابات قادمة يديرها ويتلاعب بنتائجها المؤتمر الوطني (وكأن المؤمن لا يُلدغ من جحرٍ مرتين) وكيف لا وهم يروِّجون أن دائرة الأيمان حصرية ولا تتجاوز بأي حال من الأحوال شخوصهم وتوجهاتهم وأفعالهم وأقوالهم ، يحلمون أن يسمعوا قولة (عذراً الشعب كان غلطان) ، أنصحهم نصيحة لوجه الله تعالى وأقول إن إنحسار أمر الحراك الشارعي بنسبٍ متفاوتة سيكون وارداً من حينٍ لآخر ( لكن ذلك بالتأكيد ليس دائماً) لأن طبيعة الأشياء والمنطق تُحتِّم ذلك ، فلا شيء في هذه الدنيا ثابتٌ لا يتزحزَّح ، وبالتأكيد هناك مجموعة من الظروف والأسباب والعوامل اليومية التي تتحكَّم في حجم وفعالية الحراك من يومٍ لآخر ، ولكن الشيء المؤكَّد والموثوق والذي لا يقبل الجدل أنه لن يتوقف ولن يخور وآخر أمره إتساع وتضخم وشمول .. اللهم هل بلَّغت .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة