وَنَقُولُ مَهْمَا امْتلكُوا مِنْ أدواتِ الفَتكِ وأساليب القتل والتنكيل والتعذيب؛ فستزدادُ الثورَةُ كلَّ يوم ضراوةً وسيزدادُ المدُّ الثوريُّ، وستضمحلُّ أمامَهُ عَنْتَرِيَّاتُ النظامِ وستزدادُ الدولةُ العميقةُ سُقوطَاً إلى دَرَكِهَا السَّحِيق، وسَيمحقُها الشَّعبُ كلَّ يومٍ يكيلُ لها بالصَّاع المُضَاعَف، فهمُ اليَومَ نراهُم وقد غلبَتْ على قَمَاقِمُهُم الغَمْغَمَةُ، ولعمري أنَّهم لن يستبينوا النُّصْحَ إلى يوم يبعثون، وهم في كل يوم يَتَنَكَّبُونَ الأخْيَاف في وُعُورةِ مسالكهم وسَبلهم المُفضِيَة إلى هَلاكِهِم لا مَحَالَة، ونراهم يُجَلِّلُونَ خَلفَ فَرِسِهِمُ الأعَوَر الذي حَادَ بِهِم عنْ جَادَّةِ اللَّوَاحِبِ، يَحدُوهُمُ السَّفَهُ وسُوءُ الأدبِ وانْمِحَاقُ الأخْلاقِ، مَا نَالوا من دينٍ ادَّعوه مِقْدَارَ قِطْمِير، مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ، ومَا لَقِيَ الشَّعبُ مِنهم إلا الإذْلَال والكِبْرَ وتَصْعِيرِ الوُجُوهِ، بَل ذَهَبَ بِهم الغُلُوُّ إلى احْتِكَارِهم الله ودين محمد، بكل ما يخالف أحكام الدين والمعتقد في الله وعدم الدِّرايَةِ بما بَلَّغَ بهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، بلْ جَنَى عَلَيْهِمُ الطَّيْشُ والجَهْلُ بأنفُسِهِم بِبُلوغِ مَرحَلةٍ بَعيدةِ الغَوْرِ في اغْترافِ المُوبِقاتِ واجْتِرَاحِ مُنكراتٍ لم يَعرفِ التَّاريخُ لَهَا مَثِيلاً، ومَالُوا عن أعرافنا وتقاليدنا وأخلاقنا، يفعلونَ مَا يَشذُّ عنِ العَادَةِ وطَبْعِ أكْثَر النَّاس سفاهةً وعُقُوقاً، ويَسْقُطُونَ كلَّ يومٍ في هذا الطَيْشِ، ونظل نردد: أين أين… أين الجيش؛ حينَ يَقتادُونَ الحَرائِرِ إلى السُّجونِ والمُعتقلات، بَل ويُوسِعُونَها ضَرباً في قَارِعَة الطريق، نقولُ الحَّقَّ الآنَ، وهُم في هذا الطيش إنَّ الجَمِيعَ يَتساءَلُون!! أينَ أيْن!!َ… أيْنَ الجَيْشُ؟! أين الجيش الذي لَيسَ للشَّعبِ غيرُهُ بَعدَ اللهِ مِنْ حَافِظٍ لأرضه ولعرضه ولأرواحِهِ ولِنسائِهِ ولكهولِهِ ولأطفالِه، ورغم هذا الجَبروت وهذا الطغيان فإنَّ النَّخوَةَ السُّودانيَّةَ لمْ تترُك ذرَّةً مِنْ جوفِ كل سودانيٍّ أو سودانيَّةٍ حتى امتلأت بها، فتزداد الثورة كلَّ يومٍ وتستشري حرارةُ النضالِ في الشعب الثائر، من أجلِ صَوْنِ الحَرائِرِ ونَيْلِ الحُرِّيَّة والذَّودِ عن الزِّمارِ وحُرمةِ الدِّيارِ، ودرءِ أفاعِيلِ الجُهلاءِ مِمَّنْ جَلبَهُمُ النِّظامُ المُشْتَطُّ في إلحاقِ الذُلِّ والهَوَانِ بالشَّعبِ الذي يُقَابِلُهُ بِالسِّلْمِيَّة شَباباً في أعظَمِ حَالَات ِالوَعي والحِكْمَةِ أعزلاً إلا من هتافه المجلجل المزلزل لأركانهم، هذا الهتاف الذي ملأ الدنيا دويَّاً صاخباً، هتافاً سودانياً تجاوبت معه دول العالم ورددته كل ألسنة الشعوب في شتى بقاع الكرة الأرضية، هتافاً صاخِباً صاعِقاً في وجه طُغْمَةٍ لا تعرفُ للوطنِ أو الوطنية معنًى إلا الأطماع وانتهاب الحقوق العامَّة وتبديد الموارد، واقتِيادِ الشَّعبِ إلى مَوَارِد الهلاك، الجوع ِالجَهلِ والمرض. ويظلُّ السُّؤال: إنْ كاَن مَنْ نَادَيْتُ حَيّاً!! أوْ إنْ كَانَ حَيّاً مَنْ أنَادِي!! وَمَنْ يُنَاديهِ الشَّعبُ حِين أتَى على أُمَّتِنَا رهط بين ثنايا العبث الأخلاقي والهوس الديني.. إنه أَوَان الطَّيْشِ الممتد لثلاثة عقود!! سيظل يناديه الشعب متسائلاً: أين أين… أين الجيش؟!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة