السلفيين و غيرهم الذين يستدلون بالآيات و الأحاديث و يقولون بعدم جواز الخروج على الحاكم الظالم هم كالطبيب الذي يصف الدواء المناسب و لكن لشخص آخر بعلل و أعراض مختلفة، فالادلة التي يذكرونها هي لدولة بنظام لا وجود له اليوم و هم يراهنون (جهلا او عمدا)على ضعف الملَكة النقدية لدى الناس في مجتمعنا و على الرهبة من السلطة المعنوية التي توفرها لهم المشيخة و الحديث بإسم الدين. فالشباب الثائر اليوم قد اختار الثورة على الظلم أسوة بالسلف الذين خرجوا على عثمان و معاوية و يزيد و كل الخلفاء الأمويين الظلمة و قد خرج معاوية نفسه على علي و اوهم الناس أنه ظالم فوقف معه عدد من الصحابه، و شيوخ السلفيين ليسوا أعلم من الحسين بن علي و عبدالله بن الزبير و أم المؤمنين عائشة و معاوية بن ابي سفيان و محمد بن أبي بكر و كل الصحابة الذين خرجوا مع هؤلاء ضد الآخرين الذين وقفوا مع من يمثل السلطة و ليسوا افقه ممن كانوا في المدينة يوم قتل الخليفة عثمان و خذلوه. و الصحيح هو أن يتحلوا بالأمانة العلمية و الشجاعة و يقولوا أن السلف بعضهم خرج على الحاكم و بعضهم قعد عن الخروج خوفا أو عجزا او اعتزالا و منهم من وقف في صف السلطة ، و من القاعدين فريق لا يرى الخروج على الحاكم و السلفيون يتبعون هؤلاء الأخيرين نظريا و هم عمليا في صف السلطة, و جميع السلف أي الذين خرجوا و الذين لم يخرجوا كانوا يعلمون هذه الآيات و الأحاديث و تفسيراتها و تاويلاتها و لديهم ادلتهم التي استندوا عليها قعودا أو خروجا و لكن القائلين بعدم الخروج اليوم يريدون ان يٌفهموا الناس أن السلف كانوا طبقا واحدا برأي واحد و تفسير واحد هو هذا الذي يتبنونه و هذا غلط كبير لكي لا نقول كذب فاضح. و الشيء الآخر هو أن أهل السنة والجماعة ليسوا دائما على صواب في كل المسائل و لا الآخرين دوما على خطأ و قد يكون الصواب في مسألة ما في جانب الخوارج او المعتزلة او الشيعة او حتى غير المسلمين و على المسلم إتّباع الحق اين وجده و من الجمود المزموم الاعتقاد بأننا دوما على صواب . و اخيرا الإسلام لم يقدم نموذجا محددا للحكم لأنه وسيله و هو مما يتغير بتغير الظروف لذلك اكتفي بذكر الغايات الكبرى منه و عليه فالاحاديث التي تمنع الخروج على الحاكم مثلها مثل الآيات التي تفصّل في التعامل مع الرق نتعبد آلله بتلاوتها و لكن لا مجال لتطبيقها لأنه لا يوجد رقيق اليوم و كذلك لا وجود للدولة الإسلامية المعنية بهذه الأحاديث، فالاستعمار نسخ الإثنين معا الرق و الدولة الإسلامية و اسس للدولة الوطنية و التي هي دولة المواطنة المتساوية بدستور مدني يكفل العدل بين المواطنين رغم اختلافاتهم و يعطيهم حق نقد سياسات الحاكم و معارضتها و التظاهر الخ و الحاكم نفسه يعترف بهذه الحقوق فما بالهم أحرص على الحكم من صاحبه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة