خُوّة البشير .. خُوّة خاسرة بقلم عبد الجبار عبد الله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 11:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-24-2018, 05:36 PM

مقالات سودانيزاونلاين
<aمقالات سودانيزاونلاين
تاريخ التسجيل: 09-12-2013
مجموع المشاركات: 2045

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خُوّة البشير .. خُوّة خاسرة بقلم عبد الجبار عبد الله

    04:36 PM December, 24 2018

    سودانيز اون لاين
    مقالات سودانيزاونلاين-phoenix Arizona USA
    مكتبتى
    رابط مختصر


    مليون سلام يا شعبنا .. والبزدريك يا ويلو من غضبك عليهو ومن مشيك



    ما حفزني إلى كتابة هذه الكلمة، رعونة استجابة النظام لانتفاضة المدن وبشاعة ما رأيت من من وحشية عناصر أمن النظام وأفراد مليشياته واستسهالهم إطلاق الرصاص الحي في مواجهة حشود المتظاهرين. فتلك حمم براكين الغاضبين المحتجين على خيبة سياسات الإنقاذ المستمرة على مدى ثلاثين عاما لم يجنِ منها الشعب شيئا كما قالت شاعرة ناقمة على ضنك العيش وسوء الحال في أعماق الريف في ذلك التسجيل الصوتي المتداول عبر مختلف وسائط التواصل الاجتماعي.

    لملمتَ خيرنا وطبلتو بي مفتاح
    شِن لقينا معاك غير التراب كُرتاح
    شعبك حزين وكِتِر عليه تقصيرك
    كان عندك ضمير ما بتقدر تنوم في سريرك

    وما أكثر إبداعات شعبنا وتنوع أشكال تعبيره عن غضبه واحتجاجه على ما آل إليه حال بلادنا من جراء سياسات الإسلامويين الرعناء وشذاذ آفاقهم الذين ساموه العذاب وأذاقوه الأمرّين خلال سنوات حكمهم الطوال العجاف. فما بين النكتة الساخرة وفن الكاريكاتير والرسومات المتحركة ولقطات الفيديو وفنون التمثيل والعرض المسرحي، ما بين الشعر والأغنية السياسية ومختلف فنون القول والكتابة، فيضٌ زاخرٌ من الهجاء لبلهاء الإنقاذ وجلادي الشعب ومحتقري كرامته وإنسانيته. و تكمن في ذلك التنوع الإبداعي أيضا سبيطة عناقيد الغضب الشعبي االذي تناثر الآن ليعم كل مدن السودان بلا استثناء. حشود وجموع شعبية هادرة كالسيل العارم، هتافات تنادي برحيل النظام وتنشد فجر الخلاص وشروق شمس الحرية، زغرودة تحمي ظهور الثائرين وكأس أفراح تدار، أناشيدٌ أهازيجٌ أغنيات تأتي عفو الخاطر المغبون المكلوم.


    ولنا من ذلك صورة أولئك الطفلين الصغيرين بين ثوار مدينة عطبرة الباسلة، اللذين يمسك أحدهما بعصا في يده بينما تلوح أصابع الآخر بإشارة النصر. منتهى البراءة والجسارة والإقدام في آنٍ مع جموع الأهل والكبار الثائرين. كان أكتوبر في أمتنا منذ الأزل.. كان أسياف العُشر ومع الماظ البطل كما قال ود مكي في مديح الظل العالي وذلك الجبل الشامخ الذي يسمونه الشعب. وكأن لسان حال تلك الصورة لأطفال عطبرة يقول لجلاوزة الإنقاذ وطغاته من قساة القلوب وفاقدي النخوة والهمّة: يا كبرياء الجرح إن متنا لقاتلت المقابر.

    إنها من أجمل صور القرن الحادي والعشرين لو تعلم يا "رخامة الرئيس" وهي من أبلغ الإدانات الموجهة إليك وإلى نظامك الفاسد الذي ما زلت تعتلي سنامه على مدى 30 عاما حسوما، راحت كلها خصما على الوطن وعلى حياة ثلاثة أجيال من الشباب السوداني.

    وما أجمل تلك الطفلة التي شاعت عنها قولتها الشهيرة مضيفة بها إلى اللغة اشتقاقا صرفيا جديد لنج "إنت لكن ما بالغت بوليغ يا عمر"!. وتلك التي قالت لأختها الكبرى بلهجة عامية سودانية مكسّرة، بها خليط ما بين العربية والإنجليزية ردا على سؤال الأخت الكبرى:
    إنتي أُمر البشير دا البريزدنت هقّـنا؟
    لا لا .. دا البريزدنت هق ناس ماما وبابا بس. فتأمّل يا عمر كيف يتبرأ منك حتى الأطفال، وكيف صرت في نظرهم كما الكلب السعران الذي لا يقربه الناس!

    وعلى المنوال ذاته انظر إلى أولئك الصبية الصغار من المسيرية في كردفان وهم يؤدون تلك الرقصة الإيقاعية المثابرة الحازمة حزم الرجال البالغين على إيقاع المردوم ويرددون خلالها كلمات ولحنا قطعوه من رؤوسهم ومن ينابيع إلهام براءتهم تشنيعاً بك وتعبيرا عن انقطاع عشمهم فيك بقولهم:

    خوة البشير خوة خاسرة
    حركات حركات
    خُوة خاسرة
    جننوا البنات
    خوة خاسرة..

    وما أبلغ القول بالخوة الخاسرة التي لا نفع فيها ولا عشم ولا رجاء، حتى على مستوى الخُوة والعُشرة العادية البسيطة بين عامة السودانيين، ناهيك عن كونك رئيسا لبلاد كان طولها وعرضها مليون ميل مربع تمتد من نمولي جنوبا إلى حلفا شمالا ومن الجنينة غربا إلى بورتسودان شرقا. وفي حركة أرجل الصبية الراقصين هؤلاء تأكيد وهجاء مرئي فصيح لشناعة خوّتك الخاسرة وبوارها.

    وكيف لا نهزأ بك ونسخر منك، حتى أطفالنا، وقد رأيناك في محن وعجائب عروضك الأراجوزية الكاريكاتيرية المتعددة التي من بينها ذلك الحفل العائلي الرئاسي وأنت تتمايل نشوة وطربا على إيقاعات أغنية الفنان الراحل أحمد المصطفى الشهيرة "بنت النيل" وكيف أنك كدت تطير محلقا في سماوات الطرب والانتشاء وحولك ذلك العقد النضيد من الصبايا السوريات حين يصل المغني إلى مقطع

    ليك من سحر الجنوب قسماتو
    ومن سحر الشمال نسماتو

    ويا حليل الجنوب الراح ، ويا حليل جدودنا الوصونا على الوطن...على التراب الغالي الما ليه تمن! فأي خوة معك .. أي عشم فيك في مبدأ القول ومنتهاه يا أيها الغافل عن أوجب مسؤوليات الرئاسة ومهامها: الحفاظ على وحدة الوطن وترابه؟ ولكنه عفو خاطر الطفولة ينسرب من جوف العتامير وأطراف البلد النائية يأتيك في أدبنا وأهازيجنا ورقصاتنا الشعبية حاملا من سبائط ذلك الغضب العارم الزاحف إلى المدينة في اتجاه عكسي ملحوظ هذه المرة على نقيض الهبات الشعبية السابقة في أكتوبر 1964 ومارس أبريل 1985. وهو بحد ذاته إبداع سياسي فريد وتجلٍّ آخر من تجليات إرادة الشعب السوداني التي لا غالب لها.

    ومن انقطاع العشم هذا في حكمكم البائر يا "رخامة الرئيس" ما جاء في قول الشاعرة الريفية نفسها:

    بي زوق يا رئيس أحسن تفوت تختانا
    صبرنالك كتير وكان قُمنا ما بترجانا
    حُمرة عين وقلب قوي
    لا سلاح ولا جبخانة.

    وأما زلت تذكر يا ريّس يوم أن رددت مع تلك الطالبة في الدورة المدرسية في بورتسودان مقطعا من أغنية عثمان حسين: لما حار بي الدليل؟ كان ذلك قولا بليغا وعميق المعنى والدلالة السياسية على الرغم من أنه كان محض غفلة بلهاء منك؟


    لمّا حار بي الدليل... رد اعتبار لعبارة الطيب صالح الشهيرة

    وعن حيرة دليل الإنقاذيين هذه نحكي ونرى كيف أنها تفسر توهان سفينتهم الغارقة منذ يونيو 1989 بل ربما منذ عام المصالحة الوطنية مع نظام نميري في عام 1978 ، وكيف أنهم باتوا في حيرة من أمرهم الآن فلم يجدوا ما يواجهون به هذا التسونامي الشعبي العارم المزلزل سوى العنف الأرعن ومنطق القوة والقتل والرصاص.

    عطفا على مكنونات الغضب الشعبي العارم على "كسب" الإخوان المسلمين، كما يسميه شيخهم الراحل حسن الترابي، أرد الاعتبار هنا لعبارة أديبنا الكبير الطيب صالح " من أين جاء هؤلاء؟" وما تلى ذلك من تساؤلات ماثلة اليوم في حاضر انتفاضتنا الشعبية أورد بعضها.

    "هل السماء ما تزال صافية فوق أرض السودان أم أنّهم حجبوها بالأكاذيب ؟ هل مطار الخرطوم ما يزال يمتلئ بالنّازحين ؟ يريدون الهرب الى أيّ مكان ، فذلك البلد الواسع لم يعد يتّسع لهم . كأنّي بهم ينتظرون منذ تركتهم في ذلك اليوم عام ثمانية وثمانين .

    هل ما زالوا يتحدّثون عن الرخاء والناس جوعى ؟ وعن الأمن والناس في ذُعر ؟ وعن صلاح الأحوال والبلد خراب ؟

    الخرطوم الجميلة مثل طفلة يُنِيمونها عُنوةً ويغلقون عليها الباب ، تنام منذ العاشرة ، تنام باكية في ثيابها البالية ، لا حركة في الطرقات . لا أضواء من نوافذ البيوت . لا فرحٌ في القلوب . لا ضحك في الحناجر . لا ماء ، لا خُبز ، لا سُكّر ، لا بنزين ، لا دواء . الأمن مستتب كما يهدأ الموتى .
    نهر النيل الصبور يسير سيره الحكيم ، ويعزف لحنه القديم \" السادة \" الجدد لا يسمعون ولا يفهمون
    يظنّون أنّهم وجدوا مفاتيح المستقبل . يعرفون الحلول . موقنون من كل شيء يزحمون شاشات التلفزيون وميكرفونات الإذاعة .
    يقولون كلاماً ميِّتاً في بلدٍ حيٍّ في حقيقته ولكنّهم يريدون قتله حتى يستتب الأمن.

    مِن أين جاء هؤلاء النّاس ؟ أما أرضعتهم الأمّهات والعمّات والخالات ؟ أما أصغوا للرياح تهبُّ من الشمال والجنوب ؟ أما رأوا بروق الصعيد تشيل وتحط ؟ أما شافوا القمح ينمو في الحقول وسبائط التمر مثقلة فوق هامات النخيل؟
    أما سمعوا مدائح حاج الماحي وود سعد ، وأغاني سرور وخليل فرح وحسن عطية والكابلي وأحمد المصطفى ؟ أما قرأوا شعر العباس والمجذوب ؟
    أما سمعوا الأصوات القديمة وأحسُّوا الأشواق القديمة ، ألا يحبّون الوطن كما نحبّه ؟

    إذاً لماذا يحبّونه وكأنّهم يكرهونه ويعملون على إعماره وكأنّهم مسخّرون لخرابه ؟"

    فعبارة الطيب صالح هذه لم "تقع في الواطا" لأنها تسائل من مدخل ثقافي أنثروبولجي "حيرة دليل الإنقاذيين" وغربتهم عن الشعب وعجزهم البنيوي الفكري والنفسي عن فهم المزاج الشعبي السوداني العام وتعقيداته وتشعباته في تمرده الدائم على القهر والظلم والاستبداد وتوقه إلى الحرية.


    دين أبوهم اسمو إيه؟

    لقد جاء الإسلام السياسي المتطرف بصيغته وتأويله الوهابي الذي تتبناه جماعة الإخوان المسلمين ونظامها الحاكم الآن غريبا إلى السودان وسيعود منه منفيا غريبا إلى حيث جاء من صحراء نجد وأفكار سيد قطب وحسن البنا وأحمد ديدات وراشد الغنوشي وغيرهم. ومن يحتج على سؤال الطيب صالح هذا بإرث الثورة المهدية، فقد خابت مقارنته لأن الثورة المهدية -وعلى الرغم مما صحبها من فظائع وأهوال- كانت ثورة وطنية تحررية ضد المستعمر الدخيل، قلبها على الوطن واستثقلاله وتحرره من نير الحكم الأجنبي، على نقيض حركة الإخوان المسلمين التي لا ولاء لها للوطن في الأساس، ولا نزوع لوجدانها إلا لما فيه خدمة لمصالح التنظيم الإسلامي العالمي التي لا تعلو عليها مصلحة.
    الإسلام السياسي الوهابي المتطرف هو الرحم الغريب الذي انسل منه غلاة الإنقاذيين وطغاته. وهذا مكمن غربتهم على الشعب السوداني وتراثه وتقاليده وأخلاقه. هذا هو مكمن دائهم وعلتهم وحيرة دليلهم وتوهان سفينتهم منذ نشأة تنظيمهم في منتصف القرن الماضي وإلى يومنا هذا.

    والدليل على ذلك ما آل إليه حال البلد الآن وحال مواطنيه: إلى أرض محروقة خراب. فقد جعل التنظيم الإسلامي العالمي من السودان قلعة لتدريب إرهابييه وتوفير ملاذات آمنة لهم، علاوة على جعله معبرا لتوسيع نطاق نفوذ التنظيم ونشاطه في المنطقتين العربية والإفريقية. وتلك أجندات لا ناقة للسودان فيها ولا جمل. ومع ذلك ما زال الشعب السوداني يدفع ثمنها باهظا من جراء العقوبات الدولية المفروضة على السودان، ومن جراء ملاحقة البشير وخمسة من كبار قادة نظامه دوليا من قبل المحكمة الجنائية الدولية على ما ارتكبوه من جرائم إبادة جماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق أهلنا في دارفور في عام 2003. وذلك مما اعترف به البشير نفسه بعضمة لسانه في شريط فيديو يقول فيه: "لقد قتلنا أهلنا في دارفور لأتفه الأسباب".

    وغربة الإنقاذيين عن الشعب هي التي تفسر اختطافهم لجهاز الدولة بكامله وتحويله أداة رئيسية للتمكين والنهب الاقتصادي المؤسسي المنظم لموارد البلاد من بترول ومعادن وضرائب وزكاة ومعونات اقتصادية وديون خارجية كان الأولى توظيفها لإعمار البلد وتحسين معيشة أهله ورفاه شعبه. ولكن ذلك لم يحدث إلا لأن الشعب والبلد ليسا من أولوياتهم أصلا. وبعد أن حدثت المفاصلة وانشق التنظيم إلى مؤتمر شعبي رجله مع النظام الحاكم ورجله الأخرى مع المعارضة من جهة ومؤتمر وطني ممسك بزمام السلطة التي آلت في نهاية المطاف إلى هيمنة العسكر وأجهزة الأمن والقمع من جهة أخرى، تفسخ التنظيم وسلطته الحاكمة إلى عصابات مافيا إسلامية صريحة لا علاقة لها بإدارة شؤون الدولة ولا بمفهوم الدولة نفسه من الأساس. وبالتالي، أصبح الشغل الشغل لأفراد هذه العصابات الحاكمة النهب ثم النهب ثم النهب، ومن بعده التمتع بزينة الحياة الدنيا وترفها وملذاتها من كل شاكلة ولون. وبعد أن أنزل هؤلاء نعيم جنتهم على الأرض، في مقابل الكوميديا الإلهية التي خلقوها لجحيم السودانيين وسعيرهم ولظاهم، تنكروا لأناشيدهم الحماسية الجهادية في باكر عهدهم وأنفوا عنها.

    مالي أراك تكرهين الجنة؟
    أمريكا روسيا قد دنا عذابها

    وما شابهها وإليها.

    وفي عبارة الطيب صالح تلك نظرة حصيفة إلى تلك "الغربة" بين شعب يغني ويلهج بوجدان وطني وجلاد عدو للشعب يلهج ويغني بلسان أجنبي منبت الجذور والانتماء إلى الوطن وترابه، قلبه على تنظيم متطرف عالمي وله تطلعات وأشواق لا علاقة لها بالسودان ولا شعبه. جوع وموت وقنابل على أهلنا في جنوب النيل الأزرق ودارفور وجبال النوبة، وقلب حنون عطوف ويد سخية ممدوة لحركة حماس في غزة وحركة الشباب الإسلامي في الصومال. وأموال عامة تصرف بالهبل على تجنيد وتدريب مقاتلي تنظيم بوكو حرام والسليكا وغيرهم في منطقتي غرب إفريقيا وإفريقيا الوسطى. قرى كاملة تحرق في دارفور ويطرد منها سكانها الأصليون ليحل محلهم مرتزقة مأجورون يؤتى بهم من النيجر وغيرها لمساندة مليشيات الجنجويد وقوات النظام في حربها على أهلنا في دارفور.

    "والاغتراب ..
    يا بونا ما طول الغياب
    الاغتراب ..
    قالوا البخونك ويزدريك"
    في قول شاعرنا محجوب شريف.

    ذلك مكمن غربتهم في سؤال من أين جاء هؤلاء؟

    ومن تجلياتهم غربتهم الروحية النفسية عن وجدان الشعب السوداني أيضا ما جاء في تلك المذكرة السرية التي وزعها شيخهم الراحل حسن الترابي على الأجهزة الأمنية للتنظيم حين كانت بيده كل مفاصل تأمين انقلابهم على الديمقراطية في يونيو 1989 وكانت قد نشرتها صحيفة الميدان السرية في حينها. حوت تلك المذكرة فكرة شيطانية لعينة لم تخطر على ذهن سوداني قط: "إن أمن الثورة وتثبيت أركانها لا يعرف أبا أو أخا أو صديقا أو جار. فعلى الأب أن يبلّغ عن ابنه، والأخ عن أخيه والزوج عن زوجته والجار عن جاره. وإذا ما استقطبت أجهزة الأمن ما تستطيع من اللقطاء وأبناء الشرائح المستضعفة التي لا سند اجتماعيا لها، وأصبحت الثورة سندا وحيدا لهم، فإن بوسع هؤلاء أن يقوموا بالمهام التي يعجز عن القيام بها الأفراد العاديون". وتلك فكرة إيرانية مستوحاة بكاملها من تجربة حرس الثورة الإيرانية. وكان حينها نظام الإنقاذ قد أرسل إلى إيران عددا من أفراد جهاز الأمن في مطلع التسعينيات لتلقّي التدريب على مهارات التعذيب والتحقيق والاستخبارات وغيرها مما كان يلزم تأمين الثورة وتثبيت أركانها على حد قول شيخهم وعرابهم حينئذ.

    ولئن رأينا عناصر أمنهم ومليشياتهم اليوم وهي تطلق الرصاص حتى على رؤؤس أطفالنا المتظاهرين، وتنهال هراواتها على الأمهات والأخوات، وتركل بأحذيتها القذرة الشيوخ والعجزة من الرجال والنساء،

    ولئن رأيناها وهي تتحرش بالنساء وفتيات المدارس والجامعات وتلوّح في وجوههن علنا بسلاح الاغتصاب الجماعي -وهو ما تكرر فعله وممارسته في مرات كثيرة،

    لئن رأينا كل ذلك منها وأكثر في قادم الأيام العصيبة القادمة في المواجهة الفاصلة مع هذا النظام الدموي المعادي لتطلعات الشعب إلى الحرية والكرامة والعيش الكريم، وإلى وطن معافى،
    فإنّ علينا أن نذكر أن خُوّة البشير ونظامه خُوّة خاسرة خاسئة كما في تلك الرقصة الرشيقة البديعة لأطفالنا من قبيلة المسيرية.

    وإنّ علينا أن نرد ذلك ونفهمه على خلفية تساؤل أديبنا اللّماح الطيب صالح منذ باكر عهد الجماعة: من أين جاء هؤلاء؟

    ويا كبرياءَ الجُرح إن متنا لقاتلت المقابر.

    وإن إرادة الشعوب لا غالب لها أيها الغرباء الواهمون. وليذكر طغاة الإنقاذ حكمة التاريخ المأثورة في قول شاعر الشعب الراحل محجوب شريف

    والبزدريك يا ويلو من غضبك عليهو ومن مشيك
    يا ويلو من أجلو الوشيك























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de