على قناةِ الجزيرة: مُحَامِ مصرى يُخطِئ فى تكيِّيفِ جريمة إغتيال خَاشُوقجِى بقلم عبد العزيز عثمان سا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 11:14 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-02-2018, 10:22 PM

عبد العزيز عثمان سام
<aعبد العزيز عثمان سام
تاريخ التسجيل: 11-01-2013
مجموع المشاركات: 244

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
على قناةِ الجزيرة: مُحَامِ مصرى يُخطِئ فى تكيِّيفِ جريمة إغتيال خَاشُوقجِى بقلم عبد العزيز عثمان سا

    10:22 PM November, 02 2018

    سودانيز اون لاين
    عبد العزيز عثمان سام-
    مكتبتى
    رابط مختصر


    بتاريخ يوم الأربعاء 31 أكتوبر 2018م فى تمام الساعة 06:20 مساء بتوقيت مَكَّةِ المُكَرَّمَة وعلى الهوَاءِ مباشرة، وفى اطار تغطيتها الجَادّة والمُستمِرَّة للحادِثةِ البشِعة إغتِيال الكاتب الصحفى جمال خاشُقجِى دآخل القنصلية السعودية بإستانبول تركيا، إستضَافت قناة الجزيرة "العربية" على الهواءِ مباشرة من القاهرة محامِ مصرى إسمه "محمود إبراهيم" تمَّ تقديمه على أنَّه محامٍ مصرى ومُحلِّل سياسى. فسأله المُذِيع كيف يرَى التكيِّيف القانونى لهذه الجريمة التى روَّعت العالم وهدَّدتِ من جديد حريَّةِ الرأى والتعبير وخاصَّة الصحفِيِّين؟. وفأنطلقَ المحامِ المصرى يقول رأيه "القانونى" فى تكييفِ الجريمة وقال ما نلخِّصُه فى الآتِى:
    . بدون وجُود جُثمَان المرحوم جمال خاشُقجِى لا يمكن ترتيب مسؤولية جنائية على المتهمين الثمانية عشر المقبوض عليهم ومُحتجزِين فى المملكة السعودية.
    . ولا يمكن تحديد مسؤولية جنائية ضدَّهم بدون تحديد دور كُلٍّ منهم، وضرب مثلا: من الذى خنقَ المرحوم حتَّى الموت؟ ومن الذى قطَّع جُثَّته؟ ومن وضعها فى أكياس؟ ومن قام بالتخلَّص منها؟.. إلخ.
    . وختمَ بقولِه: لو أنَّه عُيِّن مُحَامِياً للمتهَمِين لطلب منهم إنكار إرتكاب الجريمة وعدم الإعتراف بها، وأنَّه سيُخرِجهم منها أبرياء كالشَعْرَةِ من العَجِين!.
    وفشلَ المحامِ إبراهيم محمود فى الإجابَةِ على جميعِ الأسئلة لتى وَجَّهَها له مُذِيع قناة الجزيرة، وبالمُحَصَّلة سقطَ تمَامَاً فى الأمتحان الذى ما كان له أن يدخله و"يمَرْمِط" مكانَة المُحَامِ المصرى بذلك التبسيط والتسطيح الذى عبَّر عنه بلغة مُتهَافِِتة لا تمُت إلى القانون وفقهِه بصِلة إلا إذا كان الكلام فى القانون الجنائى وقوآعِده وعناصر الجريمة وكيفية ترتيب المسؤولية الجنائية هو ضربٌ من الفَهْلوَةِ وطقِّ حنَك بلا ضوآبِط.
    والذى أراه فى تكييفِ قضِيَّة إغتيال الصحفى جمال خاشقجى وفق صحيح قوَآعِد القانون الجنائى يختلفُ تماماُ عن ذلك الذى إستعرضَهُ المحامِ المصرى محمود إبراهيم على قناة الجزيرة مساء الأربعاء 31 أكتوبر 2018م.
    وأرى مُخلَّص الوقآئع فى جريمةِ إغتيال جمال خاشُقجِى كالآتى:
    . صدر قرار من جِهَةٍ عُليا ذات مسؤولية بالمملكة السعودية لمجموعة من مرؤوسِيها العاملين بالأجهزَةِ الأمنِيَّةِ والعسكرية لتنفيذ مُهِمَّة قتلِ الكاتب الصحفى جمال خاشقجى فى دولة تركيا دآخِل القنصُلِية السعودية بمدينة أستانبول. تمَّ اتخاذ القرار من جهَةِ عليا فى المملكة السعودية بناءً على معلومات استخبارية توفَّرت بأنَّ جمال خاشُقجى سيحضر إلى استانبول لإستخراج شهادة تثبت أنَّه "أعزَب" من قنصُلية بلدهِ ليتمكَّن من الزواج بخطِيبته خديجة جنكيز تُركية الجنسية. وبالفعلِ وصلَ القتيل جمال خاشُقجِى إلى استانبول. وبتاريخ 28 سبتمبر2018م ذهب برفقة خطيبته إلى القنصُلِية السعودية بإستانبول "مسرح الجريمة لآحِقاً" وتقدَّمَ بطلبِه للحصولِ على شهادَةِ بأنَّه غير متزوج. وقبِلت القنصلية الطلب، وطلبت منه الحضور يوم 2 أكتوبر 2018م لإستلامِ الخطاب، فشكرهم وذهب برفقة خطيبته على أن يعودَ يوم 2 أكتوبر لإستلامِ الشهادة.
    فى هذه الفترة الزمنية "من تقديم الطلب وحتى صدور الشهادة من القنصلية" قررت سلطات عُليا بالمملكة السعودية التخلُّصَ من جمال خاشقجى فخطَّطُو ودبَّرُوا للأمرِ من كُلِّ جوَآنِبه بإمكانيات الدولة، من حيث إستدراجه للحضورِ إلى مبنى القنصلية فى إستانبُول لقتلِه خنْقَاً وتقطيعِ جُثَّمانِه والتخلص منه. وبغرضِ دِراسة جميع مرَآحِل العملية على الأرضِ أرسلت السعودية فريقاً من ثلاثةِ أشخاص إلى إستانبول ذهبوا وخططوا وعادُو إلى السعودية.
    وفى الليلة السابقة ليومِ تنفيذِ الجريمة وصلت "فِرقة تنفيذ المُهِمَّة Task force" المكونة من 15 شخص إلى إستانبول وباتُوا ليلتهم فى فندقٍ مشهور لا يبعد كثيراً عن مبنى القنصلية السعودية. وفى صباح يوم الحادث 2 أكتوبر حضرت فرقة الموت إلى القنصلية السعودية بإستانبول وأعدُّوا العدَّة لإرتكاب جريمة قتلِ جمال خاشُقجى وتقطيع جثمَانه والخلاص منه، كما قاموا بسحبِ الأقراص الصلِبة من كاميرات المراقبة وصرفوا العمَّال المحلِيِّين من القنصلية بمنحهم إجازة فأنصرفوا، وأكملوا كافَّة التجهيزات بمسرحِ الجريمة.
    ولمَّا حانت ساعة الصفر طلبَ الجُناة من موظفِ القنصلية الإتصال بجمال خاشقجى وإبلاغه للحضورِ وإستلام أورَاقِه فهى جاهزة بالقنصلية. وبالفعلِ جاء جمال ودخلَ القنصلية كما صوَّرت كاميرات المراقبة الخاصَّة بالشرطةِ التُركِيَّة، ولم يخرج جمال من القنصلية حيَّاً، والرآجِح أنّ فرقة الموت ذات الخمسة عشر عضوا قامُوا بقتلِه خنقاً، ثمَّ تقطيع جُثمانِه بمُنشار أحضرته الفرقة لهذا الغرض، وكانوا يمارسون تقطيع الجثَّة على أنغامِ الموسيقى، وثُمَّ تخلَّصُوا منها. ثُمَّ عادَ فريق المُهِمَّة إلى السعودية على متنِ طائرتين مؤجَّرتين وآحدة عبر القاهرة والأخرى عن طريقِ دُبَى. بينما بقى القنصل فى إستانبول يضَلِّل السلطات التركية ووسائل الإعلام ويُنكر أنَّ جمال خاشُقجى موجود فى القنصلية أو فى المملكةِ السعودية، وظل على حالِه ذاك حتِّى غادَرَ مُؤخَّراً إلى السعودية.
    هذا هو الرآجح من وقآئِع هذه الحادثة حتَّى الآن، لم تتغير منها غير ردَّات فعل السعودية حيالها من انكار مُطلق، ثُمَّ إلى أنَّ المرحوم مات فى القنصلية أثناء شِجار بسببِ أنَّه رفعَ صوته بالصراخ فخنقه أحد أعضاء الفريق لإسكَاتِه فمات. ثمَّ إلى الإقرَارِ أخيراً وليس آخِراً بأنَّ جمال قُتلَ دآخل القنصلية السعودية بإستانبول وِفقَ خُطَّة مُدبَّرة مُسبقاً، أو ما يُسَمَّى فى القانون الجنائىWith premeditation أو مع سَبْقِ الإصرَارِ الترَصُّدِ. والأيام القادِمَة حُبلَى بالمزيدِ من الموِآقِفِ المُتغيِّرة والروايات المتجدِّدة التى تصدرُ بإستمرار من السعودية.
    وأزاء هذه الوقائع الوآضحة يكون الفعل الجنائى الذى وقع على المرحوم جمال خاشقجى وأوْدَى بحِياتِه ثُمَّ تقطيع جُثمَانه والتخلُّصِ منه هو "القتلُ غِيلَة" مع سَبْقِ الإصرار الترَصُّدِ من جُنَاةٍ خطَّطُوا ودَبَّرُوا لإرتِكابِ هذه الجريمة البشِعَة بعد أنْ قسَّمُوا أدوآرِهم فيها وحضرُوا إلى مَسرحِ الجريمة وشارَكُوا فى تنفيذِها بشكْلٍ أو آخر. وبالنتيجة فإنَّ جميع الذين حضروا إلى إستانبول (15) ونفَّذوا الجريمة تكونُ مسؤوليتهم مُشترَكة ويُتَّهَمُوا جميعاً تحت مَادَّة "نظرية الأفعال لمشتركة" The Doctrine of Joint Acts)) المادة 78 فى القانون الجنائى السودانى 1974م مقروءة مع مواد القتل العمد مع سبقِ الإصرار والترَصُّدِ أو"القتل غِيْلَة".
    وبالمُحصِلة يتأكَّد الآتى:
    وفق نظرية الأفعال المشتركة المتهمين الـ (15) الذين حضروا إلى إستانبول وذهبوا إلى مبنى القنصلية السعودية وقاموا بتنفيذ الجريمة جاءوا "بقصدٍ مشترك" وكلَّهم مسؤولُون جنائياً بنفسِ الدرجة ويطِبقُ عليهم عقوبة وآحِدة حال الإدانة، بصرفِ النظر عن تحديدِ دورِ أىٍّ منهم، مثلاً: من الذى خنقَ الضحِيَّة حتَّى الموت، ومن الذين طعنَه بالحُقن، ومن الذى قامَ بتقطِيع الجُثَّة بعد الوفاة، ومن الذى قامَ بالتخلُّص من أجزاءِها المُقطّعة والأحشاء. كلَّ هذه التفاصيل غير مُهِمَّة لأنَّ كل وآحد من أعضاء فريق الموت مسؤل عمَّا حدثَ كأنَّه فعلها وحده طالما أن القصد مشتركٌ بينهم جميعا، فهُم سواء فى المسؤولية الجنائية والإدانة والعقوبة.
    وهذه الجريمة تشبَهُ، إلى حدٍّ ما، سابقة إنجليزية قديمة، مُختصرُها أنَّ خمسة بحَّارة كانوا على مَتْنِ سفِينتِهم فى أعالى البِحَار فنفذَ منهم الطعام فجَاعُوا وكادوا أن يهلَكُوا. فقرَّرُوا أن يأكُلُوا أحدِهم! فوقعَ إختيارَهم على الأصْغرِ سِنَّا، فذبَحُوه وأكلُوه وبذلك نجُوا من مَوتٍ مُحقَّق. ولمَّا وصلُوا الى البَرِّ دفعُوا بـ"الضرَورة" إى أنَّهم أضْطُرُّوا لأكلِ المرحُوم لينجُوا من الموتِ. وكانَ السؤال الجوهرى للقضاءِ الإنجليزى هو: لماذا وقعَ الإختِيارُ على المرحومِ ليؤكل دون غيره من المآثِلين أمام المحكمة؟!، ماذا كانَ مِعيارهم فى إختياره؟ فبُهِت الذين أكلوا القتيل. فأدانتهم المحكمة الإنجليزية بالقتلِ العمْدِ، وحكمت عليهم جميعاً بالإعدامِ. ووجهُ الشبه أنَّ المتَّهمينَ فى الحالتين قاموا بفعِلٍ مشترك وأنَّ الضحية فى الحالتين قد غُيِّبَت. فهل أكلَ قتَلَة جمال خاشُقجى أيضاً جُثْمَانَه!؟.
    هذا التكييف يختلِفُ تمَامَاً عمّا أدلَى به المحامِ المصرى على قناة الجزيرة. فهو يتحدَّثُ عن "إشتراك جنائى" كأن يكون للجناة "نفس القصد" دون أن يكون لهم "قصدٌ مشترك" بينما الوقآئع أثبتت أنَّ الجناة الـ(15) قدِمُوا من السعودية لتنفيذ جريمة قتل جمال خاشٌقجى وتقطيع جُثَّتِه وتبدِيدِها فهذا "فعلٌ مُشترك بقصدٍ مشترك" وتخطيط وتنفيذ مُشترك بهدفِ الوصول إلى غاية مُشتركة. وهو ما نعتقدهُ نحنُ ونكيِّفُ بها وقآئع هذه الجريمة وأن (نظرية الأفعال المشتركة) (The Doctrine of Joint Acts) هى من أعظم نظريات القانون الجنائى فى القانون العام، وتَعَرِيف هذه النظرية كالآتى: (إذا إتِّفقَ شخصَان أو أكثر على إرتكابِ جريمة، وخطَّطوا لتنفيذِها سَوِيَّاً، وحضَرُوا إلى مسرَحِ الجريمة وشارَكُوا فى تنفيذِها بشكْلٍ أو آخر. فيكونُ كلُّ وآحِد منهم مسؤولاً عن إرتكَابِها كمَا لو إرتكبَها وَحَده).
    وأهَمَّ سِمات تطبيق نظرية الأفعال المشتركة هى عدم تجْزِئة المسؤولية الجنائية على المُتَّهمِين طالما توفَّرت عناصر النظرية على النحوِ الوآرد فى التعريفِ أعلاه.
    ومن الوقآئِع المنشورة والمُسرَّبة حتَّى الآن والإفادات الوآردة فى جريمَةِ إغتيال جمال خاشُقجِى فإنَّ التكييفَ المُناسِب هو أن يُتَّهمَ جميع الجُنَاة الذين نفَّذوا الجريمة تحت مواد القتل العمد مع سَبقِ الإصرارِ الترَصُّدِ (الغِيلَة) مقروءة مَادَّة "نظرية الأفعال المشتركة" لتوفُّرِ عنَاصِرها. ولا يصحّ تجزِأةِ المسؤولية الجنائية على المتهمين حسب دورِ كلٍّ منهم، بل يُتَّهمُوأ ويُدَانُوا ويُعاقبوا جميعاً بنفس التُهمٍ والإدانة والعقوبة كأنَّ كل وآحد منهم قد إرتكب لوحدِه كل أنشطة العملية الإجرَآمِيَّة.
    نريدُ أن نسمَعَ من المحامِ المصرى ردَّاً على هذا الذى أوردنا لفائِدةِ التثاقُفِ والقانونى، ولخطُورَةِ إطلاق الرُؤى فى مثلِ هذا الموضوعِ الخطير على عَوَآهِنِه، فالآراء المِهنِيَّة يجِب أن تُطلقَ برَوِيَّة وحيطَة وحذر، حتَّى لا ترتِب نتائِج سالبة.
    هذا، ومن أهمَّ القضايا التى طبَّقَ فيها القضاء السودانى "نظرية الأفعال المشركة" (المادة 78 جنائى) هى قضِيَّة حكومة السودان ضد الشيخ عجب الدور وآخرين المنشورة فى مجَلَّة الأحكام القضائية (1969م) ص 78 (النص باللغة الإنجليزية). وتتلخَّص وقَآئِع القضِيَّة أنَّ الشيخ عجب الدور وآخرين إعتدُوا بالهجُومِ على المجنى عليهم وقتلوا منهم مجموعة وجرحُوا آخرين. وكانت على المحكمة أن تجِيبَ على سؤالٍ جوهرِى حول العنصر المعنوى للجريمةِ أو قصد الجناة من الهجومِ على المجنى عليهم؟. فأرستِ المحكمة العليا سابقة قضائية مُهِمَّة عندما طبَّقت "نظرية الأفعال المشتركة" فقررت أنَّ القصدَ المُشترك للجُنَاةِ الشيخ عجب الدور وآخرين هو تسبيب الموت للمجنى عليهم، وأنَّهم كانوا يعلمونَ أن موتَ المجنِى عليهم هو النتيجة الرآجِحة لفعلِهم وليست مجرَّدَ نتيجة مُحتَملة. وثبَّتت هذه السابقة أنَّ القصدَ المُشتَرك لا يتوفَّر فقط بإثباتِ أنَّ المُتَّهمِينَ اتَّفقُوا على ضربِ المجنى عليهم، بل يجِبُ أن يثبُتَ قصدِهم المُشترَك بإرتكابِ الجريمة التى أُرتُكِبَت بالفِعلِ.
    والطريف فى قضيةِ الشيخ عجب الدور أنَّ أحدَ الجُنَاة لم يشاِركْ البتَّة فى قتلِ المَجْنِى علِيهم، فكانَ قد كُلِفَ بحِرَاسَةِ إبلِ الجُنَاة أثناء هجوم الآخرين على المَجْنِى عليهم. فقرَّرتِ المحكمة العليا بقوَّة: أنَّ هذا المُتهم صحيح أنَّه لم يُشَارِك فى قتلِ المجنى عليهم، ولكنَّه إتفق مع بقية الجناة على قتل المجنى عليهم، وتنفيذا لما اتفقوا عليه حضر معهم إلى مسرحِ الجريمة، وساهم بشكلٍ أو آخر على تَمَامِ تنفيذه، فهو بالتالى مسؤولٌ عن إرتكَابِها كما لو كان قد إرتكَبَها وَحْدَه (المادة 78 جنائى) فقرَّرت إدانَتِه وتوقيع عقوبة الإعدام عليه كبقِيَّةِ الجُنَاة.
    من هُمِ المحرِّضين على قتلِ جمال خاشُقجى؟ :
    كلَّ من أمرَ ووَجَّه وأرسلَ "فِرقَة الموت" إلى إستانبول لقتلِ جمال خاشوقجى دآخل قنصلية المملكة السعودية هم محرِّضُون على إرتكابِ هذه الجريمة. والقنصل الذى ساعدَ ورَتَّبَ للعملِية بشكلٍ أو آخر، ثمَّ تسَتَّرَ على الجريمة ولم يُبلِغْ عنها السلطاتِ المَحلِيَّة هو مُحرِّض أساس فى إرتكاب هذه الجريمة، ثُمَّ مُتسَتِّر.
    والتحريض على إرتكابِ هذه الجريمة مُتدَرِّج من أعلَى إلى أسفَل، وكلَّهم مُحرِّضون. وهناك قاعدة فى القانون الجنائى مفاده أنَّ "التحريضَ على التحريضِ، تحرِيض" أو(Abetment of abetment is abetment)
    وعقوبة المُحرِّض على إرتكابِ جريمة هى عقوبة الجريمة نفسِها: (إذا حرَّضَ شخصٌ آخر على إرتكابِ جريمة، وقام الشخصُ المُحرَّض بإرتكاب تلك الجريمة، يعاقبُ المُحرِّض بعقوبةِ الجريمة التى حرَّض على إرتكابِها). رُفعتِ الأقلام.
    الحصانة الممْنوُحَة لمَقارِ سفارات وقنَاصِل الدُوَل:
    الحصانة الممنوحة لمقارِ سفارات وقناصل الدول ليست حصانة مُطلقة بأىِّ حال، والسفارات والقناصل ليست جزُر معزُولة عن سُلطَةِ الدولة المانِحَة لها. هى حصانة لتمكين الدولة صاحبة السفارة والقنصلية من ممارسةِ مهَامِها الدبلوماسية وخدمات القنصلية بخُصوصِيَّة وإستقلالية. ولا تصل تلك الحصانة لدرجةِ جَعْلِ السَفَارة أو القُنصلِية مسرَحَاً لإرتكابِ جريمة كُبرَى مثل التى حدثَت فى قنصلية السعودية بإستانبول حيثُ إتَّخذَ الجُناة القنصلية مسرحاً لإرتكاب جريمة قتل وتقطيع أوصال القتيل وتبديدها! بينما تقف سُلطات تركيا الدولة المضيفة عاجزة ومُختَبِئة خلفَ "حصَانة" دبلوماسية!؟. هذا فهمٌ وتقدير خاطئ وسآلِب يرقى لدرجَةِ الإمْتِناع عن القيام بوآجِبِ مَنعِ وقُوع جريمة كان بالإمكانِ منعِها.
    والقاعدة الفقهية أنَّه: (إذا تعارضَت مفسدَتان، يُختارُ أهون الشرَّيَّن). وأهْوَن الشَرَّين فى حالةِ جريمَةِ إغتيال جمال خاشُقجى هو مُخالفة الحصانة الدبلوماسية وإقتحام القنصلية السعودية لإنقاذ جمال من القتلِ أو على الأقل متع تقطيعِ جسدِه وتبدِيدِه. ولا يُستسَاغُ أبداً القول بأنَّ الحكومة التركية ممنُوعة من دخولِ القنصلية السعودية لمنعِ وقوع جريمة قتل غِيلة على أرضٍ تُركِيَّة! هى حُجَّة وآهية مردود عليها بالقاعدةِ الفِقهية الذهبية "يُختارُ أهون الشَرَّيِن". وأهونُ الشرَّين هُنا إقتحام القنصلية السعودية بإستانبول لأنقاذ حياة شخص بريئ نزلَ بأرضِ تركيا دولة الخلافة الأسلامية، فوآجب حِمايته فى نفسِه ودَمِه ومَالِه يقعُ على دولة تركيا لا على قنصُلِيَّة السعودية. ولو كان المرحوم خاشُقجِى يثقُ بالسعودية لسافرَ إلى الرِياض وليس إستانبول. هذا خطأ فظيع ما كانت لتقع فيه حكومةِ الرئيس أردوغان.
    وهناك فرقٌ كبير بين أن يموتَ إنسان فى حادثِ حركة عندما تصدُمه سَيَّارة أو فى إصطِدَامِ سيَّارتين أو إنقلابِ سيارة. وبين أن تُستخْدَمَ سَيَّارَة "كأدَاة" لقتلِ إنسان حَى بأن تصدُمَه بها قصْدَاً أو تدْهَسَهُ كما يفعلُ المتشدِّدُون فى أوربا وفرنسا خاصَّة، هناكَ فرقٌ كبِير.
    والقنصُلية مقرٌّ لتصريفِ شؤون دولة ما فى أرضِ دولة أخرى، فلا يجوزُ جعلها وكرَاً ومسرَحاً لإرتكابِ جرآئِم بشِعَة مثل أغتيال جمال خاشوقجى بقنصُلِيَّةِ السعودية فى إستنانبول. فاللحظة التى تتحول فيها السفارة والقنصلية إلى مسرح لإرتكابِ جريمة تنتفِى الحصانة الدبلوماسية فوراً ويجبُ على السلطات المحلية للدولة المُضيفة التدخُّل فوراً لمنع وقوعِ الجريمة، أو لتوقيفِ الجناة والتحرِّى معهم وجمع البيِّنات لمُحاكمتِهم أمام قضاء الدولة المُضِيفة التى وقعت فيها الجريمة.
    لذلك، فالذى حدث أثناء وبعد إغتيال جمال خاشوقجى فى قنصلية السعودية بإستانبول كشفَ عن قصورٍ وسوء تقدير من السلطات التركية Recklessnessفأذا ثبتَ أنَّ هذا القصور حدثَ بحُسنِ نِيَّة فإنَّ ذلك يوُجِبُ على الحكومةِ التركية تعويض أُسرة جمال خاشقجى وخطيبته على الضررِ الذى وقع لهم، وهذا أضعف الإيمان. وعلى جميعِ الدُولِ أن تحذر حتَّى لا تنقلب سفارات وقنَاصِل الدول إلى مجازر لذَبحِ وتعبِئة وتصدِير جَثَآمِين المُعَارِضين السياسيين.
    أعتراف المُتَّهم أو إنكاره:
    وردَ فى إفاداتِ المحامِ المصرى على قناة الجزيرة أنَّه إذا كُلِّف مُحَامِياً للدفاعِ عن هؤلاء الجناة فإنَّه سيطلبُ منهم عدم تسجيل إعتِرَافات قضائية بإرتكابِ الجريمة!.
    والقاعِدَةُ فى الجناياتِ أنَّ المُتَّهمَ برِيئ حتَّى تثبُتَ إدانَته فوق مرحلَةِ الشَكِّ المعقُول. وأنَّ المُتَّهمَ غير مطلوب منه إثبات برَاءته، وعلى الإدِّعَاءِ العَام أن يجلِبَ الدليل والبيِّنة لإثباتِ إدانة المتَّهم ودَحضِ قرِينة برَاءَتِه المُفترَضة. ولهذا يجِبُ أن يكونَ إعتراف المُتَّهم أو إنكاره أمْرَاً مترُوكاً لضمِيرِ المُتَّهم يقرِّره بإرادته المُنفرِدَة وإختياره الشخصى، وأنَّه بالخيار أن يعترفَ أو ينكِر. وإذا إعترفَ المُتَّهمُ أثناء التحَرِّى والتحقيق يؤخذ إلى القاضى لتدوين إعترافه، وأوَّلَ ما يقومُ به القاضى هو سؤال المُتَّهم للتأكُّدِ من أنَّه يُدلِى بإعترَافِه بطَوعِة وحُرِّ إختِيَارِه، ويُفهِمُه أنَّ أعترَافَه هذا سوف يؤخذ دلِيلاً ضِدَّه.
    والذى يلفتُ النظر فى إفادة المحامِ المصرى هو: هلْ من مهَامِ المُحَامِ وهو يترَافع عن مُوكِّلهِ المُتَّهم أن يُسقِطَ وآجِبه الأوَّل فى تحقيقِ العدالة؟ بإعتِبارِ المحاماة ركن أساس من أركان العدالة؟ وهل ما أطلقه المحامِ المصرى بتحريضِ المتهمين لعدمِ الإدلاء بإعترافات فعل يمُتُّ لأخلاقِ المِهْنَة بصِلَة؟.
    أختمُ بأنَّ إعترافَ المُتَّهمِ بما إرتكب من جرم هو أمرٌ شخصى يجِبُ أن يُتركَ تقريره لتقدِيرِ المُتَّهم نفسه لا يتدخَّل فيه غيره. فإعتراف المُتَّهم بالجريمة التى إرتكبها يغسِله من عذابِ الضمير، ويخَفَّفَ عنه نار الشعُور بالذنبِ الذى يأكله أكلاً، والمتهم عندما يعترف يجريمته يرتاح ويتجاوز محَطَّة عصِيبَة فى هذا الظرفِ العصِيب. فليكُّف المحامين عن تحريضِ المتهمين بعدم الإدلاء بإعترافات قضائية، لأنَّ فى الإعترافِ خير للمُتَّهمِ فى دُنيَاه وآخرته.
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de