عندما تناول آدم إسمث (Adam Smith) (الذي يطلق عليه لقب ابو علم الاقتصادي ) أمر الاقتصاد أبتدع مصطلح "اليد الخفية "The Invisible Hand " وأوكل لهذه اليد أمر تسير ومعالجة الشأن الاقتصادي دون تدخل او مساعدة من ألية أخري وبخاصة دون تدخل الحكومات. يفهم من مقولة أدم إسمث هذه ان السوق (الشأن الاقتصادي ككل) ينظم ويعالج ويوازن/ يزن نفسه بنفسه (تأسيساً بواسطة القانون " قانون الطلب والعرض" The Law of Supply and Demand" أسس مفهوم "اليد الخفية " للفكر الأقتصادي المعروف "بالأقتصاد الحر" (Free Economy) وأيضاً يعرف " بالنظام الرأسمالي " (Capitalism) الذي قامت عليه المدرسة الفكرية السياسية المسماه The Democratic School of Thought . يفهم مما تقدم أن أمر التنمية بشقيها المادي والبشري والرفاهية النابعة منها بحسب نظام " الاقتصاد الحر" شأن تقوم به آليات السوق فحسب . هذا مايفهم من الفكر الاقتصادي (ومكينته السياسية) نظرياً . أما دوافع الحال فتقول ان الولايات المتحدة الأمريكية التي يطلق عليها بلاد " الاقتصاد الرأسمالي الحر " تتعامل وتدير "الاقتصاد الكلي"(Macro-Economy) علي المستوي الفيدرالي ( The Federal Government ) "بأيادي ظاهرة " اذ ان القطاع العام الامريكي " يستخدم نسبة أكبر مما مستخدمه " القطاع الخاص". *في حوار تلفزيوني علي قناة BBC World (البريطانية الشهيرة) يوم الجمعة 5/10/2018 أشار الكاتب Michael Lewis "أن الحكومة الفيدرالية الامريكية هي أكبر مستخدم في العالم : "The Federal Government is the largest enterprise in the World" دار هذا الحوار في برنامج Business Briefing وتناول كتاب The Fifth Risk للكاتب Michael Lewis
وكنتيجة لهذا التطور في إدارة الاقتصاد الكلي الامريكي ظهرت مصطلحات وعلوم ومهن وتخصصات ومتخصصين من شاكلة :
المؤسسات العامة Public Enterprise السياسات العامة Public Policies الموازنة العامة Public/General Budget المالية العامة Public Finance الادارة العامة Public Administration موظف عام Public Officer / Servant وعليه فرض "واقع الحال " ان تتبني أكبر الاقتصاديات في العالم ورائدة النهج الأقتصادي الرأسمالي سياسات وأليات عامة تعمل جانب بجانب " اليد الحفية"..( نترك هذا الموضوع الآن بأمل العودة الية لاحقاً) . في منتصف خمسينات القرن الماضي ظهر مصطلح "الاقتصاد المختلط" (Mix Economy) وكما هو واضح من التسمية ان هذا نمط من الاقتصاد يجمع بين الاقتصاد الحر والاقتصاد المخطط مركزياً (بمعني تخطيط تقوم به الدولة). " الاقتصاد المخطط " مرجعيته الأساسية هي الفكر الاشتراكي الذي فند مقولة "اليد الخفية" وما أستند عليها من سياسات وآليات ومانتج عنها من نتائج . عليه أصبح للدوله في ظل الفكر الاشتراكي الدور الأوحد في عملية التمية بشقيها البشري والمادي , وما يترتب عليها من رفاهية. لوضع هذا الفكر موضع التنفيذ أنشئت أجهزة تخطيط مركزية. وجد منهج التخطيط المركزي كوسيلة لتحقيق التنمية والرفاهية رواجاً وصيتاً كبيران في منتصف الخمسينات من القرن الماضي . نسبة لما وجده أسلوب التخطيط المركزي من قبول ورواج شجع عدد من دول العالم الثالث في صياغة خططها علي نمط الاتحاد السوفيتي (سابقاً) كان معظم مداها الزمني خمسة سنوات وكذلك فعل السودان منذ خطته الاولي (61/62 – 55/56 ) وظل السودان يخطط بأسلوب الخطة الخمسية الي حين جاءت الاستراتيجية القومية الشاملة (2011/2012 – 91/92 ). أري ان السبب في تبني غالبية دول العالم الثالث لهذا الإسلوب للتعامل مع التنمية بشقيها والرفاهية يٌعزي لصغر حجم وبالتالي محدودية فاعلية القطاع الخاص ( الرأسمالية الوطنية ) ويعزي كذلك إن معظم تلك الدول – عندما كانت مستعمرة – كانت تدار في كل أنشطتها مركزياً بمعني وجود الحكومة في كل الشئون الحياتية، علية أضحي قبول آلية التخطيط المركزي أمراً ميسوراً ومقدوراً علية . يمكننا ان نختم هذه الحلقة بالقول ان أمر " الإقتصاد " تم تناوله نظيراً من خلال ثلاثة مدارس فكرية : الاقتصاد الحر / اقتصاد السوق / الرأسمالي والاقتصاد الاشتراكي / المخطط والاقتصاد المختلط. مايهمنا من هذا التوضيح هو كيف نتناول كل واحد من تلك المدارس الفكرية التنمية بشقيها ومن ثم الرفاهية . بأمل ان تكون صورة ادارة الاقتصاديات قد أتضحت لنبدأ في الحلقة (3) خطوات اخري من صياغة الاستراتيجية الاقتصادية والاجتماعية القومية الشاملة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
بروفسر احمد حسن الجاك
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست