أن مشروع الدولة التي تأسست علي تناقضات الماضي البغيض بواسطة أمة ورثت السلطة من المستعمر بوضع اليد الحالة السودانية هي الوحيدة والمنفردة من بين العلاقات التي نشأت بين الشعوب و البلدان المستعمرة. وقد حدث استعمار استيطاني مثلما حدث في أمريكا واستراليا وكندا وجنوب أفريقيا وبل حدث ابادة شعوب بعض البلدان ومثلما حدث تعاون بعض المواطنين مع المستعمر بناء علي مبدأ فرق تسد. بل البعض الشعوب استعانت بدول اخري لتصل الي حكم بلاده عندما تكون هناك صراعات داخلية حول الحكم ولكن لم يحدث اطلاقا في تاريخ شعوب الدنيا أن أمة قاتلت بجانب المستعمر ليسلم وطنه للمستعمر وتكتفي بالعائد التي تحصل عليه من الخدمات التي تقدمها للمستعمر. وحتي هذا اليوم لم تذكر تاريخ السودان هذه الحقيقة المتفردة . فإن انعكاسات هذا الواقع القت بظلالها بعد خروج المستعمر انهم لم يرثوا السلطة فحسب بل قاموا باحلال وظيفة المستعمر لانفسهم وواصلوا سياستها بحذافيرها . كما أن في استعمار السودان هناك حالة شاذة اخري بين النماذج الاستعمارية في كونه مجموعة من الامم شاركت في الاحتلال في وقت واحد ولكل هدف يختلف من الاخر . اامجموعة الأولي الأوربيون
البريطانيين1- اليهود الاغريق وموظفين لدي الانجليز من مواطني بعض البلدان الاوربية
الثانية المصريون وهم أيضا ينقسمون الي شعبين المصريون وهم تحت الاستعمار التركي. والاتراك. يستعمرون مصر وهم البوسنيون و الأرناؤوط والالبان والمماليك والبرابرة والفرس وهناك حالة ثالثة انفرد به الاستعمار في السودان لم يكن سببه مطامع الاستعمارية مثل البلدان الاخري بقدر ما كان الهدف الأول هو الانتقام من السلطة القائمة وقتئذ فالانجليز كانوا يريدون استعادة كرامة الأمبراطورية التي تعرضت للاذلال أولا . اما الاتراك يريدون استعادة سيادتهم . اما العربان الصديقة وهم الشماليون كان هدفهم أولا وأخيرا هو الانتقام . ولذلك انعكست هذه الروح العدائية لأعدائهم حتي بعد هزيمتهم الي يومنا هذا.
ان ما يجمعهم جميعا انهم قادمون الي حظيرة العبيد وللجميع درجات مختلفة صفة الاحتقار للإنسان الأسود. المجوعة الثالثة • هم المغتربون من كل بلدان العربية
ولما كان الانجليز في حاجة الي متعاونين الذين يتحدثون العربية بعد الانفراد بحكم السودان بعد إبعاد المصريين 1936 وان بقت وجودها من الناحية الرسمية لقد فتحت بريطانيا الفرصة للعقودات الشخصية من كل البلدان العربية في الشام والمغرب ليشغلوا الفراغ الذي خلفه انسحاب الموظفين المصرين . وكان من ضمنهم مصريين لا يعملون لحساب دولة مصر كما يعرف اليوم باسم المغتربين فضلا عن الشوام والمغاربة فإن هؤلاء كانوا أكثر الاذية لمشروع الدولة السودانية لانهم هم الذين صاغوا مشروع الدولة الفاشلة وباتوا عملاء لدولهم وحملوا ابنائهم حقيبة العمالة بالوراثة واختلطوا بالأسرة السودانية الكبيرة واختفوا عمليا وسط الشمالين وكونوا ما يعرف اليوم باسم الجلابة وهم خليط من العربان الصديقة والمغتربين العرب المستعمرين وجهدهم السياسي قائم علي سلطة الأقلية بات كل همهم علي مدي العصور في كيفية المحافظة علي السلطة وبمختلف الطرق منها الحرب الجنوب التي كانت كل حكومة تبتدع سببا مختلفا من سابقتها لتواصل في الحرب وعندما بات الأمر بين فصل الجنوب أو إعادة صياغة مؤسسات الدولة فضلوا التخلص من الجنوب والآن جاري التمهيد أيضا للتخلص من اجزاء اخري اذا كان لابد من الديموقراطية الحقيقة أو تطلب إعادة صياغة المؤسسات بشكل عادل. وان عمليات الأبادة الجماعية بالطرق المختلفة والفتن العرقية ومحاولات التغيير الديموغرافي وهو جهد تنصب في محاولة استمرار الأقلية في السلطة وذلك عمل مكلف جدا لان كل التفكير تنصب في ابتكار آليات التي تمكنها في السلطة لأن أمن النظام السياسي علي حساب كل شيء فبدلا من استيراد آليات الزراعية يستوردون آليات التعذيب ومعدات لمتابعة من يسمونهم الخصوم أو المعارضة . والآن أدركوا من المحال استمرارهم في السلطة راؤا فقط أن يوسعوا الدائرة قليلا بإضافة من هم يعتقدون بأنهم عربا وهنا يبدأ فصل جديد من الصراع العرقي وبالقطع سوف تكون
العنوان
الكاتب
Date
الحالات الشاذة التي انفردت بها الاستعمار في السودان وانعكاساتها علي الوضع بعد الاستقلال بقلم محم
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة