نعم فلنتفق أن السِمة العامة لحال أغلب الناس في سوداننا هذا و يومنا هذا ليس أقل وصفاً من كونها فقراً مُدقعاً على أحسن حال توصف به ، غير أن هذا الإنسان السوداني الذي ما زالت تسكن دواخله فضائل الشموخ و التعفف و الكبرياء ما زال يكابد و يجاهد حتى يظل صامد الطود عزيز النفس أمام ذاته قبل الآخرين ، هذه هي الأغلبية العامة و التي يمكن بطريقة أو بأخرى أن تشق طريقها في الحياة على الصعوبات و العنت بالجهاد و المثابرة و الصبر و الصمود ، لكن ماذا عن فئات أخرى هي في الأصل تعاني من نواقص مادية و معنوية و لا تستطيع رعاية حقوقها و مكتسباتها الحياتية في ظل الأوضاع العادية دون مساندات خارجية داعمة تبدأ بالأسرة و يتوسطها المجتمع المحيط و تكون الدولة ضلعها الأخير ، أولئك هم أصحاب الإحتياجات الخاصة من المعاقين و المصابين بأمراض مزمنة و مانعة من العمل ، و المشردين و العجزة و مجهولي الهوية ، و النازحين الداخليين من أولئك الذين أهلكت الحروب زرعهم و ضرعهم ، فأنتشروا في بقاع الأرض يبتغون لقمة العيش و الأمان و الستر ، هذه الفئة هي الأكثر تأثراً بما يحدث الآن من مآلات الإنهيار الإقتصادي العام بالبلاد على تعدد أسبابه و أوصافه ، والذي إنعكس في ما نراه من الصعوبات المعيشية التي يعانيها جل السودانيين من غير المتمرغين في جاه السلطة بالنفوذ أو بالفساد ، و لا يخفى على حصيف ما آل إليه أمر الغلاء و الذي إستشرى في أضابير الأسواق غير مفرِّقٍ بين ما هو من الضروريات و بين ما هو من الكماليات فكل شيئ أصبح عندنا خاضع لقانون السوق المشوب ب################ة الجشع و الطمع و الفوضى التي ترعاها الحكومة و كأن لها مصلحة في ما يدور ، و ذلك عبر إصرارها على تبني نظرية السوق الحر ، في بلد يأكل أهل أحيائه الهامشية الدجاج النافق و يكدحون طيلة يومهم للحصول على وجبة واحدة قوامها ماء الفول وبضعة أرغفة ، أصحاب الإحتياجات الخاصة و المشردين و النازحين ، و العجزه و مجهولي الهوية ، لايمكن أن يستقيم أمرهم ، دون تعاضد المجتمع عبر منظماته على إختلاف تخصصاتها و مسمياتها مع الدولة التي على ما يبدو إستمرأت إعمال ( فكر التنصل ) من الواجبات الرئيسية و التي يأتي في مقدمتها إزكاء روح القانون و حماية المستضعفين في الأرض بالتنظيم و المراقبة و النفوذ و التدخل في الحالات الطارئة ، كيف يستكثر القائمون على أمر إدارة الإقتصاد و التجارة في هذا البلد تحديد أسعار السلع الضرورية و دعمها و حمايتها من مخاطر الإحتكار و المضاربة ، فبفضل تحسين الوضع المعيشي لعامة الناس ستزدهر تلقائياً أنماطاً من التعاون و التعاضد و التكافل الإجتماعي بما يفيد تلك الفئات التي لن تستطيع تحقيق مصالحها دون وجود مجتمع معافى و لو بصورة نسبية ، خصوصاً و أن فضيلة التكافل الإجتماعي عندنا في السودان هي في الأصل موروث ثقافي و تراثي زاده الدين رسوخاً في النفوس .. بإختصار وفِّروا أسباب الحصول على لقمة العيش الشريفة و لو كانت متواضعة .. و أتركوا أمر تقاسمها بالتكافل للشعب السوداني كريم الخصال و السجايا .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة