:: بالتوفيق لصغارنا .. فاليوم، بمدرسة الجزيرة إسلانج الأساسية بنات، يقرع السادة والي الخرطوم و وزير التربية والتعليم و رئيس المجلس الاعلى للدعوة والارشاد ومعتمد كرري وآخرين، يقرعون الجرس ايذاناً ببداية العام الدراسي (2018/2019).. وهؤلاء السادة، وغيرهم بكل ولايات السودان، فانهم كما يقرعون جرس بداية العام الدراسي للتلاميذ، فانهم يقرعون أيضاً جرس المتاعب والهموم على رؤوس أولياء أمور التلاميذ .. أي كما تعلمون، وعلى عكس الدول التي شعوبها تحتفي بها، فان بداية العام الدراسي في بلادنا موسم هم وغم للسواد الأعظم من أهل بلادنا..!!
:: وعلى سبيل المثال الحنظل، منذ الأسبوع الفائت وحتى القادم ، وكما يحدث في أسواق الملابس والأحذية في مواسم الأعياد، فالزحام في سوق الكتب المدرسية يعكس بؤس حال المدارس العامة، وكذلك يعكس الزحام حول الكتب بأن المسماة بمجانية التعليم في بلادنا من (الخزعبلات ).. فالتعليم كان مجاناً عندما كان من يقرعون جرس الهموم والمتاعب على رؤوس أولياء أمور التلاميذ ( طلاباً)..ومنذ أن تعلموا مجاناً، وتولوا أمر هذا الجرس، لم يعد التعليم في بلادنا مجانا.. فالمجانية محض شعار يتجملون به في وسائل الإعلام، ويزينون به تقاريرهم وخطبهم السياسية.. !!
:: فالكتاب المدرسي الذي كان يوزع مجاناً لكل التلاميذ لحد الإكتفاء، صار يباع حاليا للأباء والأمهات في السواق كما الأحذية والملابس .. وما لم يشترِ التلميذ كتبه من السوق، فإنه يشترك مع زميله في كتب الحكومة المشتراة من بقايا ميزانية الأمن والدفاع والسياسة.. نعم، يشترك – في المدارس المحظوظة - كل تلميذين في كتاب، وبمدارس أخرى كل ثلاث تلاميذ، وربما هناك مدارس بعيدة عن عيون الصحف وقلوب الوزراء بحيث يُحدًق فيها كل الفصل في ( كتاب الأستاذ)..هكذا الحال العام..ولذلك تخصم الأسر من ميزانية قوتها لتوفر الكتب المدرسية والكراسات والطباشير و..و..و.. فالحكوم لم تعد تملك في المدرسة غير المعلم ..!!
:: ومهما زادت التكاليف وتضاعفت عاماً تلو الآخر، فلا يلوح في الأمر نهجاً تربوياً وتعليمياً يرحم حال الفقراء و ذوي الدخل المحدود في مثل هذا اليوم.. والأزمنة الخضراء في ذاكرة من يقرعون جرس المتاعب على رؤوس الأباء والأمهات بكل ولايات السودان، حيث كانت هناك هيئة التربية للطباعة والنشر هي التي تطبع كتب المدارس.. ولذلك كانت الكتب المدرسية غزيرة وذات جودة، وكان لكل طالب كتاب غير مدفوع القيمة .. ولكن فجأة، وكالعهد بها دائما في الهروب من مسؤولياتها، شعرت الحكومة بأن طباعة الكتاب المدرسي ترهق ميزانيتها، فقررت أن ترهق كاهل رعيتها وتخلصت من مطابع الهيئة بالتصفية.. !!
:: ثم تركت أمر الطباعة للولايات وعطاءات تجارها وسماسرتها، لتقع الأسر فريسة في أنيابهم في مثل هذا الأسبوع من كل عام.. نعم، عندما تعجز الولايات عن تغطية حاجة تلاميذها من الكتب ، تصطلي الأسر بنار الشراء من التجار .. وليس في الأمر عجب، إذ وراء كل إرهاق عجز سلطة وجشع تاجر .. لماذا لا تقر الحكومة بفشل تجربة التخلص من مطابع هيئة التربية و خصخصة دار النشر التربوي ؟.. وماذا يضير من يسببون الصداع للأباء والأمهات - بقرع جرس الهموم على رؤوسهم - لو وجهوا بندا من بنود رسومهم وجباياتهم وأتاواتهم بأن يكون ثمنا لكتاب مدرسي في متناول يد الطالب (مجاناً)، أي كما كان الحال عندما كانوا طلاباً ..؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة