لم اكن اود التطرق الى قضية نورا التي حسمها القضاء السوداني بإصداره لحكم الاعدام بحقها بعد أن ارتكبت جريمة وازهاق روح زوجها. في البداية نعم نورا مذنبة وتستحق الحكم بالإعدام فليس هناك ما يبرر ارتكاب أي انسان لجريمة قتل بسبب تعرضه للظلم واعتراف نورا بقتل زوجها لم يترك لها فرصة للنجاة بفعلتها بالرغم من جهود من يسمين انفسهن بالناشطات اللائي مسكن ضنب الككو واصبحن يدافعن عن قضية خسرانه كحالة نورا التي كان بإمكانها تفادي ما يحل بها الآن من محنة فالقضاء والقاضي يحكم بحسب الادلة المتوفرة لديه فقط وقد حكم القاضي عليها بعد اعترافها الصريح بقتل زوجها، نعم نورا تعرضت للظلم من اهلها ومن زوجها ومن مجتمعها ولكن كل هذا لا يعطيها الحق في ارتكاب جريمة قتل واضحة الاركان ومثبتة باعتراف صريح منها.
القصة بها العديد من الثغرات والاكاذيب، فلم يستطع عقلي أن يستوعب أنا رجلاً سودانياً ومهما كانت درجة انحطاطه ان يجلب اقرباء له ليمسكوا له بفخذي زوجته حتى يتمكن هو من ممارسه حقه الشرعي معها، هذا الحق الذي كفله له الشرع والقانون بصراحة المسألة عصية على التصديق!! فالشوارع مليئة ببائعات الهوى والمتفلتات من النساء والفتيات واللائي يمكنه ممارسة ساديته معهن دون ان يلوث شرفه وينتهك عذرية زوجته بتلك الطريقة ويلحق بها وصمة عار ستظل تلاحقه هو طيلة حياته حتى وإن كان الممسك من اقرب الاقربين اليه.
للزواج مراحل وطقوس عديدة تبدأ بقولة خير والعقد والحنة والزواج وتختلف بحسب المناطق والقبائل لكن الغير مختلف عليه هو تمرحلها واخذها للكثير من الوقت الذي يمكن نورا من الهرب مثلا بعيداً عن اهلها واهل عريسها المكروه، فكيف تجاوزت نورا كل هذه المراحل وارتضت ان تزف الى زوجها وهي صامته، وكيف اختلت نورا به ثم رفضت أن تمكنه من نفسها فهل كانت نورا تظن انها ذاهبة الى بيت زوجها عشان تلعب سك .. سك ولا استغماية ولا الفهم شنو بالضبط؟! ليس هنا جرم اشد من ازهاق روح انسان ولذلك عظم الشرع عقوبة قتل النفس التي حرم الله الا بالحق والقتل واحدة من الجرائم التي يهتز لها عرش الرحمن وفي ذات الوقت ليس هناك قيمة اعلى من قيمة الحياة نفسها عن الانسان ولأن نورا تحب نفسها اختارت أن تقتل زوجها بدل أن تنتحر هي وكانت تظن انها ستنجو بفعلتها، ما يدهشني حقاً هو دفاع الناشطات عن نورا في قضية خسرانه مائة بالمائة ويمكن ان يقول لك بذلك ابلد محامي، لو ان نورا انتحرت لتضامنت معها وقلت انها ضحية عادات وتقاليد ولكن الدفاع عن قاتلة يشرعن للقتل ولارتكاب الجرائم وهذا لا يليق بناشطات يطالبن بتطبيق القانون فإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين وإن لم يكن لهن الحق اقاموا الدنيا بدعاوي قهر النساء. من الثغرات ايضا أن نورا لم ترتكب اثناء أو بعد حدوث حادثة ما تسمية الناشطات ولا لقهر النساء بالاغتصاب ، نورا اخذت وقتها وهي تخطط لجريمتها والدليل انها بقيت ولم تهرب وغافلت المغدور لتسدد له طعنات قاتلة ثم لم تنكر بل اعترفت بالجرم بكل قوة عين. من الثغرات نورا تم خطبتها وهي في سن السادسة عشرة وتم زواجها وهي التاسعة عشر (حسب روايتها) أي انها تزوجت وقد تجاوزت سن الرشد بعام كامل .. فما بال الناشطات وقد تجاهلن هذه النقطة؟! مسألة زواج القاصرات ليس حراماً في الشرع ويجرمها قانون ما يسمى بقانون حماية الطفل فقط، والعادات والثقافات لا تحاربها القوانين بل الوعي والثقيف ، السيدة عائشة وهي أم المؤمنين تم تزويجها وهي قاصر، الكثير من النساء كبار السن امهاتنا وحبوباتنا تم تزويجهن وهن لم يبلغن سن الثامنة عشرة وعشن حياتهن وانجبن، كنت اتمنى من الناشطات أن يوظفن جهودهن في توعية المجتمع ورفع درجة وعيه بمخاطر مثل هذه الزيجات التي لا يكن فيها هناك توافق بين الزوج والزوجة بدلاً من النضال في قضية جنائية خاسرة والباسها ثوب زفاف السياسة نكاية في الحكومة وبهذا هن يخسرن نورا وجهدهن المبذول للدفاع عن قضية خاسرة حسمها القانون. لو صرخت نورا فقط لأنصفها المجتمع والجيران، لو لجأت للعمدة او للشرطة أو الدولة لأنصفت دون أن تكون مضطرة لارتكاب جريمة قتل كاملة الاركان، قد تكون نورا غير متعلمة، ولكن التعليم غير مرتبط بالتفكير في النجاة وانقاذ الحياة فالإنسان عندما يفكر الانسان في الهرب من خطر قد يهدد حياته فانه لا يفكر في طول الجدار أو عمق النهر. ثم لماذا لم يفكر المدافعين عن نورا في الزوج المقتول وفي اهله وامه واخواته؟ ماذا لو كان المقتول اخوها او قريبا لها؟ الدفاع عن نورا يشجع على ارتكاب الجرائم ومخالفة القوانين، والظلم الذي يقع على الانسان ليس مبررا للقتل او ارتكاب الجرائم مهما كانت درجة الظلم، في ذات الوقت الذي تلجأ فيه النساء الى القضاء والدولة والقانون لتزويج احداهن لو رفض وليها تزويجها كان بإمكان نورا اللجوء للشرطة والقضاء والدولة لحمايتها اختم مقالي نعم نورا مذنبة وضحية لمجتمع وعادات ولكن هذا لا يعفيها من العقوبة، عليها تحمل تبعات ما اقترفت يديها وعلى المدافعين عن نورا يشوفوا ليهم شغلة تانية افيد وهي كيف يتم ازاحة هذا النظام الجاثم على صدور الامة بدل الدفاع عن قضية جنائية خاسرة ..
العنوان
الكاتب
Date
هل نورا مذنبة.. او (القضية ضنب الككو)؟ بقلم الأمين البشاري
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة