حينما زار السيد الرئيس دولة أثيوبيا مؤخرًا كان حريصًا على ترتيب لقاء تحيط به بعض الخصوصية..المشير البشير طلب الالتقاء برئيس الوزراء السابق ديسالين والذي قدم استقالته طوعًا بعد حدوث احتقان سياسي ..كذلك التقى السيد الرئيس رئيس الوزراء الجديد الشاب الدكتور أبي أحمد والذي يبلغ من العمر اثنين وأربعين عامًا..حرص الرئيس على الإشادة بالتداول السلمي للسلطة بين شباب أثيوبيا. في اجتماعات شورى الحركة الإسلامية طالب الرئيس بتمكين الشباب من العمل في أروقة العمل السياسي..لم تكن تلك أول دعوة متصلة بالشباب ..فقد أجبر البشير كثيرًا من رفاقه على الترجل من العمل العام لتحقيق تلك الغاية..بل إن نصوص النظام الأساسي للحزب الحاكم تتحدث صراحة على ضرورة تحديد سقف العمل الحزبي في دورتين فقط او ما مجمله عشر سنوات..صحيح أن تلك القواعد لم يتم الالتزام بها ..بل في أحيان كثيرة تمت إعادة تفسيرها على نحو يخدم شاغلي المناصب العامة من النافذين في الحزب الحاكم. قبل أيام كان الرئيس في وزارة النفط يناقش يوميات أزمة الوقود..وزير النفط السبعيني أشار إلى الأزمة تكمن في تولي عدد من الشيوخ زمام الإدارة في الوزارة..هؤلاء الشيوخ -أعزك الله سيدي القاريء –تقل أعمارهم عن الخمسة وستين عامًا..جلهم استفاد من تراجع الحكومة عن عمر المعاش الذي من المفترض ان يكون ستين عامًا لولا منحة الخمس سنوات الإضافية ..بجرة قلم صدر قرار رئاسي أرسل بموجبه نحو مئتي كادر إلى التقاعد ..معظم هؤلاء يصنف باعتباره من أذرع وزير النفط الأسبق عِوَض الجاز ..هنا لابد من الإشارة الى (تشبيب) وزارة النفط قصد به تصفية حسابات وإلا كان قد بدأ من الكبار وعلى رأسهم السيد الوزير. حكاية الشباب لا تنتهي هنا..أعلن نائب رئيس الحزب الحاكم للزميلة "التيار" أنهم بصدد تغيير دستور الحزب..التعديل الأساسي سيلغي حاجز الدروتين ويفتح الطريق لتعديلات مماثلة في الدستور تمكن النافذين من اكتساح انتخابات ٢٠٢٠ رغم أنف الشباب ..بل من الضرورة الإشارة لعملية انتشال الشيوخ من رصيف التقاعد وإعادة تقديمهم في العمل التنفيذي..هذه السياسة ابتدأت بإعادة الشيخ عِوَض الجاز للقصر الرئاسي ليكون قريبًا من الشيخ إبراهيم السنوسي..المنظر يكتمل بوجود الشيخ إبراهيم أحمد عمر في رئاسة البرلمان ..في التشكيلة القادمة سيعود عدد من نجوم المرحلة السابقة مثل المتعافي وصابر الحسن وغيرهم. في تقديري العودة لجيل الشيوخ يحقق عددًا من الأهداف..ثبت بالدليل القاطع أن الذين أجبروا على الخروج لم يستسلموا للواقع ويستمتعوا بخريف العمر..جلسات شورى الحزب الحاكم أثبتت أن بإمكان الشيوخ أن يسببوا الأذي الجسيم ..الأزمة الخانقة التي تعيشها الإنقاذ أثبتت أيضًا أن الجيل الجديد ليس في مستوى خبرة القدامى..معظم الشباب انشغلوا بحصد مغانم السلطة باعتبارها عرضًا زائلًا..هذا الواقع عرّض سلطة الإنقاذ لمخاطر باتت واضحة..من هنا عودة الشيوخ لبلاط السلطان ستحقق عددًا من الأهداف ..سيتم الاستفادة من خبرتهم وفي ذات الوقت تجنب شرورهم..إلا أن الأهم من ذلك تجاوز حرج المجايلة بين أهل الإنقاذ..لن يحتج الشيوخ على تعديل النظام الأساسي للحزب ولا حتى تصفير العداد. بصراحة.. بعد قليل سيكتشف الإسلاميون أن مكمن الخطر جاء من حيث لا يحتسبون..الشباب المحبط لن يخرج للشوارع للدفاع عن نظام أكل الشيوخ فيه أكثر من خريف..سياسة احتكار المناصب جعلت حتى أبناء الكبار في صفوف المحبطين..الذين خرجوا من دوائر الإحباط سيطروا على مفاصل السوق وباتوا مخالب للقطط السمان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالباقي الظافر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست