طاعة الحاكم المتغلب مجرد رأي فقهي غير مقدس وهو رأي نتج عن سياقات تاريخية معينة كالصراع الذي دار بين من يعتقدون انهم يمثلون آل البيت النبوي وغيرهم ، بالاضافة الى ذلك انه قبل الف وثلاثمائة عام لم تكن فكرة حكم ديموقراطي مطروحة فكل الامبراطوريات بيزنطية او فارسية او اسلامية او اثيوبية أو صينية لم تعرف سندا للحكم سوى القوة والتغلب والرأي الفقهي جاء لمعالجة اشكالية موقف المسلمين من عمليات التغير والتبدل المستمرة في الحكم بدون ان يتساءلوا عن من هو احق بالحكم عند الله بين المتغالبين. وبالتالي فالقول بطاعة المتغلب يعني ضمنا انه لا يوجد حكم شرعي يحدد شرعية الحاكم من عدم شرعيته ، ولا يوجد حكم شرعي يطلب من المسلمين قبول حاكم (سواء من آل بيت النبي او خارجه) او عدم قبوله واعتقد ان موقف الفقهاء المسلمين بذلك يعتبر موقفا يجب ان نكن له تحتراما كبيرا . بالاضافة الى ذلك فحتى اليوم لا تعتبر الديموقراطية معيارا لشرعية الحاكم في القانون الدولي العام ، فالمعيار لا زال هو التغلب ، فمتى سيطر الحاكم على كامل اقليم الدولة وشعبه وفرض سلطته عليهم جاز للحكومات الاعتراف به والتعامل معه ، وان تتم المخاطبات الرسمية بين الحكومات مع الجهاز الحاكم لهذه الدولة ومؤسساتها التي تخضع لهذا الحاكم المتغلب ، صحيح ان هناك الآن اصوات كثيرة داخل المجتمع الدولي وفقهاء القانون الدولي تنادي بعدة انواع من الشرعيات كالشرعية الثورية والشرعية الدموقراطية وخلافه الا أن الواقع الدولي لا يسمح بترك المعيار الاساسي لشرعية الحكام وهو معيار التغلب ، فهو معيار تاريخي قديم جدا. بالاضافة الى ان الدول لن تتجاهل مصالحها وتصر على فرض رؤيتها وفلسفتها التي تتبناها على الدول الأخرى ولذلك فإن امريكا او روسيا بل وكل الدول الاوروبية ما كان بامكانها ان تتجاهل الحاكم المتغلب سواء صدام او البشير او القذافي او مبارك او اي حاكم آخر ، ولا يجوز لهذه الدول ان تتعاون مع قوى اخرى مناهضة للحاكم المتغلب والا عدت متدخلة في شؤون الدولة الداخلية بل ومحرضة لقلب نظام الحكم فيها وهذا يخالف ميثاق الأمم المتحدة. مع ذلك فإن اغلب الحكام المتغلبين اليوم لديهم رغبة في الحصول على مزيد من الشرعية الدولية ولو عبر انتخابات زائفة وصورية وهذا يؤكد ان الدموقراطية بدأت تأخذ وضعها كمعيار للشرعية وان لم يستقر لها العرش بعد.
العنوان
الكاتب
Date
ردا على مقال علاء الأسواني عن طاعة الحاكم المتغلب بقلم د.أمل الكردفاني
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة