كدنا نُسلِمْ أن النُبل والصفات الحميدة كالصدق ، والامانة ، ومحاسبة الذات وغيرها من الأشياء التي أصبحت تستحق الإحتفاء ، وباتت الصحف والوسائط تتبارى في نقل خبر يتعلق بأمانة سائق مركبة أجرة ، أو فيديو الراعي السوداني بالسعودية ( هذا على سبيل المثال ) وهو امر يوضح بجلاء الوضع السيئ الذي نحن عليه ، وكذلك تجد أحدنا يروي العديد من القصص التي تُحدث عن صفة الصدق والامانة عند الغربيين ، أو أصحاب الديانات الاخرى ، وننسى أو نتناسى أنه الأصـــل ( أي أن الأصل في الشخص يجب أن يكون حقانيآ وصادقآ وأمينآ مهما يكن وضعه ، أوديانته ) ، لكنه للأسف بات إستثناء أو شئ نادر يستحق الإحتفاء ! . ويبدو أننا إقتربنا من وضع ( منهجية ) للكذب والنفاق ؛ ومؤكد أن التأثير يبدأ من المؤسسات والمجموعات التي تؤثر في المجتمع مثل المساجد والمدارس ، والمدراء بالمؤسسات ... فهل الخطيب في المسجد يؤمن ويعمل بما يقول ؟ ، وهل يعرف الحق ويعمل به ، وهل يتحدث عن الظلم ويصوب سهامه للظالم ( الصهيوني ) كما الوطني ؟ ( مجرد مثال ) . أيضآ الكثير منا إرتبك ، أو استقبل بغرابة تصرف مدير مدرسته ، والأساتذة عندما ياتي الموجهين ، فتجد المدير قبل يوم من وصولهم يُشدد على الطلاب/ التلاميذ بضرورة الإنضباط في المظهر والسلوك ، والقيام بالنظافة ليوم غدِ ( ويقصد يوم وصول الموجهين ) ... ومن الجانب الآخر يكلف معلم حصة التوجيه أحد الطلاب أو التلاميذ بالإعتنا جيدآ بالسبورة ويقدم درس ( تشاهد غدآ ) حتى يضمن إستيعاب ومشاركة جميع الطلاب ؛ وفي اليوم التالي يكون من الواضح جدآ أن كل شئ على غير العادة لدرجة تجعلك تتمنى ان تكون كل أيام الدراسة مثله ، وستلاحظ أيضآ أن المعلم على غير عادتة اثناء الدرس ، ويركز على الطلاب المشاركين وكذلك يهتم بكتابة التاريخ الهجري والميلادي وغير ذلك ... وهذا بالتأكيد سيترك عندك إنطباع غير جيد من مؤسسة تعليمية تربوية ، والأمر نفسه تجده في بعض المؤسسات أو إحدى الإدارات عندما يزور الرئيس مرؤسيه ، ولعلكم تلاحظون الجيئة والذهاب في الزيارات المبرمجة لمؤسسة الرئاسة للولايات أو لأي من مؤسسات الدولة يبدأ الأمر بلجنة عليا ، وينتهي بتركيز العمل والنظافة في الطرقات والأماكن التي يزورها او يعبر بها الرئيس أو نائبيه ( فقط ) والقيام بتجميل كل شئ ، وهذا يكلف الدولة ميزانية ضخمة ( بإعتبار أن كل الأمور على غير العادة ) وكذلك الخطابات والأحاديث لدرجة أن أحدهم يفوض نفسه أثناء الخطاب ويقدم المبايعات والتعهدات بإسم الجميع ! . يُفترض إصدار توجيه رئاسي للجميع بالإكتفاء بمكاتب التنسيق فقط ، وعدم تكوين لجان عليا للإستقبال ، وهذا يحقق فائدتين ( توفير المال العام ، ورؤية الأشياء على حقيقتها من غير تجميل ) . وكذلك دعوني أدعوا المؤسسات التعليمية ، وقياداتها ومعلميها بضرب مثل جيد للطلاب والتلاميذ في الصدق والأمانة ، ومحاسبة الذات والإعتراف بالأخطاء بشجاعة . أخيرآ يجب أن يكون الكبير دومآ منضبطآ ، ويتصف بصفات الخير والصلاح ( والكبير هذا قد يكون الوالد ، المعلم ، المدير ، الرئيس ) ؛ وحتى لا تكن شيمة الجميع الرقص والطرب ! . وأختم بأبيات تُحِدث عن تأثر الصغار بفعائل الكبار : - " مشى الطاؤوس يومآ بإختيالٍ - فقلد شكل مشيته بنوه . - فقال : علامَ تختالون ؟ - قالوا : أنت بدأت به ونحن مقلدوه - أمَا تدري أبانا كلُّ فرعٍ ... يجاري بالخُطى من أدبوه؟. - وينشئ ناشئ الفتيان منا ؛ على ما كان عوده أبوه " .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة