هذه الأيام هي بلا جدال الأيام الذهبية لإطلاق الشائعات والتي تعمل في كل إتجاه على تضليل الرأي العام الذي على ما يبدو أصبح أسير غشاوة ما يحدث من مرارات وأزمات أهمها هذا الإنهيار الإقتصادي السريع ، الذي لا يهم منه المواطن البسيط غير إرتفاع الأسعار الجنوني الذي أصبح مثار الدهشة والإستغراب والخوف المُتجدِّد من المستقبل المجهول ، فلا أحد الآن يستطيع التكهُن بما يمكن أن يصبح عليه الحال بعد ساعة من خروجك من بقالة أو صيدلية ، أهل الحكومة من زمرة النافذين والقابضين على السلطة بدأت أياديهم ترتجف على ما هُم مُتعلِّقون به من فرص البقاء في أوضاعهم الحالية ، هم وداعميهم من المصلحيين والنفعيين والمستفيدين من بقاء مستنقع الفساد في هذا البلاد المنكوبة يُطلقون إشاعاتهم عبر وسائط النشر الإلكتروني بما يتوهمون أنه معالجات لتهدئة الأوضاع النفسية لعامة الشعب الذي أصابه الهلع والتوجس من ما يحدث من إنهيار إقتصادي يُمكن متابعته ساعةً بساعة وليس يوماً بيوم ، ومن ضمن تلك الإشاعات والتي ربما كانت حقيقة لكنها بمنظور الوقت الحالي وبما أنها لم تُعلن رسمياً تبقى في قيد الإشاعات وفيها ما يفيد موافقة السعودية على منح السودان قرض بمبلغ 3 مليار دولار ، فضلاً عن تبرع قطر بمؤونة ستة أشهر من البترول ، إنقاذاً للوضع الإقتصادي السوداني الذي لا أقول أنه قد شارف على الإنهيار ولكنه إنهار فعلياً ، إذا صح هذا الأمر فنحن نصبح كمن (يطعن في ظل الفيل والفيل يتبختر أمام أعيننا ) ، فرغم أهمية أن الإقتصاد السوداني في حاجة ماسة وعاجلة لأن يُرفد بسيولة نقدية أجنبية قادرة على تحريك مفاتيح التدفقات المالية ولو إلى حين بما يمكن من خلاله عمل موازنة بين العرض والطلب على العملة الأجنبية تقود إلى تهدئة فورة تصاعد سعر الصرف الأجنبي وإنهزام قيمة الجنيه ، إلا أن حدوث ذلك سيظل مجرد تخدير موضعي في ظل إدراجه ضمن نفس المخططات والسياسات التسييرية وضمن إدارة نفس الشخوص من الفشلة والعاجزين عن محاربة عثرات منظوماتهم الداخلية ناهيك عن الخارجية والتي تعمل بإجتهاد ومثابرة في مسارات معاكسة للمصلحة الوطنية ، وتُكرِّس جُل جهودها لضمان مكتسباتها الخاصة ، إن مشكلة الإقتصاد السوداني تكمن في إبقائنا على الأشخاص وهي ليست مشكلة مُخطَّطات ولا قوانين ولا لوائح ، فالخطط التنموية موجودة أياً كان نوعها أو جدواها أو مطابقتها لما يجب أن يكون ، و(الأحلام الوردية) لتدوير عجلة الإنتاج موَّثقة ومدوَّنة في السجلات والورق وإن كانت في نظر البعض تحمل في طياتها عِلاتها الفنية والتخطيطية ، لكن تبقى المشكلة الحقيقية في مَنْ يعيقون مسيرة التنمية بلهثهم المتسارع نحو تغذية طموحاتهم المتعلِّقة بفكرة الخلود في ما هُم فيه من جاه ونفوذ وثراء فاحش ، ليست هناك فرصة للتنمية والإنتاج في ما يتم تحصيله من موارد مُتاحة أو حتى قروض أجنبية ممنوحة ، لأن فقه الأولويات عندنا يُشير دائماً إلى الجنوح المُستميت في إتجاه مصلحة النظام السياسي وهياكله المصلحية المنافسة لدولاب الدولة الرسمي عبر منظومة صلبة ومتطوِّرة ومُعقَّدة للفساد السياسي والإداري والمالي ، وبلا شك نحن عائدين لا محالة إلى نفس المربع الحالي بعد أن تفرغ منظومات الفساد من نهش الـ 3 مليار دولار وتبديدها وبعد أن تنفذ مخزوناتنا من منحة قطر البترولية والمقدر لها تسيير البلاد لستة أشهر قادمة .. الله يكضب الشينة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
هيثم الفضل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست