عجيبة بلادنا، مدهشة ارضنا، عظام اهلنا، ومفجعة بلاوينا ومصائبنا .. تتقلب الاحداث يا موطني، وتعلو فيك عبارات الشجب والنقد والعويل .. تلوح سيوف رفض المنكورات، ويحلق الناس في سماءك بالاستنكار عالياً حد الثريا حينا من الدهر؛ بوتيرة يظن المتابع والسامع أن فيها الحد الحازم والباتر .. البتر الذي يرجوه ويحلم به الدهماء، عساه أن ياتى على اقلاه بمحاكمة عادلة شفافة او فصل تأديبي لكل معتديٍ على حقنا؛ عاماً كان او خاصاً ضماناً لسلامة وطمأنينة مجتمعنا، واحترازاً من أن تكون ذريعة يحتمي بها متسببي الفظائع الشبيهه لها فى مستقبل الايام.. تمر الكوارث دون النظر في مسبباتها ومن غير غوص في بواطنها، او تحليلها واستخلاص نتائجها. تمر ايامها، ويهدأ عنفوانها لنهبط جميعاً هبوطاًحزيناً خجولاً، يليه قبر ونسيان الحدث بغير موعظة وتبصر، ممنين الانفس بعدم تكرار سيناريوهاتها فحسب. فى بلدي تفور ردود الافعال فوراناً كما البراكين، وتهدأ هداوة الحملان، ومن ثم تركن ركون الناعس الولهان، كحال ثوراتنا عند اشتعال الاسعار ... لك الله يا امتي، ورحمتك يا مولاي من هذه الحالة التى تعترى شعبنا الفريد فى عصره ... فلان من علية واكابر القوم يسرق فيتم تغطيته! الوزير الفلاني ينهب فُينجر له تابوت التوبة والتحلل! والمُربي المؤتمن على ابناءنا يغتصب ويفتك ويهبش ويتحسس فتُساق له المعازير! والطبيب الفرتكاني يتسبب خطأه فى فقدان روح بريئة فلا نسمع له قصاصاً او مجرد مساءلة في مهنيته! يا لهذا المجتمع الفاضل! ما هذه السماحة التى نعيشها ونحياها حيال ارباب مبتكري ومنتجي هذه الكوارث! اين منظماتنا المدنية؟ اين جامعاتنا؟ اين مراكز ابحاثنا؟ اين مثقفينا ؟ اين واين ذوي الفضل من حالتنا هذه! .. لم نذكر حكامنا وساستنا لعلم القاري الكريم ببؤسهم؛ فهم اساس الازمة والبلاء .. لذلك التعويل هنا ياتى على شعبنا الذي جاء الوقت لياخذ حقه بيده، يده التى يتم تحطيمها واذلالها طوال ثلاث حقب حسومات؛ مظهرها الدين ومخبرها سوء وقلة ذلكم الدين .. كم من المرات نسمع بالاغتصابات ولا نسمع ولا نرى ما يقابلها من روادع ومصدات، سوى احكام هزيلات لا تخوف من تسول له نفسه الاقتراب من هذه المضارب النتنة!! مرت احداث جسام يصعب سردها واعادة تناولها لتسارعها؛ فواجع لم يتم فيها الحسم اليقين؛ وما سقطة ابن آل بدري (المربي العظيم) قاسم ببعيدة .. لم نسمع باستقالته او اقالته او محاسبته او حتى إدانة سلوكه المشين من اي جهة رسمية في الدولة ذات شأن! وكذلك هيثرو وواوات جبراته المتلاحقة عبر سنين عدداً ... حتى لا يتوه القاري ويعتقد المقصود ان يأخذ الشعب حقه بيده الموجعة اذا ضربت، (ويا ليتها ضربت)، او يفهم انه تحريض شعبنا الطيب على التدمير والتخريب والتقتيل او الانتقام او اى من سىء الافعال .. بل المقصود هنا أن يعزل الشعب المؤسسات التى تحمي منتسبيها الفاسدين، والجهات التى تُغطي ساريقيها النهّابين، او الجماعات التى تنصر ظالميها المتجبرين، ويكف التعامل معها، والاكبر والاهم أن لا تخرج الجماهير لتتبادل الرقصات مع جلاديها المسنين .. هذا كله حل للعاجز اذا ما فشلت مؤسساته الرقابية ومحاكمه المفترضة فى ان تضع الامور عند نصابها .. فى زمن لا يفقه حكامه ماذا تعني ( اذا سرقت فاطمة بنت محمد) .. من طبيعة الاشياء ان البدايات لها نهايات الا فى ارض النيلين، كل الامور معلقة ومقلوبة، منقوصة غير مكتملة! والاشياء عندنا تسهل بداياتها وتصعب نهاياتها كما ليل الانقاذ البهيم.. هل فعلاً نحن امة تستفيد من الدروس التى تتكرم بها الاحداث المجتمعية؟ رغم قسوتها واستطارة شرها .. والاذى والسوء يظهر فيها بدايةً، ولكن الخير منها احياناً لا ندركه نهايةً، لانها تمر مرور الكرام دون وقوف يريح المنزعجين منها، ونغفل ونعجز أن نجني فى نهاياتها عظةً. يجب ان نستوعب الدروس الناتجة من كل ما حولنا؛ دروس تضمن تجنب معاودة كراتها، فمتى نُسعد بنهايات مفرحة لبدايات محزنة ..؟؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة