“في ناحية بعيدة كان رجل الأعمال السوداني وجدي ميرغني يعقد اتفاقاً مع الحكومة الإثيوبية.. حيث تم الاتفاق على تشييد مصنع غزل برأسمال مائة مليون دولار.. مصنع وجدي يوفر أكثر من ألف وثلاثمائة فرصة عمل في إثيوبيا.. حسب الخبر الوارد في الزميلة (التيار) أن المصنع الجديد سيستورد القطن من مزارع وجدي في السودان.. الاتفاق يمثل الفصل الأول من اتفاق استثمار مبلغ مائتي مليون دولار في إثيوبيا تخطط شركة (انتريد) لبسطها في الأراضي الجبلية في إثيوبيا الشقيقة.. قبل أيام كان السيد وجدي ميرغني في صحبة عدد من رجال الأعمال يبيعون الهواء للحكومة السودانية.. حيث قدم وجدي وإخوته خطة لزيادة الصادرات السودانية بمبلغ عشرة مليارات دولار في غضون ثلاث سنوات.. وجدي الذي يرأس غرفة المصدرين يبيع حلم مشروع بزيادة الصادرات السودانية ثم في صباح اليوم التالي يمضي إلى إثيوبيا في درجة رجال الأعمال إن لم يستغل طائرته الخاصة”. هذه الفقرات نقلتها بالنص من زاوية الزميل عبد الباقي الظافر التي تتصدر أخيرة (الصيحة) كل صباح.. وهي من الزوايا اليومية التي أحرص على المرور عليها باكراً.. وأراد الظافر ذلك أم لم يرد.. فالفقرتان تقولان أمراً واحداً هو أن وجدي ميرغني خدع الحكومة في السودان وذهب باستثماراته الحقيقية إلى إثيوبيا، رغم أن الظافر ختم زاويته بمرافعة مغايرة بعد أن تحدث عن استشراء الفساد.. نعود إليها لاحقاً!! وأريد هنا أن أختلف مع الظافر، لا في موضوع استشراء الفساد، بل في الفقرتين الأولى والثانية. فقد كنت حاضرا حين قدم السيد وجدي ميرغني ورقته باسم غرفة المصدرين في مجلس الوزراء، وكنت مشفقاً عليه وعلى غرفته من مدى جدية الحكومة وسياساتها في تمكينهم من تنفيذ خطتهم الرامية إلى زيادة الإنتاج ودعم الصادر، ولو أن وجدي كان خرج من مجلس الوزراء، وتوجه إلى القضارف، لكنت قد قلت إن الخطة لا تزال على الورق.. وقد يطول انتظارنا لتنفيذها، ولكن ما نقله الظافر نفسه من أن الرجل قد توجه إلى إثيوبيا ليوقع عقداً بمائة مليون دولار كمرحلة أولى، دفعني إلى مزيد من التفاؤل، بل دفعني إلى إعادة قراءة وقائع ذلك اللقاء!! ولنسأل الآن: بماذا تعهد وجدي في ذلك اللقاء؟! تعهد بأمرين.. الأول زيادة الإنتاج.. والثاني زيادة الصادرات، فما الذي فعله؟ أسَّس مصنعاً للغزل في إثيوبيا.. أي فتح سوقاً خارجياً، على أن يعتمد هذا المصنع على مزارع وجدي الموجودة بالسودان، وهذا يعني زيادة الرقعة الزراعية،. وزيادة العمالة المستخدمة في المشروع، ثم زيادة الإنتاج لمقابلة الطلب الإضافي للسوق الذي أوجده وجدي في الخارج، وهذا دعم للصادر. إذن، الرجل حين وقف في ذلك اللقاء ليستعرض خطته لزيادة الإنتاج ودعم الصادر، لم يكن يبيع الهواء، كما تصور الظافر، بل كان يحمل في جعبته مشروعاً حقيقياً.. كشف النقاب عنه بعد أيام معدودة. أما، لماذا ذهب وجدي بمشروعه هذا إلى ما وراء الحدود؟ فبغض النظر عن أي مبررات اقتصادية أو مسوغات تسويقية سيطرحها وجدي ميرغني، إذا سُئل.. فما أورده الظافر نفسه يكفي. إذ يقول “بصراحة، نحن الآن تجاوزنا مرحلة الإحساس الزائد بالفساد، وصلنا مرحلة التعايش مع الفساد”. ثم يختم: “سيد وجدي، أنا أتعاطف معك ليست هذه بيئة صالحة للاستثمار”.. أما الإيهام بأن وجدي يهرب باستثماراته إلى خارج الحدود، فسيكون أمراً عصياً على التصديق، حين تكتشف أن استثماراته داخل السودان تتجاوز في حجمها أضعاف أضعاف تلك التي في إثيوبيا، بل يكفي أن جل استثمارات الرجل في قطاعات ذات مخاطر عالية، عادة ما يهرب منها المستثمرون، مثل الزراعة والإنتاج الحيواني والصناعات التحويلية!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة