منذ اتفاق كامب ديفيد عام 1978 بين الرئيس محمد أنور السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن وتحت اشراف الرئيس الأمريكي كارتر والذي بموجبه انتهت الحرب بين مصر وإسرائيل وسحبت إسرائيل قواتها من سيناء، مهد هذا الاتفاق لان تكون لإسرائيل علاقة مع كل العرب الذين حولها وليس مصر فقط. وبعد هذه الاتفاقية بدئت بعض الدول العربية علاقتها مع إسرائيل وذلك عن طريق التمثيل الدبلوماسي. وفي عام 1995 أصدر الكونغرس الأمريكي قانون سفارة القدس الذي أعلن فيه (ينبغي الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل) كما نص القانون على نقل السفارة الامريكية الي القدس خلال خمس سنوات. ومنذ ذلك الوقت كان كل رئيس امريكي يمدد هذا القرار لمدة ستة أشهر. وعندما ترشح الرئيس ترامب للرئاسة الامريكية كان من ضمن برامجه الانتخابية جعل القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الامريكية الي القدس، فالرجل ومنذ ان تسلم الرئاسة الامريكية ينفذ وعوده الانتخابية عكس من سبقوه، ولقد لا حظنا ذلك في موضوع الهجرة واتفاقية المناخ والجدار الفاصل مع المكسيك، فالفرق بين ترامب ونظرائه السابقين ان الرجل لا يعرف لغة السياسة بل يعرف لغة المصالح البحتة فهو تاجر براغماتي من الدرجة الاولي. وبالفعل وفي يوم 6 ديسمبر اعترفت إدارة الرئيس ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأضاف ان وزارة الخارجية الامريكية ستبدأ عملية بناء السفارة الامريكية الجديدة في القدس. ومنذ الإعلان كان الناس في انتظار ردة فعل الزعماء العرب والمسلمين وماهي قرارتهم اتجاه هذه الخطوة من الإدارة الامريكية ،وكان اغلب الناس ينتظرون كلمة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ،ورغم ان اغلب الناس كانت مدركة حجم ما ستكون عليه كلمة السيد أبو مازن ،وبالفعل جاءت مخيبة لكل الآمال والطموحات فخطابه كان هذيلا ومتراخيا للحد البعيد ولم نسمع منه انه سوف يوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل او القول ان أمريكا انتهي دورها كوسيط لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ،لم نسمع أي من هذه الكلمات ، وكما قال ليبرمان وزير الدفاع الإسرائيلي ان التنسيق الأمني مع إسرائيل حمي أبو مازن من القتل وهذا في حد ذاته كلام خطير يعني ان الإسرائيليين هم من يحمون السلطة الفلسطينية . واما بالنسبة الي راس الرمح الثاني وهي حماس فقد خرج علينا السيد هنية بخطبة حماسية ولم نسمع منه انه اعطي تعليمات لكتائب القسام الجناح العسكري لحماس بان تشن حرب علي إسرائيل، فيا تري هل هناك امر جلل أكثر من القدس، ثم لماذا لا يخرج هنية وقادة حماس الي المظاهرات مع المواطنين الا يريدون الشهادة او الحور العين. ولماذا كل هذه الهجمة على دول الخليج ويريدون ان يحملوها فقدان القدس، اين كان العرب والمسلمين منذ العام 1995 بعد اعلان القدس عاصمة لإسرائيل من الكونغرس لماذا لم يتحركوا منذ ذلك الوقت، ثم ان جميع دول الخليج لا يوجد بها سفارة واحدة لإسرائيل ولا يوجد تعامل تجاري واضح بينها وبين إسرائيل عكس بعض الدول العربية والإسلامية التي توجد بها سفارات إسرائيلية. وإذا ذهبنا الي السادة المقاومين كما يدعون حزب الله والسيد حسن نصر الله فلماذا لم يذهب السيد نصر الله لتحرير القدس بعد ان قال انه تفرق لها بعد القضاء على داعش في سوريا فلماذا لا يوجه جنوده الي فلسطين وهي أقرب اليه من سوريا. وكذلك الحال ينطبق علي السيد رجب أردوغان الرئيس التركي، فقبل يوم صرح بأنهم إذا فقدو القدس اليوم سيفقدون غدا المدينة وبعدها مكة، فماذا فعل السيد اردوغان للقدس حتى لا تضيع كما يدعي، حيث نجد التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل بلغ في عام 2012، 4 مليار دولار سنويا، وتتمركز هذه التجارة في الحديد والصلب والمنسوجات وغيرها، وتبلغ قيمة البضائع الإسرائيلية الي تركيا حوالي 1,3 مليار دولار وتقول التقارير ان حجم هذه التجارة تضاعف في السنوات الفائتة فعن أي قدس يتحدث هولا الساسة وكلهم مطبعين مع إسرائيل ولهم سفارات في إسرائيل، فهذه الخطب الرنانة هي من اجل (الشو) الإعلامي وكسب تعاطف الشعوب للانتخابات او من اجل مكاسب سياسة خاصة ليس لها علاقة بالقدس لا من قريب ولا من بعيد، والذي يدفع الثمن هو المواطن البسيط العادي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة