أحد أصدقائي من مناصري الحزب الحاكم تجلّى ذات ليلة في الصراحة.. الصديق حمل البندقية مدافعاً عن أفكار الحركة الإسلامية في أحراش الجنوب .. حتى في الحاضر يعتبر رقماً لا تخطئه العين داخل أروقة الحزب والحكومة.. صديقنا اعترف أنه صوّت بحماس للحزب الحاكم في انتخابات ٢٠١٠.. في الانتخابات التي تليها كان متردداً في التصويت للشجرة.. لكنه جزم إن لم يحدث تغيير حقيقي فإنه لن يصوّت للوطني في الانتخابات القادمة.. قبل أيام نادى عقار القوى المعارضة للاستعداد للانتخابات المقبلة .. حرّك الرجل بركة الأحداث الساكنة.. الحزب الشيوعي وحلفاؤه في تحالف قوى الإجماع استنكروا الدعوة من الأساس .. قدموا منطقاً يصور أن الانتخابات لن تكون نزيهة بسبب احتكار الوطني لمفاتيح الدولة.. لكن تحالف نداء السودان المكوّن من حزب الأمة وبعض القوى الليبرالية وعد بدراسة فكرة المحارب العجوز. هنالك تجاريب تؤكد أن التغيير يمكن أن يتحقق بالأقساط غير المريحة للشموليين.. في زمبابوي عُقدت جولتان من الانتخابات في إطار مناخ تنافسي الأولى عام ٢٠٠٨ والثانية في ٢٠١٣.. في كليهما بدأت ملامح التغيير.. في الأولى فشل الرئيس موغابي في إحراز النصر من الجولة الأولى.. في الثانية فقد نحو ربع الذين أيدوه قبل خمس سنوات.. بعد كل جولة كانت أحداث العنف تُشهد العالم على شمولية الرئيس موغابي .. في كينيا حدث التغيير عام ٢٠٠٢ بعد حوالي ربع قرن من حكم دانيال أراب موي.. هزمت إرادة موي عبر نائبه السابق كيباكي الذي شق عصا الطاعة وأصبح زعيما للحزب المعارض..أوهور كينياتا الذي خسر الانتخابات عاد وفاز بها لاحقاً بعد أن استفاد من العرض الترويجي في جولة ٢٠٠٢. تميُّز كل حزب سياسي تكمن قدرته في الحركة .. السكون لا يحدث التغيير إلا في مرات نادرة.. لهذا على أحزاب المعارضة أن تفكر ألف مرة في دعوة مالك عقار والتي جاءت من الميدان .. حسناً.. الانتخابات توفر حدثاً تموله السلطة من الألف للياء في سبيل كسب الشرعية.. من خلال هذا الحدث بإمكان الأحزاب المعارضة أن تتحرك ابتغاء النصر أو فضح النظام.. كل من الخيارين أفضل من انتظار الجثة في أدنى النهر.. الحزب الحاكم تعرّض لكثير من التحوّلات حتى وهن العظم منه واشتعل رأسه شيباً.. لا أحد يتصور حركة إسلامية يغيب عنها حسن الترابي فكراً ومنهجاً.. ولا تستوعب قراءات غازي صلاح الدين في المستقبل .. وتعزل علي عثمان في مزرعة نائية.. وتجعل تخصص نافع علي نافع في الأحزاب الافريقية خارج الحدود. في تقديري أن هزيمة المؤتمر الوطني ليست مستحيلة.. جو الانتخابات وإن اعترته الشكوك يوفر مناخاً جيداً للحركة.. فقط المطلوب أن تتّحد الرؤية من أجل التغيير.. بالإمكان بناء تحالف واسع على رؤية برنامج الحد الأدنى .. تحالف لا يستثني القافزين من سفينة الوطني.. يكون من رموزه حزب الأمة بقيادة الإمام .. وتتشكل أجنحته من القوة الليبرالية الناهضة والباحثة عن آفاق التغيير.. انتظار ثورة شعبية فيه استسلام للأقدار السياسية.. كما أن نتائجه ليست مضمونة فقد يؤسس لشمولية جديدة أو يؤطر لعنصرية بغيضة. بصراحة.. الذين يظنون أن مالك عقار يؤذن في مالطا قد أخطأوا .. فقد كسب المحارب صوتاً صديقياً وأصواتاً حكومية أخرى.. تحقيق التغيير في الوطني يماثل لبن الطير في الاستحالة .. كما أن ذاكرة والي النيل الأزرق تحفظ كيف اشترى الوطني صمت الحركة الشعبية في انتخابات ٢٠١٠.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة