|
Re: الوقار والسكينة سمات دروس العلماء بقلم د. (Re: عارف عوض الركابي)
|
ألم تقرأ عن غضبة الامام مالك وخروجه عن طوره وطرده من محلسه للذي سأله عن تفسير آية (الرحمن على العرش استوى) ولم يكتف بالطرد بل شتمه بأنه امرؤ سوء، مما يعني أنه افترض على الرجل افتراضات ظنية منه في نوايا وقصد الرجل الذي هو مجرد شخص عادي التبس عليه المعنى الظاهري وأراد أن يتأكد هل هو كما في ظاهر اللفظ أم أن العلماء أمثال مالك بن أنس بن مالك لهم رؤية للعرش غير ما يحلس عليه الملوك وأن الاستواء هو الجلوس على الشيء والاستقرار فوقه أم من تسوية الخلق والأشياء أو اتجاه المشيئة إلى إنشائها وتسويتها - فهل هناك ما أثار حفيظة العالم القدوة و(تشنجه وتوتره) على السائل المسكين؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الوقار والسكينة سمات دروس العلماء بقلم د. (Re: عمرو)
|
يا عمرو غضبة الإمام مالك لها ما يبررها. والمسلم الحق يغضب لله وعند رؤية الباطل فما بالك بإمام أهل أهل السنة والجماعة.
هذا الرجل جاء وسأل الإمام مالك -رحمه الله- عن قوله -تعالى-: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كيف استوى؟ قال الراوي: فما رأيته -يعني: الإمام مالك - وَجَدَ من شيء كوجده من مقاله، وجد يعني: غضب، فما رأيته غضب من شيء أشد من غضبه ذلك. وعلاه الرُّحَضاء -يعني: علاه العرق- فصار يتصبب من العرق من ثقل هذه المقالة وشدتها على الإمام مالك -رحمه الله- وأطرق القوم -وأطرق برأسه أيضا، سكت مدة ما يتكلم وأطرق القوم- فجعلوا ينتظرون الأمر به فيه: ينتظرون ماذا يقول الإمام مالك الإمام مالك غضب وجعل يتصبب عرقا، وسكت والرجل واقف ينتظر.
ثم سُرِّيَ عن مالك -يعني: انكشف وزال ما به- فقال: الكيف غير معلوم، والاستواء غير مجهول: الكيف غير معلوم، يعني: كيفية الاستواء، غير معلومة بل هي مجهولة، والاستواء غير مجهول بل هو معلوم، فالاستواء معلوم معناه في اللغة العربية، وهو: الاستقرار والعلو والصعود والارتفاع، والكيف كيفية اتصاف الرب بالاستواء، هذا غير معلوم.
والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة -الإيمان بالصفة واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة-
ثم قال الإمام مالك وإني لأخاف أن تكون ضالا -يعني: هذا الرجل الذي سأله، لماذا يسأل السؤال: كيف استوى؟ يسأل عن الكيفية، هذا سؤال باطل؛ فلا ينبغي أن يسأل عن الكيفية، بل يجب عليه أن يؤمن بالاستواء ويقول: آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وما جاء به رسول الله على مراد رسول الله.
الرب قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى يجب على الإنسان أن يقول: آمنت بالله ورسوله، الله استوى على عرشه، استوى بما يليق بجلاله وعظمته، أما أن يسأل يقول: كيف استوى؟ هذا بدعة، لا تسأل عن الكيفية، فالاستواء معلوم معناه في اللغة العربية، أما الكيفية فلا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال الإمام مالك -رحمه الله-: وإني أخاف أن تكون ضالا، ثم أمر به فأخرج.
هذا الرجل أخرج عن مجلسه، وأبعد عن مجلس الإمام مالك طُرد من الحلقة ومن المسجد ومن المجلس، بسبب بدعته وسؤاله سؤالا مبتدعا، حتى لا تَسْرِي بدعته إلى غيره، فإذا كان هذا الإمام مالك -رحمه الله- وغيره، الذي يسأل عن الكيفية يُطرَد ويُخرَج من المسجد ويُهجر، والآن في هذا الزمن صار الكل يتكلم الكل يتكلم بما يشاء، كلٌّ يؤلف، كل يكتب، تكلم الرويبضة، وصار المبتدعة يكتبون، المعتزلة يكتبون، والأشاعرة يكتبون، والضُّلَّال يكتبون، وكلٌّ يكتب، أين هم من الأئمة رحمهم الله.
الأئمة في زمانهم ما يستطيع أحد أن يتكلم، ولا يستطيع أحد يكتب، مَن كتب يُؤدَّب ويُهجر وَيُحَذَّر منه، وبذلك تموت البدع وتحيا السنن. أما في الأزمنة المتأخرة أخرج أهل البدع رءوسهم وصاروا يتكلمون ويكتبون وينشرون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الوقار والسكينة سمات دروس العلماء بقلم د. (Re: أبو عبد الله)
|
يا أبا عبد الله هل أنت تمدح الإمام مالك أم تذم قمع الباحثين عن المعرفة والقناعة الفكرية تجاوزاً لإملاءات الأئمة خاصة الذين أسسوا للفهم التقليدي الظاهري السطحي للنص القرءاني في مجال العقيدة والغيبيات مثل الإمام مالك؟! إن غضبة الإمام ليس لها طلاقاً ما يبررها إلا التصور الذهني الساذج للذات الإلهية وتجسيمها في التصور الموروث من الأولين الذين لم يتبينوا التمييز في تطور العقيدة الاسلامية عنها في الدينات السابقة مثل اليهودية والمسيحية اللتين لم تحدثا فرقاً في تصور الآلهة عما كانت عليه عند قدامء الإغريق في الأساطير اليونانية حيث حملت آلتهم كل صفات البشر. وفي الحقيقة فقد تنزلت اليهودية ولا زال العقل البشري لا يكاد ينفك من الصورة الجسمية للغيبيات غير المشاهدة بما في ذلك الإله عند الإغريق. ولا يحتاج الأمر إلى كثير عناء في التدليل على ذلك، فسيدنا موسى عليه السلام قد لقي العنت مع قومه في سبيل إفهامهم التصور الصحيح لإلههم حتى اضطروه لسؤال ربه بأن يراه فجاءه الرد حاسماً ب (لن تراني). ثم جاء الاسلام والناس ما زالوا على تلك الصورة التي تركتها اليهودية والمسيحية والأساطير اليونانية، ولكن بما أن الرسالة المحمدية هي الخاتمة فلم تقتصر في خطابها على حالة البشر آنذاك ولم تقتصر على عرب الجاهلية ومعاصريهم في ذلك الزمان، وإنما جاءت رسالة للعالمين كافة آخذة في الحسبان تطور العقلية البشرية إلى نهاية الزمان. لكن بعض السلف الذين أسسوا للعقيدة والعبادات كما المعاملات والمواريث وصنفوا في ذلك مذاهب أمثال الإمام مالك رحمه الله، لم يستوعبواجانباً مهماً في العقيدة ألا وهو تصور الذات الإلهية. ... فبسبب منهجهم في التفسير، وهو التفسير الظاهري للخطاب القرءاني وأخذهم لألفاظه على الحقيقة الظاهرية (فالحقيقة نسبية بحسب درجة العلم والفهم) فكانت الحقيقة التي عنوها هي حقيقة فهمهم القاصر حتى ذلك الأوان لحقائق الكون العلمية التي لا تعتمد معرفتها على النقل وحده بل بالعقل كذلك. لذا أتصور أن الإمام مالك غضب غضبته المضرية على السائل لأنه (الإمام) كان يتصور أن الله له عرش يجلس عليه كالملك الناسوت، لذا استنكر السؤال عن كيفية جلوسه على العرش بمعنى كرسي أو سرير الملك لظنه أن السائل يريد أن يراه كيف ينجو أو لاينجو من التمثيل والتشبيه الذي يقول به! هل يجلس منتصباً أم متكئاً للخلف أم منكباً للأمام كما يكون عليه الحال مع ملوك البشر سبحناه تعالى عن كل شبه بخلقه، خاصة وأنه مع تجسيم الذات الإلهية، يقول بتنزيهه عن المِثل والشبيهه، كما يفعل السلفيون اليوم، فيقولون لك إن الله أثبت لنفسه العين واليد والوجه والقدم ولكن من غير تشبيه ولا تمثيل. فالمعادلة عندهم هي أن ما نسبه الله لنفسه من أعضاء في القرآن تؤخذ على الحقيقة وليس على المجاز الذي يعتبرونه تعطيل للفظ القرآني، بل أن هذه النسبة هي إثبات لهذه الأعضاء المذكورة! ولكن من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل، وهي العبارة التي يرددونها بدون فهم! إذ لم ولن يفهموا أبداً أن عدم جواز التشبيه والتمثيل ينطبق على الذات الإلهية نفسها كما يطبقونه على الأعضاء، فإذا كانت الذات ليست جسماً، فكيف تثبت لنفسها الأعضاء على الحقيقة؟! كذلك فهم واهمون إذ لم يميزوا بين النسبة والاثبات. فإذا قلت مثلاً إن ولدي البكر هو ذراعي الأيمن، فهل أنا هنا أثبت أن لي ذراع أيمن على الحقيقة؟ هل لابد لمن قال ذلك من ذراعين؟ ألا يحتمل أن يكون بلا ذراعين أو ذراع أيمن من أصل خلقته أو على الأقل حين التكلم؟! وكذلك إذا قلت: أنت على عيني، فهل لا يحق للأعمى أن يستخدم هذا التعبير المجازي؟! ولو تتبع هؤلاء السلفية المواضع التي ورد فيها ذكر الأعضاء منسوبة لله تعالى لوجدوا أن ذكرها جميعاً لم يأت أبداً في معرض إثبات العضو الجسمي لله. ولا يمكن أخذها على الحقيقة وإلا وقعوا في التشبيه والتمثيل بالخلائق. لذا يجد السلفيون أنفسهم في ورطة وهم يقولون بثبوت الأعضاء بنسبتها لله في القرآن، إذ لايجدون مناصاً في نهاية المطاف بالقول بالمعنى المجازي، فقيل لإبن عثيمين كيف تقول إن الله أثبت لنفسه العين وتفسر العبارة التي ورد فيها العضو منسوباً ( ولتصنع على عيني) بأنها عبارة مجازية؟ فقال كيف يكون ذلك على العين أو داخل العين الحقيقية؟ لقد أصبح هو الذي يتساءل! وهكذا في كل المواضع التي يخشون وهم التعطيل فيها يفسرون سياقها بالمعنى المجازي، فـ(يد الله فوق أيديهم) لايقولون بأن الله يضع يده فوق أيديهم حقيقة، إذن ما فائدة قولهم بإثبات الله تعالى الأعضاء لنفسه. وعليه لو كان الإمام مالك يعتقد بأن الله ليس بجسم لما أغضبه سؤال الكيفية ولم ير في ذلك تجديفاً ولاجتهد في ايجاد تفسير فكل أبواب التفكر والفهم مفتوحة أمامه ولكن فكره التجسيمي أغلق عليه أبواب الاجتهاد الحر من كل معتقد مسبق موروث غير محقق ..
| |
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|