الوقار والسكينة سمات دروس العلماء بقلم د. عارف الركابي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 10:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-02-2017, 06:04 PM

عارف عوض الركابي
<aعارف عوض الركابي
تاريخ التسجيل: 12-09-2013
مجموع المشاركات: 461

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الوقار والسكينة سمات دروس العلماء بقلم د. عارف الركابي

    05:04 PM December, 02 2017

    سودانيز اون لاين
    عارف عوض الركابي-الخرطوم-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر




    رأيت أن من المناسب التنويع في أسلوب معالجة ظاهرة (التشنّج) و(التوتّر) في الخطاب الدعوي ، ومن ذلك رأيت أن أعرض بإيجاز كيف تكون مجالس العلماء ، بالاستشهاد بمجلس الإمام مالك رحمه الله تعالى ..

    لقد حرص الإمام مالك على طلب العلم وأحبه وصبر وجد في تحصيله وتجلد في سبيل ذلك، وتحري في أخذ العلم عن أهله الموثوقين ، فأحسن انتقاءهم واختيارهم كشيخه الزهري وربيعة وابن هرمز ونافع وغيرهم, هؤلاء الأربعة من التابعين الذين تتلمذوا على الصحابة الكرام، فاجتمع للإمام مالك رحمه الله ذلك مع ما وهبه الله تعالى من سرعة الحفظ وكثرته مع فهمه وإتقانه، فكانت هذه الأمور – بعد توفيق الله تعالى - من المؤهلات لأن يكون الأمام مالك معلماً وإماماً فحصل له ذلك في حياة بعض شيوخه، فقد بدأ الإمام مالك التدريس والتعليم والإفتاء بعد أن استوت رجولته ونضج عقله، وذلك بعد أن استشار أهل العلم، وكان يرى أن ذلك لابد منه !!
    فقد قال في ذلك: «ليس كل من أحب أن يجلس في المسجد للحديث والفتيا جلس، حتى يشاور فيه أهل الصلاح والفضل.. فإن رأوه لذلك أهلاً جلس، وما جلست حتى شهد لي سبعون شيخاً من أهل العلم أني موضع لذلك». واستشار في ذلك شيخيه : الزهري وربيعة.
    وقد بلغ في درسه من إجلاله للحديث مبلغاً عظيماً . وقد صاحب تدريسه التزامه السكينة والوقار والبعد عن اللغو، وكذا البعد عن المسائل الافتراضية التي لم تحدث. ولذلك كان مجلسه من أكثر المجالس هيبة.
    قال أبو مصعب : «كانوا يزدحمون على باب مالك فيقتتلون على الباب من الزحام، وكنا نكون عند مالك فلا يكلم ذا ذا ولا يلتفت ذا إلى ذا، والناس قائلون برؤوسهم هكذا، وكانت السلاطين تهابه وهم قائلون مستمعون، وكان يقول في مسألة: لا أو نعم، ولا يقال له: من أين قلت ذا؟».
    وكان إذا جلس جلسة لم يتحول عنها حتى يقوم, إذا شرع في الحديث تهيبه تلاميذه وكأنهم لم يعرفوه ولم يعرفهم وكأن الطير على رؤوسهم.
    فجزاه المولى سبحانه وتعالى على إجلاله لحديث رسوله صلى الله عليه وسلم هيبة وإكراماً من أهل العلم والفضل وذي السلطان. قال سعيد بن أبي مريم : «ما رأيت أشد هيبة من مالك، لقد كانت هيبته أشد من هيبة السلطان».
    وقال الشافعي: « ما هبت أحداً قط هيبتي مالك بن أنس حين نظرت إليه».
    ومما أُنشِدَ في ذلك:
    يأبى الجواب فلا يراجع هيبة
    والسائلون نوكس الأذقان
    أدب الوقار وعز سلطان التُّقَى
    فهو المَهِيبُ وليس ذا السلطان
    وما نقل في ذلك كثير جداً والمقصود ذكر نماذج فقط وللاستزادة فإنه يمكن الرجوع إلى كتاب «ترتيب المدارك» للقاضي عياض وغيره. وأما تحريه للفتوى وورعه في ذلك، فإن الإمام مالكاً يعد إماماً بحق في ذلك، وقد سُطرت في كتب أهل العلم نقولات عظيمة عنه في ذلك. وقد تقدم أنه تأثر في ذلك بشيخه ابن هرمز. لاسيما في قول: «لا أدري» وعدم التجرؤ على الفتيا.
    ومما نقل عنه في ذلك: أنه كان يقول: ربما وردت عليَّ المسألة فأسهر فيها عامة ليلي وكان ـ رحمه الله ـ إذا سئل المسألة قال للسائل: انصرف حتى أنظر فيها، وكان إذا سئل عن مسألة تغير لونه وقال بعضهم: لكأنما مالك والله إذا سئل عن مسألة واقف بين الجنة والنار، وكان يقول: «من أحب أن يجيب عن مسألة فليعرض نفسه قبل أن يجيب على الجنة والنار، وكيف يكون خلاصه في الآخرة، ثم يجيب».
    ونظراً لأن المفتي يكون حجة بين السائل وبين الله تعالى، فقد كان الإمام مالك كثيراً ما يقول في بعض المسائل: لا أدري، وكان مع علمه الغزير ومكانته وإمامته لا يتحرج من أن يقولها.
    قال الهيثم بن جميل: « سمعت مالكاً سُئل عن ثمان وأربعين مسألة فأجاب في اثنتين وثلاثين منها بـ «لا أدري». وقال خالد بن خداش: « قدمت على مالك بأربعين مسألة، فما أجابني منها إلا في خمس مسائل».
    وهذا منه ـ كما تقدم ـ عملاً بوصية شيخه ابن هرمز له حيث قال له فيما يرويه الإمام مالك عنه: « ينبغي للعالم أن يورِّثَ جلساءه قول: « لا أدري» حتى يكون ذلك أصلاً يفزعون إليه». وقد سأله رجل عن مسألة وذكر أنهم أرسلوه ليسأله عنها مسيرة ستة أشهر، قال: هاتها، فأخبره بها، فقال: لا علم لي بها، فأخبر الذي أرسلك أني لا علم لي بها، قال: ومن يعلمها؟ قال: من علمه الله. ثم قال: قالت الملائكة : "لا علم لنا إلا ما علمتنا".
    ومما ينبغي التنبيه عليه في هذا: أن قول لا أدري لم يكن من الإمام مالك عن عجز مطلق، ولكن كان يكون ذلك منه عندما يكون الذي وصل إليه ظناً لا ينبغي إعلانه، أو أنه لم يجد إجابة شبيهة لهذه المسألة فيما سمع من فتاوى الصحابة وما أثر عمن يقتدى بهم من العلماء والمشايخ ولذلك كان يقول ـ رحمه الله ـ منكراً على من يتعجلون الفتوى:
    «ورأيت أهل زماننا هذا يشتهون الكلام في الفتيا، ولو وقفوا على ما يصيرون إليه غداً لقللوا من هذا، وإن عمر بن الخطاب وعلياً وعلقمة وخيار الصحابة، كانت ترد عليهم المسائل، وهم خير القرون، الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا يجمعون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ويسألون حينئذٍ ثم يفتون فيها، وأهل زماننا هذا قد صار فخرهم الفتيا، فبقدر ذلك يفتح من العلم...».
    قلت: فكيف بالإمام مالك ـ رحمه الله ـ لو رأى أهل زماننا هذا؟ فقد رأينا ـ للأسف ـ تجرؤ كثير من الناس على الفتيا والكلام عن دين الله والتحدث عن الشريعة وهم ليسوا أهلاً لذلك بل هم من أجهل خلق الله بدين الله، وقد ساعدهم في ذلك وفرة وسائل الإعلام من قنوات ومواقع إنترنت وغيرها.. فنسأل الله لهم الهداية ولنا العافية.
    وقال ابن وهب: لو شئت أن أملأ ألواحي من قول مالك: «لا أدري» لفعلت والنقول في ذلك عن الإمام مالك كثيرة وعظيمة تدل على تحريه في الفتوى وتقواه وورعه في ذلك وخوفه من سؤال الله، وليس المقصود حصر النصوص في ذلك، إذ ذاك أمر يصعب جمعه فيما نحن بصدده ولكن المقصود ذكر نماذج تبين منهجه في ذلك وللاستزادة فإنه يمكن الرجوع إلى «ترتيب المدارك» و «الانتقاء» و «الديباج» و «السير».
    قلتُ : إن مجلس الإمام مالك هو كغيره من مجالس العلماء السابقين ومن سار على نهجهم من التابعين ممن اهتدوا واقتدوا بإمام الأنبياء والمرسلين محمد عليه الصلاة والسلام، إنه مجلس ينشر فيه العلم والهدى والسنة، بإجلال وتوقير ومهابة ، بطرح علمي جاد، وقد يحصل فيها من الطُرَف المفيدة بالضوابط المرعية ، من التقيد بالآداب الشرعية والتحلي بالأخلاق السويّة، ومن اطلع وتأمل هذا الجانب في مجالس العلماء وطريقة التدريس فيها وأسلوبهم في نشر العلم، ومن وُفّق للجلوس مع العلماء الربانيين في زماننا أدرك ذلك بوضوح وجلاء، وعليه فإن من أهم المهمات التي يذكّر بها العالم والداعية وطالب العلم والخطيب وغيرهم أن يعتنوا بذلك ، فإن بعض المجالس – وللأسف كثرت في زماننا بسبب تقليد بعض المعاصرين ممن لا يؤمن عليهم الفتنة - غلب عليها (الضحك) ووقع أصحابها بل بنى بعض أهلها كلامهم وخطابهم على السخرية بالآخرين، وبعضهم ربما رأى أن في ذلك تلبية لرغبة الحاضرين !! وبعضهم ربما حمله التقليد الأعمى !! وبعضهم لم يعلم الحق فوقع في الباطل جهلاً منه وقل غير ذلك في أسباب هذه الظاهرة ، وخرجت عن جانب الجادة في ذلك ، وجاءت بإحداث خطير ومنكر وبيل، واتجهت بممارسات - يقلد فيها بعضهم بعضاً - نحو تبديل وتغيير الهدي النبوي العظيم في مخاطبة المدعوين ونشر العلم وبيان الحق وتخطئة المخالفين..
    فليكن في نشر هذه المادة دلالة بإيجاز على وصف مجالس أهل العلم ..وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف ..
    والموفق من وفّقه الله ..



    alintibaha























                  

12-03-2017, 01:19 PM

عمرو


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الوقار والسكينة سمات دروس العلماء بقلم د. (Re: عارف عوض الركابي)

    ألم تقرأ عن غضبة الامام مالك وخروجه عن طوره وطرده من محلسه للذي سأله عن تفسير آية (الرحمن على العرش استوى) ولم يكتف بالطرد بل شتمه بأنه امرؤ سوء، مما يعني أنه افترض على الرجل افتراضات ظنية منه في نوايا وقصد الرجل الذي هو مجرد شخص عادي التبس عليه المعنى الظاهري وأراد أن يتأكد هل هو كما في ظاهر اللفظ أم أن العلماء أمثال مالك بن أنس بن مالك لهم رؤية للعرش غير ما يحلس عليه الملوك وأن الاستواء هو الجلوس على الشيء والاستقرار فوقه أم من تسوية الخلق والأشياء أو اتجاه المشيئة إلى إنشائها وتسويتها - فهل هناك ما أثار حفيظة العالم القدوة و(تشنجه وتوتره) على السائل المسكين؟
                  

12-04-2017, 00:13 AM

أبو عبد الله


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الوقار والسكينة سمات دروس العلماء بقلم د. (Re: عمرو)

    يا عمرو غضبة الإمام مالك لها ما يبررها. والمسلم الحق يغضب لله وعند رؤية الباطل فما بالك بإمام أهل أهل السنة والجماعة.


    هذا الرجل جاء وسأل الإمام مالك -رحمه الله- عن قوله -تعالى-: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كيف استوى؟ قال الراوي: فما رأيته -يعني: الإمام مالك - وَجَدَ من شيء كوجده من مقاله،
    وجد يعني: غضب، فما رأيته غضب من شيء أشد من غضبه ذلك. وعلاه الرُّحَضاء -يعني: علاه العرق- فصار يتصبب من العرق من ثقل هذه المقالة وشدتها على الإمام مالك -رحمه الله-
    وأطرق القوم -وأطرق برأسه أيضا، سكت مدة ما يتكلم وأطرق القوم- فجعلوا ينتظرون الأمر به فيه: ينتظرون ماذا يقول الإمام مالك الإمام مالك غضب وجعل يتصبب عرقا، وسكت والرجل واقف ينتظر.

    ثم سُرِّيَ عن مالك -يعني: انكشف وزال ما به- فقال: الكيف غير معلوم، والاستواء غير مجهول: الكيف غير معلوم، يعني: كيفية الاستواء، غير معلومة بل هي مجهولة، والاستواء غير مجهول بل هو معلوم،
    فالاستواء معلوم معناه في اللغة العربية، وهو: الاستقرار والعلو والصعود والارتفاع، والكيف كيفية اتصاف الرب بالاستواء، هذا غير معلوم.

    والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة -الإيمان بالصفة واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة-

    ثم قال الإمام مالك وإني لأخاف أن تكون ضالا -يعني: هذا الرجل الذي سأله، لماذا يسأل السؤال: كيف استوى؟ يسأل عن الكيفية، هذا سؤال باطل؛
    فلا ينبغي أن يسأل عن الكيفية، بل يجب عليه أن يؤمن بالاستواء ويقول: آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وما جاء به رسول الله على مراد رسول الله.

    الرب قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى يجب على الإنسان أن يقول: آمنت بالله ورسوله، الله استوى على عرشه، استوى بما يليق بجلاله وعظمته،
    أما أن يسأل يقول: كيف استوى؟ هذا بدعة، لا تسأل عن الكيفية، فالاستواء معلوم معناه في اللغة العربية، أما الكيفية فلا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال الإمام مالك -رحمه الله-: وإني أخاف أن تكون ضالا، ثم أمر به فأخرج.

    هذا الرجل أخرج عن مجلسه، وأبعد عن مجلس الإمام مالك طُرد من الحلقة ومن المسجد ومن المجلس، بسبب بدعته وسؤاله سؤالا مبتدعا، حتى لا تَسْرِي بدعته إلى غيره،
    فإذا كان هذا الإمام مالك -رحمه الله- وغيره، الذي يسأل عن الكيفية يُطرَد ويُخرَج من المسجد ويُهجر، والآن في هذا الزمن صار الكل يتكلم الكل يتكلم بما يشاء، كلٌّ يؤلف،
    كل يكتب، تكلم الرويبضة، وصار المبتدعة يكتبون، المعتزلة يكتبون، والأشاعرة يكتبون، والضُّلَّال يكتبون، وكلٌّ يكتب، أين هم من الأئمة رحمهم الله.

    الأئمة في زمانهم ما يستطيع أحد أن يتكلم، ولا يستطيع أحد يكتب، مَن كتب يُؤدَّب ويُهجر وَيُحَذَّر منه، وبذلك تموت البدع وتحيا السنن.
    أما في الأزمنة المتأخرة أخرج أهل البدع رءوسهم وصاروا يتكلمون ويكتبون وينشرون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
                  

12-04-2017, 02:50 AM

عمرو


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الوقار والسكينة سمات دروس العلماء بقلم د. (Re: أبو عبد الله)

    يا أبا عبد الله هل أنت تمدح الإمام مالك أم تذم قمع الباحثين عن المعرفة والقناعة الفكرية تجاوزاً لإملاءات الأئمة خاصة الذين أسسوا للفهم التقليدي الظاهري السطحي للنص القرءاني في مجال العقيدة والغيبيات مثل الإمام مالك؟! إن غضبة الإمام ليس لها طلاقاً ما يبررها إلا التصور الذهني الساذج للذات الإلهية وتجسيمها في التصور الموروث من الأولين الذين لم يتبينوا التمييز في تطور العقيدة الاسلامية عنها في الدينات السابقة مثل اليهودية والمسيحية اللتين لم تحدثا فرقاً في تصور الآلهة عما كانت عليه عند قدامء الإغريق في الأساطير اليونانية حيث حملت آلتهم كل صفات البشر. وفي الحقيقة فقد تنزلت اليهودية ولا زال العقل البشري لا يكاد ينفك من الصورة الجسمية للغيبيات غير المشاهدة بما في ذلك الإله عند الإغريق. ولا يحتاج الأمر إلى كثير عناء في التدليل على ذلك، فسيدنا موسى عليه السلام قد لقي العنت مع قومه في سبيل إفهامهم التصور الصحيح لإلههم حتى اضطروه لسؤال ربه بأن يراه فجاءه الرد حاسماً ب (لن تراني). ثم جاء الاسلام والناس ما زالوا على تلك الصورة التي تركتها اليهودية والمسيحية والأساطير اليونانية، ولكن بما أن الرسالة المحمدية هي الخاتمة فلم تقتصر في خطابها على حالة البشر آنذاك ولم تقتصر على عرب الجاهلية ومعاصريهم في ذلك الزمان، وإنما جاءت رسالة للعالمين كافة آخذة في الحسبان تطور العقلية البشرية إلى نهاية الزمان. لكن بعض السلف الذين أسسوا للعقيدة والعبادات كما المعاملات والمواريث وصنفوا في ذلك مذاهب أمثال الإمام مالك رحمه الله، لم يستوعبواجانباً مهماً في العقيدة ألا وهو تصور الذات الإلهية. ... فبسبب منهجهم في التفسير، وهو التفسير الظاهري للخطاب القرءاني وأخذهم لألفاظه على الحقيقة الظاهرية (فالحقيقة نسبية بحسب درجة العلم والفهم) فكانت الحقيقة التي عنوها هي حقيقة فهمهم القاصر حتى ذلك الأوان لحقائق الكون العلمية التي لا تعتمد معرفتها على النقل وحده بل بالعقل كذلك. لذا أتصور أن الإمام مالك غضب غضبته المضرية على السائل لأنه (الإمام) كان يتصور أن الله له عرش يجلس عليه كالملك الناسوت، لذا استنكر السؤال عن كيفية جلوسه على العرش بمعنى كرسي أو سرير الملك لظنه أن السائل يريد أن يراه كيف ينجو أو لاينجو من التمثيل والتشبيه الذي يقول به! هل يجلس منتصباً أم متكئاً للخلف أم منكباً للأمام كما يكون عليه الحال مع ملوك البشر سبحناه تعالى عن كل شبه بخلقه، خاصة وأنه مع تجسيم الذات الإلهية، يقول بتنزيهه عن المِثل والشبيهه، كما يفعل السلفيون اليوم، فيقولون لك إن الله أثبت لنفسه العين واليد والوجه والقدم ولكن من غير تشبيه ولا تمثيل. فالمعادلة عندهم هي أن ما نسبه الله لنفسه من أعضاء في القرآن تؤخذ على الحقيقة وليس على المجاز الذي يعتبرونه تعطيل للفظ القرآني، بل أن هذه النسبة هي إثبات لهذه الأعضاء المذكورة! ولكن من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل، وهي العبارة التي يرددونها بدون فهم! إذ لم ولن يفهموا أبداً أن عدم جواز التشبيه والتمثيل ينطبق على الذات الإلهية نفسها كما يطبقونه على الأعضاء، فإذا كانت الذات ليست جسماً، فكيف تثبت لنفسها الأعضاء على الحقيقة؟! كذلك فهم واهمون إذ لم يميزوا بين النسبة والاثبات. فإذا قلت مثلاً إن ولدي البكر هو ذراعي الأيمن، فهل أنا هنا أثبت أن لي ذراع أيمن على الحقيقة؟ هل لابد لمن قال ذلك من ذراعين؟ ألا يحتمل أن يكون بلا ذراعين أو ذراع أيمن من أصل خلقته أو على الأقل حين التكلم؟! وكذلك إذا قلت: أنت على عيني، فهل لا يحق للأعمى أن يستخدم هذا التعبير المجازي؟! ولو تتبع هؤلاء السلفية المواضع التي ورد فيها ذكر الأعضاء منسوبة لله تعالى لوجدوا أن ذكرها جميعاً لم يأت أبداً في معرض إثبات العضو الجسمي لله. ولا يمكن أخذها على الحقيقة وإلا وقعوا في التشبيه والتمثيل بالخلائق. لذا يجد السلفيون أنفسهم في ورطة وهم يقولون بثبوت الأعضاء بنسبتها لله في القرآن، إذ لايجدون مناصاً في نهاية المطاف بالقول بالمعنى المجازي، فقيل لإبن عثيمين كيف تقول إن الله أثبت لنفسه العين وتفسر العبارة التي ورد فيها العضو منسوباً ( ولتصنع على عيني) بأنها عبارة مجازية؟ فقال كيف يكون ذلك على العين أو داخل العين الحقيقية؟ لقد أصبح هو الذي يتساءل! وهكذا في كل المواضع التي يخشون وهم التعطيل فيها يفسرون سياقها بالمعنى المجازي، فـ(يد الله فوق أيديهم) لايقولون بأن الله يضع يده فوق أيديهم حقيقة، إذن ما فائدة قولهم بإثبات الله تعالى الأعضاء لنفسه.
    وعليه لو كان الإمام مالك يعتقد بأن الله ليس بجسم لما أغضبه سؤال الكيفية ولم ير في ذلك تجديفاً ولاجتهد في ايجاد تفسير فكل أبواب التفكر والفهم مفتوحة أمامه ولكن فكره التجسيمي أغلق عليه أبواب الاجتهاد الحر من كل معتقد مسبق موروث غير محقق ..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de