من حق وزارة السياحة والآثار أن تبحث في أمر تطوير المنتج السياحي في السودان ، وأن تعمل أيضاً على إعلاء مستوى مساهمة المدخول السياحي في موارد الخزينة العامة ، وللحقيقة فإن هذه الوزارة وبعد فصلها العام 2002 لتصبح جسماً وزارياً مستقلاً بعدما عانت لسنين طويلة من وجودها كقسم (مُستضعف) تابع لعدد من الوزارات بالتوالي من ضمنها الثقافة والإتصالات وغيرها ، نعترف لمنسوبيها هذه الأيام بجهودهم المُتعلٍّقة بالتبشير السياحي على مستوى القواعد الإجتماعية في المنتديات وكل المنابر الثقافية المُتاحة مما يمثل بارقة أمل في بزوغ فجر هذه الصناعة الهامة في السودان ، لكن يبقى السؤال المطروح دوماً حينما نتحدث عن (المعوقات) الكؤودة التي أصبحت (تابع إستراتيجي) لا يمكن الإنفكاك عنه في حيثيات حركة التنمية القومية في شتى الإتجاهات ، وبذا لابد من القول أن غول الفساد الإداري والسياسي المُستشري في أواصر دولة المؤتمر الوطني ، يلعب دوره التقليدي في وأد آمال من يحلمون أن تؤتي السياحة أُكلها في السودان الغني بالكثير من الموارد والمميزات السياحية ، فإنغماس الطبقة الحاكمة في السودان في تفاصيل ومشغوليات تثبيت وجودها على سُدة الحكم وما يؤدي إليه ذلك من مُشكلات أهمها الإنفلات الأمني في شتى بقاع السودان وفقدان المال العام عبر منافذ كثيرة غير شرعية وغير قابلة للمراجعة والمحاسبة الإدارية والعدلية ، هو أكثر ما يُبعد سلطات إتخاذ القرار السياسي لحكومتنا المُترنحة عن الإيمان بقضية السياحة في السودان ووضع مُخططات وزارتها ضمن أولويات الصرف التنموي في ميزانياتها العامة ، وصناعة السياحة في السودان لن يستقيم أمر تطويرها وتحصيل مردوداتها الإقتصادية الواعدة دون مثول (قناعة) الدولة وبالتحديد قيادتها السياسية خلفها ، وذلك من باب أن السياحة بشتى أشكالها وتخصصاتها لا تزدهر ولا تقوم إلا على بِنى تحتية قومية تطلع بها الدولة وفي مقدمة تلك البنى أوالمطلوبات شبكة الطرق والمواصلات المتطورة والفعَّالة والمريحة بما في ذلك المطارات والموانيء ، ثم خدمات الكهرباء والمياه والأمن وغيرها ، ليبقى تطوَّر الخدمات المباشرة للفعل السياحي مهمة تلقائية ومضمونة تؤديها الوزارة عبر التخطيط يساندها القطاع الخاص عبر الإستثمارالسياحي طالما توفَّرت البنى التحتية ، لكن هيهات وحكومتنا عبر تشبثها بما آل إليها من نفوذ وثروات وموارد لا تنفك عن تبديد موارد البلاد في حروبات داخلية وخارجية معظمها يمكن أن يُسد بابه لو قدَّم المؤتمر الوطني تضحيةً وطنية خالصة لصالح التعدُد الديمقراطي الذي بدونه لن يجتمع فُرقاء الخلاف السياسي في هذه البلاد ، ثم ألفت إنتباه القائمين على (حُلم) السياحة السودانية إلى أهمية ما يمكن تسميته بالبيئة السياحية المحيطة والمُتعلِّقة بمدى إستقرار المجتمع السوداني ، كيف للسياحة أن تؤتي أُكلها في السودان وشعبه يقف بين نصلي الفقر والجوع ، والأوبئة تتناوش حواضره وقُراه كل ما حلَّ الخريف ، وشوارع المدن بلا أرصفه ، والنفايات الحضرية تمُدُ لسانها للعابرين ، وأطفال الشوارع يؤمون الإشارات والأسواق والأزقة ، والمتسوُّلون يسدون منافذ طلمبات الوقود والأسواق والإشارات المرورية ، صناعة السياحة يا أيها المهمومون بأمرها تحتاج إلى بعض سمات تتعلَّق بالإستقرار السياسي والإستعداد البيئي الإجتماعي وقدر غير يسير من (التنمية) القومية في مجال البنى التحتية والخدمات وهي وفقاً لحال بلادنا المنكوبة من وجهة نظري بعضٌ من الترف الإقتصادي شأنه شأن (وهميات) كثيرة نراها كل يوم كمجرد لافتات مهرجانية وهتافية من أمثال مهرجان التسوق التاسع عشر ، ومعرض المنتجات الفلتكانية ، وشنغهاي عاصمة الثقافة السودانية ، أين المجتمع السوداني من كل هذا ، هو بالطبع خارج الدائرة يلهث تحت رحى البحث عن لقمة عيش شريفة صعبة المنال .
العنوان
الكاتب
Date
الإستخفاف داء السياحة السودانية .. !! - - بقلم هيثم الفضل
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة