قبل ما تستعجل المتأخرات في الزواج بأن المقصود بالقطار المُعلن أعلاه هو قطار الزواج ، أو حتى أولئك الكهول الذين أدت بهم الحالة الإقتصادية العامة والمسئوليات إلى التأخر عن الزواج ، وجميعهم معشر (البايرين والبايرات) أطمئنهم بأنهم ليسوا معنيين بعنوان هذا المقال ، فأنا على المستوى الشخصي أستثني حالة عدم زواج الفرد ذكراً كان أم أنثى من كونها حالة قابلة للنقاش العام ، بإعتبار أن خصوصيتها لا يمكن أبداً أن نجزم عبرها أن هناك سبباً عاماً يمكن أن يؤدي لإستفحالها (كالحالة الإقتصادية) مثلاً أو حتى (غلاء المهور) فإيماني الشخصي وقناعتي التي لن تتزحزح هي (إن من أراد أو أرادت الزواج قد يقف في طريقهما أي مانع أو عائق لكنه بالضرورة ليس العائق الإقتصادي ولا غلاء المهور ) .. أنظروا إلى الريف القصي في شتى أصقاع البلاد وكذلك أقاصي الصحاري التي ما زال يتواجد فيها أهلنا البدو ، تجدونهم جميعاً ورغم بساطة الحال وإنعدام ما تيَّسر ما الضروريات يتزوجون ويؤدون رسالتهم في الحياة كما سطّرتها لهم أقدارهم – إذن فالفقراء أيضاً يتزوجون ، ما علينا من كل هذا ودعونا نعود إلى المقصود بالقطار الذي فات ، وهو قطار التمتع بما توفره السلطة وسطوة النفوذ للمسئولين الكبار في حكومتنا الشمولية التي تارةً تسمي نفسها الإنقاذ و ارة المؤتمر الوطني وما خفي من أسماءها الموضوعة لغدٍ قادم كان أنكى وأعظم ، وأتخيَّل لسان حال (الوالجين الجدد) إلى حلبة التمتع بمال الدولة والشعب عبر منظومات النفوذ والسلطة والتحايل على لوائح التصرف في ممتلكات الدولة والمال العام قولة (جينا بعد أذان مالطة) ، وبالرغم من أن البلد قد نضبت مواعينها من ما يمكن أن يوفِّر حالة الترف الذي فاز بها (الأوائل) وخصوصاً أيام تدفقات نفط الجنوب ، إلا أنها لم تزل حبلى ببعض الفتات الذي يتهافت عليه المستوزرون والمسؤولون الجدد الذين دفعت بهم (المسرحية الكوميدية) المسماة الحوار الوطني ، فهم رغم إستفادتهم الحالية وظهور بوادر الراحة والثراء في حياتهم السابقة التي لا يجوز وصفها بأقل من كونها كانت (بائسة) ، إلا أنهم ينظرون بعين الحسد والغيرة إلى التماسيح الأوائل الذين تجاوزوا مرحلة الغني والراحة المادية القصوى إلى مرحلة الثراء الفاحش ، وبعضعهم هو الآن في مرحلة (الترف المخملي) وما أدراك ما الترف المخملي .. فالمنتمين إلى هذه الفئة من مسئولي الدولة ومُستخدمي الشعب ، هم تلك الفئة التي لا يلبي السوق السوداني الداخلي حاجياتهم من الترف والإستمتاع بالحياة رغم تكدس أموالهم وتوَّفرها بلا طائل ، هم متواجدون في السودان فقط فقد من أجل الحفاظ على الكرسي أو الوظيفة التي من خلالها صنعوا تلك الأمجاد الكالحة ، ولذلك تجدهم يؤسسون لمخططاتهم العقارية في دبي وماليزيا ولبنان والدول الأوربية وكذلك يركَّزون إستثماراتهم ورؤوس أموالهم الأساسية خارج السودان ، وربما إستشاط بهم بالأمر و(شالتهم الهامشية) فأصبحوا يجلبون طعامهم وملابسهم وأوانيهم المنزلية من دبي والسعودية ، لذلك فإن أصحاب النفوذ الذين جاءوا إلى كراسي السلطة بعد مهرجان الحوار الوطني بالفعل أن قد فاتهم القطار ، فأوائل التماسيح قضوا على الأخضر واليابس ولم يتركوا منفذاً أو ثغرة في خاصرة الإقتصاد الوطني إلى و أغمدوا خناجرهم فيها ، ما من وطن يصبح أثرى أثريائه فئة الموظفين والمسئولين والنافذين إلا كان وجوده في قائمة أعلى البلدان فساداً أمراً طبيعياً ومنطقياً ، بالمناسبة ( نحنا حتى 2016 كنا في المركز الرابع عالمياً ).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة