كانت جدتي بت الشامي - طيب الله ثراها- امرأة عالية الثقافة .. تتابع كل نشرات الأخبار بنهم واهتمام .. في ذات الوقت سيدة واجب لا تخشى في الحق لومة لائم.. في ذات وفاة جاءت إحدى المعزيات متأخرة جداً.. حاولت الضيفة أن تتفادى جدتي عبر ابتدار (الفاتحة) مع شخص آخر من أهل الدار.. لكن جدتي من مركز قيادتها بالراكوبة أصدرت تعليمات أن ترفع الفاتحة بيد واحدة .. وقد كان.. ثم أردفت (فلانة ما تستحق السلام لكنها ضيفة).. منذ أن رفعت الولايات المتحدة الأمريكية عقوباتها عن كاهل السودان لاحظت أمراً غريباً.. عدد من كبار المسؤولين يتصلون هاتفياً بمسؤولين أجانب أقل منهم مقاماً من ناحية (برتكولية).. فحوى الاتصال أننا نشكرهم على جهودهم في رفع العقوبات الأمريكية.. مثل هذا التصرف فوق أنه لا يراع الأعراف البروتوكولية إلا أنه ينتقص من جهد دبلوماسي خارق.. بل ربما نفهم ذاك التصرف أنه جاء في إطار عرضي خلال مهاتفة تحمل في طياتها تهنئتنا برفع العقوبات الأمريكية. بالأمس اتصل السيد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بالأخ رئيس الجمهورية.. رجل حماس القوي هنأ السودان برفع العقوبات الأمريكية.. في البداية تأخرت التهنئة نحو عشرة أيام.. رغم ذلك احتفت بها الأوساط الإعلامية السودانية .. من ناحية برتكولية كان من المفترض أن يبادر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالأمر لكنه لم يفعل. في البداية كان من المفترض أن تكون المحادثة بين هنية ومن يماثله في الهرم الحزبي.. أغلب الظن أن رئيس القطاع السياسي بالحزب الحاكم كان هو الأجدر باستقبال المكالمة.. إن تم ترفيع الأمر كان يجب أن ينتهي عند نائب رئيس الحزب.. أي تواصل سياسي مع حماس مضر بمصالح السودان الدبلوماسية.. على إخوتنا في حماس أن يتفهموا هذا الواقع .. بلدنا يكافح للخروج من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. أي تواصل سياسي مع منظمة تصنفها أمريكا بشكل سالب يؤخر من جهود السودان في الخروج من هذه القائمة السيئة؟ في تقديري.. إن رفع العقوبات الأمريكية ربما يعتبر الخطوة الأولى في خروجنا من العزلة الدولية.. علينا مشوار طويل للاندماج في المجتمع الدولي.. مازال اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب.. هذا التصنيف يمنع وصول أي مساعدات أمريكية لبلادنا.. كما أن السودان موجود في قوائم أخرى تستوجب جهداً دبلوماسياً كبيراً.. الخروج من هذه القوائم يحتاج لجهود حكومية ومجتمعية شاملة.. مطلوب من الحكومة إرسال رسائل تتعلق بتعديل السلوك المفضي لتغيير الصورة السالبة في المخيلة العالمية.. من بين ذلك تأكيد الالتزام بحقوق الإنسان والحكم الراشد.. وقطع الصلة بأية منظومة مصنفة في قوائم الإرهاب.. بغض النظر إن كان ذلك التصنيف عادلاً. بصراحة.. كان من الممكن أن لا يرفع الرئيس سماعة الهاتف.. وإن حدث ذلك لا يتم إشهار المكالمة في الفضاء الواسع.. هنالك كثير من أنشطة الرئيس التي من المفترض ألا تخرج للعلن.
assayha
العنوان
الكاتب
Date
من رفع السماعة لإسماعيل هنية ..!! بقلم عبدالباقي الظافر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة