ببساطة ! إذا ما نزل عشرون مليون متظاهر قادرين على تغيير النظام أو إسقاط النظام لأن العدد أضعاف مضاعفة من قوات النظام الأمنية و مليشياته و بمسمياتها المختلفة و لأن القوات الأمنية لا يمكن أن تعمل ليومين متتالين دون راحة فسوف يسقط النظام لا محالة و سوف نطوي صفحة أطول نظام شمولي في تاريخ السودان الحديث !
إسقاط النظام يسبقه أسقاط الوهم في أننا بخير في المعارضة بشقيها و بدون تعب فمكامن الخلل معروفة و الدعوي للتظاهر و الإعداد لثورة أو ربيع سوداني تدعونا أن نفكر مليّاً في شروط نجاح الثورة .
و علينا أن نكون واقعيين و قبل ذلك أن نكون أمينين مع انفسنا و مع الآخرين و نعترف و نقر أننا فشلنا في إنشاء أجسام وطنية معارضة تقودها مؤسسات قوية تنظم و تخطط بلا تخبط و بلا تنظير فطير .
الدعوي للتظاهر و من وراء البحار و من خلف الكيبورت و من الغرف المغلقة و من الفنادق أو من أي منبر أصبحت دعوة عصماء لا جدوي منها فمن ينادي بالتظاهر عليه أن يتقدم الصفوف و يتظاهر علي نفسه و يصلح ما به من عطب ثم يتظاهر لإسقاط النظام .
قدّم طلاب و أبناء و بنات هذا الوطن التضحيات الجسام و أسمي آيات الوفاء و لم نسمع في يوم أن إبن واحد من هذه النخب قد راح ضحية في تظاهرة ضد نظام شمولي أو ديكتاتوري بل نسمع بهم في الإذاعة و نشاهدهم في التلفزيون و في قصور الديكتاتوريات مساعدون و وزراء و مستشارون و سفراء .
ليس تخزيلاً و لا تثبيطاً و لا تخويفاً و لست ضد التظاهر فالنظام أهون و أضعف مما نتخيل و كفي بمقالة واحدة أو عمود صحفي واحد يهز عرش النظام و يجعله يرتجف و يرتعد ليصادر الصحيفة و يغلق أبوابها و يعتقل صحفييها رغم مليشياته التي يحاول أن يتحدي بها الشعب الصامد للخروج إلي الشارع .
لست من يذكّر بالسيناريو السوري أو الصوملة أو خلافه و ليس لي ما اخشي عليه إذا ما سقط النظام و لكني أذكّر بأن الغد قد بدأ من اليوم و لنقول! غير قادرين و غير مستعدون أن نفقد شاب أو شابه واحده من شبابنا في أي عمل وطني معارض غير منظم و غير محسوب العواقب .
قلت ذلك لأن الدعوات تتوالي من ناشطين و قيادات في الداخل و الخارج و كل يوم و آخر نسمع من ينادي بالتظاهر و يشجع شباب صغار و في مقتبل العمر للتظاهر و للخروج للشارع فإن كان النظام غير عاقل فنحن عاقلون نعرف مثل هذه الأنظمة و مصير شباب أعزل عارية صدورهم إذا ما جابهوا الرصاص الحي .
الأحزاب التي تقول أنها بخير و معافية من الإقتتال عليها أن تعد نفسها و تعد كوادرها للخروج إلي الشارع و أن ينزل قيادات هذه الأحزاب إلي الشارع و نري أنهم قد سقطوا أمام الكميرات و عدسات التلفزه بدلا من الإنتظار لإغتنام الفرص و إصدار بيانات التنديد .
لا تخوّنوا من قال نظموا أنفسكم و اعدوا نفسكم للتظاهر بل خوّنوا من يدعو للتظاهر دون عمل و دون تنظيم و دون تخطيط فكثير من ينادي بالتظاهر اليوم قد عمل و ما زال يعمل داخل هذه الأحزاب و يعلم أن الإعداد و التنظيم و التنسيق لا يحتاج سوي إلي ترميم الداخل و من عجز في ترميم حزبه و إصلاح الخلل فيه فهو عاجز في بناء وطن مثل السودان بعد الإنقاذ .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة