:: رفع العقوبات الأمريكية نهائياً (مسألة وقت)، وهي - أصلاً - مرفوعة منذ يناير الفائت .. تسعة أشهر بلا عقوبات، فهل شعرنا بتحسن اقتصادي ولو بمقدار مثقال ذرة؟..عبد الرحمن حسن، محافظ بنك السودان، كان قد بشرنا - في اليوم التالي لرفع العقوبات - بالنص : (سوف يحس المواطن باثار رفع العقوبات - وتدفق النقد الأجنبي - من أول أسبوع، وطوال حياته).. مضى أول أسبوع المحافظ، ثم تسعة أشهر، ولم يحدث شئ غير إرتفاع سعر الدولار عما كان عليه قبل رفع العقوبات..!! :: ومع ذلك، لايزال البعض يخدع نفسه - بمظان خداع الناس - حين يًعلق هذا الوضع الاقتصادي المأزوم في شماعة العقوبات الأمريكية، وأن الرفع النهائي المرتقب هو المخرج .. ليست من الحكمة السياسية، ولا من ابجديات الإقتصاد، تصوير القرار الأمريكي المرتقب وكأنه ( ليلة القدر) التي تحقق كل أحلام أهل السودان ..ومثل هذا الخيال الخصب يذكرنا بطرفة حكاها قرنق في نيفاشا، وهي طرفة الجنوبي الذي تساجل مع عامل الطلمبة - عندما طالبه بدفع قيمة الوقود - قائلاً : ( بدفع نص القيمة بس)، أو هكذا فسر الجنوبي قسمة السلطة والثروة..!! :: وعليه، فالتفسير السليم لرفع العقوبات هو أن هذا الرفع جزء من الكل المطلوب لتحسين الوضع الاقتصادي، وليس (كل المطلوب ).. نعم تأثرت البلاد و شعبها بالعقوبات الأمريكية، ولكن تأثر البلاد وشعبها بعوامل داخلية كان - ولايزال - الأكبر والأخطر..فالسياسات الداخلية لأي بلد - حين تكون مختلة - تعد أخطر من كل العقوبات الخارجية، وهكذا واقع السودان..وعلى سبيل المثال، تدفق النقد الأجنبي بحيث يكون إستثماراً عريضاً ينعش الإقتصاد الوطني بحاجة إلى مكافحة الفساد ثم ( نظم وقوانين)، وليس محض قرار خارجي يرفع الحظر..!! :: لم تحافظ البلاد على رؤوس الأموال الأجنبية التي إنهمرت عليها - رغم الحظر الأمريكي - بعد إتفاقية السلام.. ولم تحافظ البلاد على فيالق المستثمرين الذين لم يمنعهم الحظر الأمريكي من الرغبة في الإستثمار .. لماذا؟.. لا علاقة للحظر الأمريكي بهروب المستثمرين بجلودهم إلى أثيوبيا وغيرها ، ولكن النظم والقوانين وتقاطع المصالح - والجوكية والسماسرة - هي اسباب الهروب .. بالمناخ الجاذب للإستتثمار يتدفق النقد الأجنبي ، وليس بأفراح قرار رفع العقوبات الأمريكية.. وما كان الحظر الأمريكي - رغم تأثيره - إلا شماعة يعلق عليها السادة بالقطاع الإقتصادي (فشلهم وعجزهم)..!! :: ثم الحرب أيها السادة.. وهي أم الكوارث في بلادنا..فالحرب كانت - وستظل - أخطر من كل العقوبات الاجنبية..وناهيكم عن التسعة أشهر الفائتة، فلن يتحسن الوضع الاقتصادي مع الحرب ولو بعد (90 عاماً)..علماً بان رفع امريكا لحظرها الاقتصادي لن يحقق السلام المنشود بحيث تنعم ربوع البلاد بالإنتاج والتنمية، ويحل الزرع والضرع محل الهجرة النزوح، ويصبح التعليم والعلاج مجاناً..فالإرادة الداخلية هي التي تصنع السلام و الاستقرار السياسي وتنهض بالناس والبلد، وهذه هي التي يجب (رفع حظرها) ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الطاهر ساتي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست