*رحم الله استاذي الزاكي عبد الدائم عبدون ،الذي قدمنا لهذه الحياة وهو في بواكير حياته العملية ،جاءنا معلمآ كامل الدسم ،يوم ان كان المعلم يحترم الصفة اللقب الذي يحمله ويعمل علي ملئه بمكارم الاخلاق ، فقد اعد نفسه اعدادآ جادا ليكون استاذاً بصمة في حياتنا ، كان ذلك في مطلع سبعينيات القرن الماضي ،في مدرسة ارقو الشرقية الابتدائية ،وفي اول يوم له خرجنا من ارقو المدينة الي مدرستنا اسراباً نمتلئ بالحيوية والحياة وخرج هو من منزله بجلبابه الانيق وعمامته ناصعة البياض واناقته المعهودة نظيفا ظريفا لطيفا ،امتطى صهوة الحمار الابيض المسروج بسرج وثير وانطلق صوب ارقو الشرقية في اول يوم دراسي له ،كنا نتساءل دون ان نجرؤ علي سؤاله الي اين انت ذاهب يا استاذ الزاكي لانه كان صاحب شخصية جادة لا تعرف الهزل ،لكني تجرأت علي سؤاله لانه اقام معنا ردحاً من الزمن في بيتنا بكريمة ابان دراسته بها فلم تكن بيننا للكلفة وجود اجابني : انا مدرسكم في ارقو الشرقية اسرعوا ولا يتأخرّن منكم احداً ، التفتنا حول بعضنا لان مساحات الهزل عندنا ستقل بوجوده معنا في المدرسة ومنذ تلك اللحظة الطريق امامنا اصبح واحداً فلا سبيل الا النجاح. *كان طابور الصباح في ذلك اليوم مختلفاً اذ حضر باكرا مدير المدرسة الاستاذ احمد المصطفى الملك ، امد الله في عمره ،وهو استاذ الاجيال والرجل الذي ظل منحوتا في ذاكرة العديد من طلابه علي امتداد الوطن الكبير ، وقف احمد المصطفى في ذلك اليوم في الطابور الصباحي وبطريقته المحببة والتي لم تتكرر في حياتنا ثانية قدم لنا الاستاذ الزاكي عبد الدائم كأستاذ جديد واضافة تبدأ حياتها في هذه المدرسة كنا سعداء بوجوده ومتهيبين من جديته وصرامته ، واكتشفنا اننا امام استاذ يوصل المادة بطريقة سهلة ومنسابة وفي زمن وجيز اصبح صديقا للجميع وكان من النادر أن تجده يحمل عصاة او يميل للعقاب البدني، كان كلما يحمله الكتاب والطباشيرة والابتسامة الوقورة اذكر انه بدأ معنا اللغة العربية في الصف الخامس ولاننا في منطقة اللغة العربية ليست هي لغة امهاتنا فكان التحدي امامه وهو يدرس قوما يؤنثون المذكر ويذكّرون المؤنث لذا كان يعمل معنا باصرار على تجويد اللغة العربية بطريقة جعلتنا نتفوق على اهلها في كثير من الاحيان وصرنا في كل حرف من اللغة العربية نذكر فيه اسم استاذ خليفة محمد صالح ومحمود حسن سيد والزاكي عبد الدايم واحمد المصطفى الملك امد الله في ايام من بقي منهم ورحم الله من رحل . *ان ارقو التي انجبت حمزة الملك طمبل ومحي الدين فارس والتجاني سعيد ومحمد نجيب محمد علي ومحي الدين محمد علي وعلي محمود حسنين، تظل المدينة الحالمة والحانية والولود والاشجار التي سقطت والفرسان الذين ترجلوا بعد ان كانو منارات هدى واصحاب معين من الابداع لم ينضب ، فانتشروا علي امتداد العالم الرحيب وظل مبدعي ارقو كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وما كانت هذه القامات لتخرج لولا كرام الاساتذة وعظمائها من امثال الاستاذ محمود حسن سيد واحمد المصطفى الملك ونقد الله محمد علي ومحمد ابو بكر ومحمد احمد الطيب وشاكر رمضان مسند وعبد الاله محمد احمد (حميرون ) والفاضل عبد القيوم وفقيدنا الغالي الزاكي عبد الدائم هذه القامات قد صنعت الحياة في الاجيال المتعاقبة ، وقد اثار كوامننا رحيل الاستاذ العظيم الزاكي عبد الدائم فإن قصرنا في ذكر اخرين فهم في وجداننا باقين والتقصير لضيق المساحة والشكر لكل من علمني حرفا والرحمة وكل ايات التعازي للمغفور له بإذن الله الاستاذ الزاكي عبد الدائم والبركة في ابنائه محمد واخوته والعزاء لكل قبيلة المعلمين في ارقو وفي كل الوطن الممتد وسلام يا وطن سلام يا.. الرئيس( احيانا الشيطان يحتار في اشياء نعملها نحن) صدقت سيدي الرئيس مسكين الشيطان وسلام يا ... (الجريدة) السبت٢٣\٩\٢٠١٧
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
حيدر احمد خيرالله
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست