كما قلت سابقا ؛ أن تداعيات ما حدث بالسودان ليس بالأمر الفجائي أو العفوي ؛ لقد كتبت مرارا عن التساؤل المنطقي حول انهيار العملة الوطنية مباشرة بعد رفع الحصار ، ثم قيام اسلامويين نافذين (جدا) بسحب كل الدولارات من البنوك فجأة ، ثم انهيار العملة ، ثم تخبط النظام وهو يحاول تخفيف صدمة انهيار الاقتصاد القومي... ثم محاولة استدرار البشير لعطف الاسلامويين معلنا أنه (اسلامي كامل الدسم) ، ثم اكتشاف هجر الاسلاميين له واختفاء كتائب الظل ، ثم ظهور الولايات المتحدة الأمريكية في الصورة عبر قيام مكتب الأوفاك بخنق النظام من خلال اصدار اوامر لدول محيط السودان العربي بالامتناع عن وضع انبوب الاوكسجين في فمه ، ثم بداية التظاهرات في عطبرة ثم انشغالنا كمناضلين بالتجهيز لدعم التظاهرات اعلاميا ثم ظهور هاشتاج باسم تجمع المهنيين بعد حوالى اسبوعين من التظاهرات الجماهيرية ، والقيام بضخ اعلامي ضخم جدا خلال يومين ليتسيد الهاشتاج المشهد ثم يبدأ في سرقة كل مجهودات المناضلين مما اضطر بعض الرموز السياسيين للخضوع لتلك الجهة الشبحية القادمة من الخلف والتي بدأت في توزيع صكوك الغفران لمن ينضم لها وصكوك الدخول الى الجحيم لمن يناوئها. ثلاث شبان كانوا يخرجون في التظاهرات وكانوا من الشباب المؤثرين ورغم انهم لا يترابطون بأي علاقة سياسية الا انهم كانوا رافضين لسيطرة تلك الجهة الشبحية .. لقد ترتب على هذا الرفض اطلاق الرصاص على أحدهم مباشرة .. وارهاب الإثنين الآخرين فاختفوا جميعهم من المشهد. وبدا واضحا لي ان الولايات المتحدة بالتعاون مع الحركة الاسلامية قد اتخذت القرار بالتضحية بالبشير وحده مع الابقاء على المنظومة ، واحتاج ذلك بالفعل الى قتل الثورة الجماهيرية وتحويلها الى تهريج وتطويل وجداول ولوغريثمات ، وبالتالي فقدت الثورة عفويتها وزخمها الأول ، وبدلا عن ان يتم الاستفادة من تلك الروح الثورية في بداياتها بانتفاضة جماهيرية عارمة لاسقاط النظام تم قتل الروح الثورية وتحولت الاحتجاج الى فيلم كرتون لتوم وجيري وسيارات تتطاقش وجنود يهرولون تحت ضحكات الاطفال ومشاهد هزلية عديدة افقدت الثورة الجماهيرية جديتها المطلوبة والتي عملنا على ان تكون جادة منذ زمن طويل وحاولنا تهيأة جماهير الشعب لتكون على قلب رجل واحد. وهكذا نجحت هذه الجهة (الدولة) الشبحية بتكسير الروح الجماعية وقتل الحافز السيكولوجي للاستمرار بذات القوة الاولى التي استمرت بعنف منذ اول يوم وحتى مضي اسبوعين قبل ان يظهر ذلك الاسم على هاشتاق بتويتر ويتم تقويض الثورة على هذا النحو الهزلي. اليوم تم اعلان انشاء قناة فضائية لتلك الدولة (الجسم الشبحي) وكنت اتوقع هذا ، فهناك ميزانية مفتوحة على مصراعيها مخصصة للقيام بعدة مسائل ذات مصب واحد: - اولا: ضرب كل القوى السياسية التقليدية وغير التقليدية حتى تخلو الساحة للبطل الجديد. - ثانيا: تقديم شخصية في مقبل الايام بعد تلميعها وتشطيفها وتحميمها لتزداد نورتها .. وهذا لا يمكن ان يتم عبر الانترنت فقط لأن الغالبية من الشعب لا تملك هذه التكنولوجيا. - التمهيد لاعادة تدوير وجود الحركة الاسلامية بثوب جديد ذو طابع ليبرالي. - السيطرة على مستقبل الدولة حتى لا تصبح دولة (مارقة). - تقديم دعم مالي سخي لاقناع الشعب بقوة البديل الذي تم زرعه في الدولة. وهكذا كان حتميا أن يتم انشاء قناة فضائية تقوم بكل تلك الوظائف المزدوجة ، فالشعب لا يحتاج لمعرفة سوء النظام لأننا وغيرنا قمنا بهذه المهمة طيلة عقود من النضال. لكن الغرض الرئيسي من هذه القناة أن تقوم بتلميع الشخصية القادمة من ناحية ومن ناحية ثانية الهجوم على كل صوت يحاول انتقاد تلك الشخصية. ان هذا تماما هو نفس ما فعلته الخنازير في رواية مزرعة الحيوان لجورج اورويل. ومن المعروف ان السيطرة على الدول تتم عبر الاعلام للسيطرة على الشعب. لكن دعونا ننتقل الى مقال نشرته مجلة الاهرام العربي عام 2014 عن أقل التكاليف المطلوبة لإنشاء قناة فضائية: (تكلفتها تتراوح من 5 ملايين إلى 400 مليون فى العام الواحد.. قناة فضائية «تحت الطلب» 29-9-2014 | 00:45
طرحت الأعداد الكبيرة للقنوات الفضائية التى ظهرت خلال العشر سنوات الماضية، أسئلة كثيرة أمام أغلب الناس فى مصر، أهمها هل من السهل إنشاء قناة فضائية دون النظر لمحتواها البرامجى؟ وهل إنشاء الأفراد للقنوات يدخل فى إطار تجارى واستثمار للأموال أم أن هناك أمورا أخرى، وبعيدا عن نيات أصحاب القنوات وتوجهاتهم وأهدافهم من الاستثمار فى الإعلام لابد أن نعرف أولا كيف يمكن إنشاء قناة فضائية؟ والإجابة فى السطور التالية. إنشاء قناة فضائية أمرا ليس سهلا وفى نفس الوقت ليس مستحيلا، حيث يتوقف الأمر على شرط أساسى وهو وجود رأس المال، خصوصا أن التكلفة التقديرية لإنشاء القناة الفضائية يتراوح بين 5 ملايين جنيه و400 مليون جنيه عند الانطلاق، وذلك حسب نوع وتخصص القناة وإمكاناتها البشرية من مذيعين مشهورين ومعدين ومخرجين وفنيين محترفين، بالإضافة إلى مساحة الاستديو وشبكة المراسلين داخل وخارج مصر، وفى هذا السياق يقول مصدر مسئول بإحدى القنوات الشهيرة رفض ذكر اسمه بسبب سرية المعلومات التي ذكرها علي حد قوله: عند الإقدام على إنشاء قناة فضائية يجب أولا تحديد تخصصها، هل هى قناة عامة أم قناة متخصصة، فإذا كانت قناة متخصصة فى عرض الأفلام أو المسلسلات فإن تكلفتها تكون قليلة جدا، حيث لا تتكلف سوى إيجار التردد سواء من شركة النايل سات أو من أى قمر صناعى عربى أو أجنبى يكون سعره أقل بكثير من القمر من المصرى، وشراء حقوق عرض الأفلام التى غالبا ما تكون قديمة واستئجار مقر لبث هذه الأعمال من خلاله عن طريق بعض أجهزة السيرفر، أيضا عدد العاملين فيها والمسئولين عن إدارتها لا يتجاوزون عدد أصابع اليد من الممكن أن يكون تأسيس قناة من هذ ه النوعية لا يحتاج لأكثر من 5 ملايين جنيه عند الانطلاق)
سنلاحظ من هذا المقال الآتي:
* في عام 2014 كان سعر الدولار سبعة جنيهات مصرية.. واقل تكلفة لانشاء قناة فضائية في ذلك الوقت كانت خمسة ملايين جنيه مصري اي حوالي سبعمائة الف دولار او تزيد. مع ملاحظة أن المقال احتسب تكلفة القناة في قمر نايل سات المصري وهو من الأقمار قليلة السعر . وبالتالي فالدولة التي تقوم اليوم بانشاء قناة فضائية تكون قد انفقت على اقل تقدير مليون دولار ان لم يكن أكثر من ذلك. وهذا يضعنا أمام تساؤل عن طبيعة هذه الدولة واهدافها وأغراضها. نعم.. فليسقط النظام ولكن بشروط الشعب وليس بشروط الدول الأخرى... فليسقط النظام الدكتاتوري القمعي ولكن ليس ببديل يمارس الدكتاتورية الناعمة. ولمن لا يعرفون الدكتاتورية الناعمة. فهي الدكتاتورية التي تتخذ شكل قوة مركزية تسيطر على ديموقراطية في الواجهة. امريكا على سبيل المثال دولة ديموقراطية ؛ نعم هذا صحيح ، لكنها ديموقراطية مسيطر عليها بسيطرة مركزية (دكتاتورية ناعمة) ، وهكذا فمهما كان الرئيس الذي سيتم انتخابه (بعد تلميعه) فهو لن يتمكن على سبيل المثال من اعلان عدائه لاسرائيل او حتى الوقوف مع الفلسطينيين أو قبول الشيوعية او التخلي عن النهج الرأسمالي ...الخ. لن يوجد شخص امريكي يستطيع ان يقاوم الدكتاتورية الناعمة ، لقد قام مرشح امريكي يدعي قالاوي قبل عشرين عاما باعلان رفضه للصهيونية ودعمه للفلسطينيين ومنذ ذلك الوقت تم تدميره تماما ولم يعد له وجود. طبعا لم يتمكن حتى من الظهور في قناة فضائية امريكية واحدة بل ولا حتى في صحيفة حائطية في مدرسة ابتدائية. إذن فنحن مقبلون على دكتاتورية ناعمة ، وكما أسلفت فقد تم بالفعل اختيار الرئيس القادم للدولة. وتم بالفعل التوقيع من قبل البشير على شيك على بياض بتسليم السلطة وأن الأمور تسير على نحو طيب. فلنرسل تحايانا القلبية الخالصة لتلك الدولة. بس لو اخبرونا بذلك من قبل لكان افضل بدلا عن توجيه الركلات والشلاليت نحوها على ذاك النحو. فعذرا حبيبي.
الثورة القائمة دي يا دكتور ما تهريج . مافي تهريج مع الموت والاعتقال و التعذيب و كسير الاصابع وانتهاك الحرمات .القصة ببساطة اي شعب وله ظروفه طريقته في مقاومة الاستبداد .اما عن الدولة التي تسأل عنها فكأنك قلت (لا تسألني من انا ؟)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست