الرجل الذي سيصبح وزير مالية يدخل على إخوته المجتمعين في القطاع الاقتصادي بالحزب الحاكم..تتحول الأعين تجاه الباب الذي فتح بغتة..الشاب يخبر الحضور أن الشيخ الترابي كلفه بأن يكون مقرراً لهذا الاجتماع..كبير السحرة ابتسم ببعض الغضب ثم وجه الشاب أن يغلق الباب جيداً حتى لا يدخل قادم جديد..تلك الحادثة تفسر لماذا تدار السياسات الإنقاذية الاقتصادية بطاقم واحد..كل ما يحدث تبادل في الخانات داخل الملعب الاقتصادي..تتوزع ذات الوجوه ما بين المناصب الحكومية ورئاسة اللجان الاقتصادية في البرلمان ومجالس الإدارات في المصارف والمؤسسات الرابحة. مسؤول سابق شغل منصباً رفيعاً كان يطلع على تقرير من حكومة اليابان يحذر الخرطوم من التراجع المضطرد في صادر السمسم..التقرير الصادر منذ سنوات يطلب بذل الجهود لأن اليابان تفضل المحصول السوداني على ما سواه ..استغرب المسؤول كيف أن ذاك التقرير لم يمر عليه حينما كان بين يديه القلم..لكن قبل أسابيع كانت اليابان ترد شحنة من الصادر السوداني بعد وصولها الموانيء اليابانية من ذات سلعة السمسم بسبب عدم مطابقتها للمواصفة اليابانية. بعد أن ترك الدكتور عبدالحليم المتعافي العمل الحكومي عاد إلى الزراعة وأسس شركة صغيرة للاستثمار الزراعي في أراضي النيل الأبيض الأقل خصوبة..المتعافي في الأصل طبيب نال درجته الأولى في العمل مع والده بملحمة صغيرة في سوق الدويم.. شركة المتعافي أقنعت عدداً قليلاً من المزارعين على اتباع أساليب جديدة في تسميد الأرض ..يوم الحصاد كان حزب المتعافي ينتج ضعف الذين رفضوا التغيير. منذ أيام احتفي برؤية جديدة خطها قلم الدكتور مبارك عبده صالح..رغم أن صالحاً وأنا كذلك من دارسي الاقتصاد إلا أن رؤيته الجديدة أعجبتني في أنها تحاول إيجاد مدخل جديد لعلاج الأزمة الاقتصادية من نوافذ جديدة..يحاول المبارك هذا أن يخاطب شرائح المنتجين الحقيقية مباشرة ..المدخل عبر تغيير الثقافة الاقتصادية..يحاول الرجل في جهده أن يضع الملح على الجراح..مجيباً على أسئلة عن كسلنا وإسرافنا واستهتارنا..بشكل عام يحاول مبارك عبده صالح تغيير السلوك المجتمعي لتغيير معادلة الإنتاج. بصراحة..أكبر تحدٍّ يواجه الإنقاذ وغيرها سيكون الاقتصاد..لن ينصلح الحال ولو رفعت العقوبات الأمريكية..أزمتنا تكمن في عجزنا عن زيادة الإنتاج.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة