قرأتُ مَقالاً، شَامِلاً، للعالِمِ د.عمر القرَّاى بعُنوانِ (جريمة بخت الرضا) نُشِرَ فى صحيفةِ سوادنيزاونلاين بتاريخ 23 يوليو2017م. المقال عبارة عن بحث تناوَلَ فيه الكاتب بإلتزامِه المشهُود وشِجاعتِه النادِرة، تأريخ أزمة طُلَّاب دارفور فى الجامعاتِ السودانية إنتهاءً بكارثَةِ جامعة بخت الرِضَا التى كانت القَشَّة التى قصَمْت ظهرَ بعِير هذه المُشكِلَة المُستمِرَّة. ثُمَّ عُدْتُ اليومَ 12 أغسطس 2017م وقرَأتُ المقال مرَّة أخرى وهذا منهَجِى فى مُتابعَةِ رُدودِ أفعال القرَّاء على الكتاباتِ الجَادَّة التى يقدِّمُها كُتُّابٌ كِبَار، فوجَدُّت أمرَاً مُحزِنَاً للغايةِ هو أنَّ أعدَاءَ السودان فى الماضِى والحاضرِ لمْ يعجبْهم أن كشفَ دكتور القرَّاى سَوْءَتِهم، فإنكبُّوا عليه يشتِمُونَه وتركُوا المَقَالَ جانِبَاً!. وكتَابات القرَّاى لا أحد يناطِحُها لأنَّها محْمِيَّة بالدَلائِل والبرَاهين، وقد أوردَ فى دَعْمِ هذا المقَال أكثر من خَمْسةِ مرَآجِع. أحد المُعلِّقِين (المُلثَّمِين) بأسماءٍ مُستعَارة كتبَ يسِيئُ، بُهتَانَاً، بإسمٍ(شَطَّة خضرَاء) يُهاجِمُ ويشْتِمُ الكاتب لأنَّه كتبَ ما لا تشْتَهِى زُمرَتُه الحَاكِمَة. وآخر كتبَ ونشرَ بإسمٍ مُستعار آخر (السودان الأخضر!)، وكتبَ آخر بإسمِ (يوسف) يَهَدِّى اللعب كأنَّه هو "يُوسُفُ أيُّها الصِدِّيق" بن يعقوب بن إسحاق بن سيدنا إبراهيم الخليل، كتبَ يؤكِّدُ أنَّ الكاتِبَ بإسمِ شَطَّة خضراء هو المدْعُو "الطيب مصطفى" خال رئيس السودان! وأنَّ ذلك ديدنه فى سَبِّ خصُومِ النظام لو أنَّهم كتبُوا يعَرُّونَ حكومة بن أخته. ونقول لهم إنَّكم مِلَّة وآحِدَة ولا خيرَ فيكم وينطبقُ عليكم القرآن الكريم على لِسانِ سيدنا يوسفُ عليه السلام، ( فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا ۖ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ) يوسف(77). ويساعِدُهم على ذلك أنَّ إدارَات تحرِيرِ الصُحف الألكتروية السودانية تقِفُ حائِرَة إزاء هذا العُدُوان الصريح على الكُتَّابِ الذين ينشُرُونَ فى صُحُفِهم بلا حِمَاية أو إظهارِ المُعتدِين على الأقل هذا لو غلَبَهم وقْفُ هذه الجرَآئِم والعُدوانُ الشَخْصِى على الكُتَّابِ من أشخَاصٍ يختبِأُونَ خلف أسماء وَهْمِيَّة ليعتدُوا على الكُتَّابِ فى شخُوصِهم، وليس فى الأراءِ والأفكارِ التى كتبُوهَا وقدَّمُوها للقُرَّاءِ تنويِرَاً وتثقِيفَاً وأتاحُوهَا للتطويرِ بالتعليقِ والنقدِ من قُرَّاء حقِيقيِّين وليس خيَاليِّين. والسماحُ بهذا العُدوان خطِيئَة أخلاقِيَّة للناشِرِ، وجريمة و"فعِل ضَارّ" فى موآجَهَةِ الفَاعِل بمُوجبِ القوانين الجنائية والمدنية، خاصَّة وأنَّ هؤلاءِ الكُتَّابَ لا يشغِلُون مَوَآقِع عامَّة فى الدولةِ، فلا يحِقُّ لأحَدٍ أنْ يسِبَّ ويشتم ويشين سُمعَتِهم مُختَبِئاً خلفَ إسْمٍ مُستعَار. ولا تكتملُ جرِيرةُ هؤلاء المُعلِقين دونَ مُساعدَة إدارات تحرير الصُحُف النَاشرَة لتلك الإساءات، وبينما هُمْ يستَمْرِأونَ ذلك، والكُتَّابُ لا حِيلةَ لهم للوُصولِ إليهم دون مُعاوَنةِ إداراتِ تحريرِ الصُحفِ الذين يحْمُونَهم، ولا سبِيلَ للوُصُولِ إليهم. وفى حِرمانِ المُسِيئينَ من نشرِ سُخَائِمِهم فى وسَائِطنَا الإعلامية ضمان لمزيدٍ من التنويرِ، وحِمَاية للحقِّ فى حُرِّيَّةِ الرأى والتعبير والنشر، وليس العكس!. هناك البعضُ الذى يُخيَّلُ إليه أنَّه من حَقِّهِ أن يكتُبَ وينشُرَ تعلِيقَات عدَآئِيَّة وأكاذيب وشتَائم ضدَّ الكُتَّاب، وهذا غير صحيح البَتَّة، لأنَّ الكاتِبَ معلوم غير مجهول ويجِبُ أن يخاطِبَه ويعلِّقَ على ما كتبه شخصٌ معلوم مثله وهذه من أبسطِ نوَآمِيسِ العدالة التى نجِدُها فى طبيعَةِ الأشياء. وأىِّ شيء خلاف ذلك ينطوى على عُدوَان على الكاتبِ، ويُصادِمُ ويُهدِّدُ الحقِّ فى حُرِّيَّةِ التعبِير والنشرِ، وليس العكس. وحَقُّ(الكاتِبُ) فى حُرِّيَّةِ الرأى والتعبيرِ والنشْرِ يقابلهُ حقٌّ (القارئُ) فى حُرِّيَّةِ الرأى والتعبير والنشرِ، ويجوَّزُ له الرَدَّ والتعقيب على ما جَادَ به الكاتِب، ولكن بشرطِ أن يكُونَ معلُومَاً وليس تحت إسمٍ مُستَعَار، وأنْ يكونَ الردُّ موضُوعِيَّاً مُنصَبَّاً على المنشُورِ ولا يتعَدَّاهُ، وليس شتْمَاً وكرَآهِيَّة، وإلَّا صَارَ الأمرُ فسَادَاً فى الأرضِ. ولا يقتصِرُ العدوان والإساءَة بأسماءٍ مُستعَارة فى الصُحُفِ السودانية على هذيِّن النموذجين ولكنَّها صارت ظاهِرة مُستَشْرِية كالنَّارِ فى الهشيمِ تتهدَّدُ الكتابِةَ والنشر فى زمانِنا هذا، لدرجَةِ أنَّنَا نكادُ لا نعثُر من بينِ رُكَامِ التعلِيقات فى صُحُفِنا الإلكترونية على 1% من المُعلِّقِين الذين يكتِبُونَ تعليقاتهم بإسْمَاءِهم الحقيقيَّةِ، وبذلك نجِدُ أنَّ كاتِبَ المقال وحدَهُ الذى كتَبَ بإسمِه الحقيقى!، أليس هذا عيبُ وخَلَل؟. وهل هذا العيبُ من كريمِ صِفَاتِ شُعوبِ السودان وشِجَاعتِهم الَّتِى يرقصُون طرَبَاً فى المُفَاخَرَةِ بها "ألفِينَا مشْهُودَة"؟. ومن أين أتى هؤلاء "المُلثَّمِينَ" بكُلِّ هذا السُوءِ، وهذه الكرَآهِيَّة؟.. وهل يعلمُونَ أنَّ خطَابَ الكراهِيَّةِ على الإنترنت جريمة؟ وأنَّ خطابَ الكرَاهِيَّةِ Hate Speech يُبرِّرُ للحُكوماتِ مُمَارسة الرِقَابة على الإنترنت Internet Censorship ؟. وأعتقِدُ جَازِمَاً أنَّه لا يُستَسَاغُ الحديث عن أيَّة غَاياتٍ نَبيلَة يَتمُّ الوصولُ إليها بوسائِلَ تافِهَة. وأنِّ الذى يتهرَّبُ من مسؤولِيَّةِ قوْلِهِ وفِعْلِه لا يُرْجَى منه الخَير لنَفْسِهِ أو لغَيرِه، والأوْلَى للذين يكتِبُون بإسْمَاءٍ مُستَعَارَة أن يُوَآجِهُوا أنفسَهم أوَّلاً ويتصَالحُوا معها، وأنْ يتدَرَّبُوا على الحُبِّ فى أنفسِهم فإنَّ فى ذلك بَلْسَمٌ لهم يكبحُ جِمَاحَ حِقدِهم وكرَآهِيَّتهم لِمَا ينْتِجُهُ الآخرُون. وخِتاماً: تعالوا جميعاً، كُتَّاب وقُرَّاء ومُعلِّقِين، نكتِبُ بأسمَاءِنا الحقِيقِيَّة، لنتدَرَّب على تحَمُّلِ المسؤولية، وننزَعُ اللِثَامَ (الكدْمُول) من وُجُوْهِنَا ليَرَانَا الأخرُون كمَا نرَاهُم. وحتَّى يتحقَّقُ ذلك ندُقُّ ناقوسَ الخطر لأحبَابِنا فى إداراتِ الصُحفِ الألكترونية خَاصَّة أنَّ حُرِّيَّةَ النشرِ مَكْفُول للأشخاصِ(الحقيقيِّينَ) فقط، وليس للمُلثَّمِين الرُوبُوتَات (Robots).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة