من بضعة أيام ، عرض عليّ أحد الحادبين على متابعة أخبار السودان بصفة حثيثة قائمة بأسماء من اعتلوا مناصب الوزراء وممن سموا بنواب الوزراء في الحكومة السودانية الجديدة ، وقائمة أخرى ممن حازوا - بالتعيين وليس بالانتخاب - بمقاعد في المجلس الوطني ومجلس الولايات ومجالس الولايات وما إليها من هذا السيل من الكيانات الهلامية الهائلة والنهمة التي لا تبقي ولا تذر شيئاً من أرزاق أهل السودان ، مع ما توفر لديه من الصور الجماعية ، فتمعّنت في الأسماء وتفرّست في الوجوه ، فإذا بي إزاء عدد لا بأس به من أسماء ممن كانوا ينشطون في فضاء الحركات من قادة "التورابورا " ،بل ومنهم من كان ذي صوت جهير وموقف عصي ،ممن لا يكفون عن القول بأنهم لا يرضون دون إزالة "حكومة الخرطوم " من الوجود والإتيان برأس رئيسها وتعليقه في ميدان عام ، فإذا بهم يستبدلون اللثام الملون بالعمامة البيضاء والرشاش الروسي بالعصا الأبنوسية ،وقد أزاحوا سمت التهجم عن وجوههم وأطلوا علينا بمحيا ملئها الابتسامة والحبور وهم يتأبطون مراسيم تعيينهم الممهورة بتوقيع من أرادوا إزاحته عن سدة الحكم. كنت أقول منذ البدء – وقد بحّ صوتي من تكرار القول - أن لا خير يرجى من هؤلاء، ولكن قومي – سامحهم الله - لم يصدقوني.. حتى هدموا كل شيء ولم يشيدوا شيئاً... لأن ذلك العمل أصلا كان من أعمال الغوغاء الذين ان تجمعوا ضروا وان تفرقوا لا ينفعوا ، ها هم أولا قد تفرقوا بدداً وسلكوا سبل الارتزاق والمعاش ..وتركوا الأهل في ضيق وضياع والديار في يباب وخراب.. ولاذوا بعوائلهم إلى الخرطوم بعد أن أضاعوا جيلا كاملاً .. وظلوا يترددون على دور الكبراء ويطرقون أبواب الوزراء حتى حظوا في خاتمة المطاف بالمناصب والمراتب والمرتبات والحوافز.. ولأنه لم يكن لديهم أي " إيمان أيديولوجي "يعضد فعلتهم ، فكانت غاية إدراكهم لمدلول مفهوم " قسمة السلطة والثروة " هي أن تحصل على وظيفة " دستورية " في الخرطوم وتشيد بيتا من " الكونكريت " وأن تحضر المناسبات ( الأتراح والأفراح ) بزيك السوداني الكامل وعلى متن مركبة فارهة وتلفت أنظار العوام الذين يشيرون إليك ويتهامسون فيما بينهم بأن "هذا الوزير فلان " وذلك "النائب علان " ! . بقليل من إعمال حس أو ملكة مراقبة الظواهر نجد أن الشيء الوحيد الذي أدركه هؤلاء هو أن عقداً ونيف من أعمارهم قد ذهب سدى في لعبة هزلية لا غاية لها ولا مدى ، فقرروا الخروج من الحلبة وتوفير بقية العمر في حل مشاكلهم الشخصية .. ولسان حالهم يقول أن لا نطمع أكثر من مصدر رزق نطعم به أطفالنا.. كاد المريب أن يقول خذوني !..أنت عضو معين في المجلس الوطني أو مجلس الولايات ما عساك أن تقدم تجاه الدمار الذي تسببت فيه ... لا شيء .. ربما تقوم ببيع الكلام نظير راتبك أو مكافأتك ومن ثم الاندغام في " الثقافة العامة " الحالية ، ثقافة النفاق والانتفاخ في المناسبات العامة ما دام العوام يبجلون ذلك لضالة إدراكهم بمآلات هذه السلوك الرديء عليهم ابتداءً . فيشكلون وفودا يقودها زعمائهم المحليين لزيارة "السيد الوزير " أو " النائب المحترم " لتهنئته وأخذ صورة جماعية معه وإطلاقها في " الميديا " ماذا بعد ؟ لا شيء .. يكاد فؤادي ينفطر حسرة على حال العباد.
وقائمة أخرى ممن حازوا - بالتعيين وليس بالانتخاب - بمقاعد في المجلس الوطني ومجلس الولايات ومجالس الولايات وما إليها من هذا السيل من الكيانات الهلامية الهائلة والنهمة التي لا تبقي ولا تذر شيئاً من أرزاق أهل السودان ، ....
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة