المصريون لا يعرفون الإخوان كما يعرفهم السودانيون.. إن كانوا قد تمكنوا من حكم مصر لعام واحد، فقد أطبقوا على عنق السودان منذ منتصف الثمانينيات.. هم لا يعرفون الإخوان، مع أن بعضهم يعلم أن بعض الإخوان سجدوا شكراً لله، إثر هزيمة مصر في نكسة حزيران، كراهة في الزعيم عبد الناصر..! كلما ساءت العلاقات بين القاهرة والخرطوم، أبحث عن الإخوان.. الإخوان كيان لزج حد الانبطاح، لا يمكن كسره بقرار. المجاهد الطاهر ساتي، ما أن أُعيد أدراجه، حتى جاء يسعى للتجييش من أجل حلايب، متناسياً أن تنظيمه الذي يحكمنا، يقول في أكثر من مناسبة، إن المثلث يمكن أن يكون منطقة تكامل بين الشعبين الشقيقين..! هذا النضال المحبوك، بترتيبات من الطاهر ساتي وإخوانه، لن يعيد مجد خيرت الشاطر. الخرطوم الرسمية مضت نحو الإصلاح، وما كانت تنتظر من الإدارة المصرية تأليب المشاعر وإشعال فتيل الإجراءات عند بوابات تسجيل الدخول والخروج للسودانيين. قبل أن تتحرك المكيدة في نفوس البعض، كان السوداني يُعامل كالمصري في كافة المرافق، وكذلك المصري لا يعتبر غريباً في السودان، لا يمكن تجاهل الجغرافيا والتاريخ. العلاقات بين الدول تحددها المصالح المشتركة وليس هوجة السوشيال ميديا غض النظر عن الدوافع. تتبدل الأنظمة وتبقى الشعوب.. الإخوان لا يؤمنون بالأوطان، ويؤذيهم أن تكون هناك مصر واحدة قوية، بعد أن تمكنوا من تقسيم السودان. الإدارة المصرية تخطئ حين تحاسب الأفراد غضباً على التنظيم القابض. من يقولون إن الرئيس عبد الفتاح السيسي اقترف انقلاباً عسكرياً، عليهم أن يتذكروا خروج (33) مليوناً في شوارع العاصمة والمحافظات للمطالبة بإيقاف التدهور الذي دبّ في مصر إثر تصدُّر إخوان مرسي للمشهد، بعد تلك الانتخابات الخشبية. تلك كانت أكبر تظاهرة في تاريخ البشرية. من يريد عمل انقلاب، لا يحدد موعداً، ولا ينذر أو يلفت انتباه القوى السياسية ولا يطلب تفويضاً. هذا النيل يجري من الجنوب إلى الشمال، رأفة وحِكمة. من غير المعقول أن يقطع الإخوان جذور السودان في الجنوب، وإطلالته الشمالية، ويقول لهم الناس: تصبحوا على خير.. هؤلاء فصلوا الجنوب الأخضر الماطِر، فكيف نتوقع منهم نضالاً في الصحراء..؟ الانطباع المُعمم بأن المصريين مستهبلين، وبتاعين فهلوة، ليس له أساس من الصحة، إذ يقابله ادعاء بأننا (صَمْ لَمْ) شعب طيِّب.. من عايش المصريين عن قرب، يعرف أنهم الأقرب للسودانيين، القول بأن المصريين عنصريون، هذا تميم مردود على قائله، لأن مصر تمصِّر الوافدين، المصريون لا يراهنون على رفض الآخر، بل على استيعابهم.. مصر هي التي حوّلت العرب البائِدة إلى صعايدة، والأتراك الوافدين بزعامتهم الباشوية، إلى عصب للدولة... وعبر التاريخ، ياما حكمت مصر دِماء سودانية، منذ ترهاقا، إلى محمد نجيب، إلى السادات... كلما اضطربت علاقة مصر والسودان أبحث عن المستفيد الأول.. أبحث عن الإخوان..!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة