رسم الأستاذ محمد حسنين هيكل صورة تقريبية للرئيس حسني مبارك في كتابه من المنصة للميدان.. من خلال ريشة هيكل تتبين لنا شخصية منغلقة للضابط الطيار محمد حسني مبارك.. شاب قليل الكلام مغرم بالأحذية الإيطالية..لا يهتم بالسياسة كثيراً .. يشبه السادات فقط في خلفيته العسكرية ومصاهرته لأسرة مصرية لها جذور إنجليزية.. من بين ثنايا السطور يستشف القارئ أن السادات اختار هذا الرجل بهذه المواصفة حتى لا يزاحمه في الأضواء.. لكن حينما آلت السلطة إلى الرئيس مبارك اكتشف الناس جوانب كامنة في الرجل.. تمكن مبارك من تسخير كل الأجهزة لتثبيت حكمه.. بل من شدة اطمئنانه لولاء كل الذين من حوله فكر في توريث عرش الحمهورية لابنه الأصغر. مازالت تداعيات إعلان الرئيس البشير على عزمه الانسحاب من المشهد السياسي بعد ألف يوم تتداعى.. الفريق قطبي المهدي رئيس جهاز الأمن الأسبق صرح أمس الأول للزميلة التيار قائلاً (لو ذهب البشير والبلاد في وضعها الحالي لن تكون هنالك فرصة لبناء دولة جديدة، لأن البلاد غير متماسكة ومشتتة وتواجهها مشاكل كثيرة.).. اشترط الفريق المهدي بناء دولة مستقرة ذات دستور دائم قبل المغادرة .. لكن قطبي يذم الإنقاذ بما يشبه المدح.. إذا فشلت الإنقاذ في إنجاز هذه المهمة فيما يقارب الثلاثة عقود كيف تنجزها في ثلاث سنوات. ربما لأن الدكتور قطبي المهدي ابتعد عن كراسي الإنقاذ الوثيرة منذ سنوات، يحاول العودة إلى المكانة السابقة عبر عزف منفرد.. تلك الموسيقى التصويرية قام بأدائها من قبل الدكتور عبد الملك البرير نائب رئيس القطاع السياسي بالحزب الحاكم.. الدكتور عبد الملك أكد في تصريحات صحفية سابقة أن الرئيس البشير ليس من حقه الانسحاب وأن مثل هذا القرار بيد مؤسسات الحزب.. وبدلاً من استيضاح الرجل بتهمة ازدراء الدستور تم تعيينه مستشاراً في القصر الجمهوري بدرجة وزير دولة بالإضافة لمهامه في الحزب. في آخر مؤتمر صحفي عقده المهندس إبراهيم محمود نائب رئيس الحزب الحاكم سألته عن المؤتمر التنشيطي في أبريل القادم.. كان مركز ثقل السؤال إن كان المؤتمر سيحدد مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية بشكل مبكّر باعتبار أن هذه هي الدورة الأخيرة للبشير .. رد المهندس محمود أن الأمر سابق لأوانه وأن المؤتمر التنشيطي سيراجع تقارير الأداء الحزبي في الفترة السابقة فقط.. شعرت حينها أن أجهزة الحزب الحاكم تحاول التهرب من سؤال الخلافة السياسية رغم أن السؤال ملح وفي توقيت مناسب. في تقديري.. أن الرئيس البشير رمى بحجر في البركة الساكنة.. لكن ذلك ليس كافياً.. رجال حول الرئيس يخشون أن يكون الحجر من أجل فرز الرؤوس المتطلعة للمنصب المرموق، ومن ثم جزها.. الخطوة التالية والتي تحتاج رعاية شخصية من المشير البشير هي السماح ببروز علني للتيارات المتنافسة على الخلافة .. من حق كل تيار أن يعرض بضاعته للجمهور.. مثل هذا التنافس الداخلي مفيد جداً للتجربة السياسية داخل المؤتمر الوطني وخارجه . بصراحة.. هنالك مهمة كبرى للرئيس البشير تتمثل في كبت الذين يقفون حجر عثرة أمام التغيير.. الحنابلة الذين يخافون على مناصبهم ومصالحهم سيجعلون بلادنا تمضي على الرحلة التونسية..إنهم ذات رجال زين العابدين بن علي الذين تخصصوا في تصفير العداد وتطريز الدستور حتى جاءتهم الطامة الكبرى . assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة