شهدت مدينة الدوحة قبل يومين توقيع حركة تحرير السودان– الثورة الثانية، على وثيقة اتفاقية الدوحة لسلام دارفور، بحضور قيادات حكومية، ورئيس الحركة أبو القاسم إمام، والوساطة القطرية، وأقيمت الاحتفالات بذلك، وطويت الصحف، وجفت الأقلام، لكن لا تزال لدينا أسئلة بلا إجابات. السيد أبو القاسم إمام رئيس الحركة كان مشاركا بشخصه ووفده في مؤتمر الحوار الوطني، وخاطبه متفائلا، ومستبشرا، فما المعنى أن يطير هو من حيث يقيم، ويطير الوفد الحكومي إلى الدوحة للتوقيع على الاتفاق، ألا تكفيه نتائج الحوار، والوثيقة الوطنية، باعتباره صار جزءا من أحزاب وحركات الحوار المنتتظر مشاركتها في الحكومة؟، وما هي رمزية، أو ميزة التوقيع في الدوحة؟. ولمن لا يعلم من الناس، فالسيد إمام انشق من قبل من حركة عبد الواحد ووقع اتفاق أبوجا، وجاء إلى الخرطوم مسالما، ومهادنا، وتم تعيينه واليا على إحدى ولايات دارفور، وقضى مدته كاملة، ثم جاء تعديل وزاري قضى بنقله من الولاية إلى الخرطوم وزيرا للدولة في إحدى الوزارات، فغضب ولملم عفشه، وعاد لينضم إلى الحركة مرة أخرى، وأكثر من مرة قيل إنه انشق من الحركة مرة أخرى وعاد إلى "مسيرة السلام"، وكما ذكرنا فقد جاء في معية الرئيس إدريس دبي، وشارك في جلسات الحوار، فهل يعني هذا أنه انشق مرة ثانية، أو ثالثة، ثم عاد مرة رابعة؛ ليوقع اتفاقا جديدا؟. كم حركة انشقت من عبد الواحد وعادت لتوقع اتفاقا مع الحكومة بالضبط؛ لأنه خلال شهرين قرأت وسمعت أخبارا عن انضمام قادة بقوات يبلغ عددها نحو خمسة آلاف جندي حتى الآن، وكم يملك عبد الواحد محمد نور من القوات أصلا وقد قيل لنا إن حركته تمزقت شر ممزق، ولم يبق له أحد، فمن أين يأتي هؤلاء الناس؟، لدي شك أقرب إلى اليقين أن هناك مقاولي أنفار يقفون خلف هذا الموضوع، ويتكسبون منه، فمتى تتوقف هذه الساقية؟. الغريب والعجيب في الأمر أن اتفاقية الدوحة للسلام قد انتهت مدتها، وأكملت مهامها الانتقالية بإجراء الاستفتاء، وحل أجهزة السلطة الانتقالية- ما يعني أنها أكملت مهمتها بنجاح، هذا- على الأقل- ما يشير إليه أجل انتهاء السلطة، فماذا تقول اتفاقية الدوحة للقادمين الجدد، وماذا تعني لهم، ولنا؟. الاحتمال الثاني أنه ورغم انتهاء أجل الاتفاقية، وفرضية نجاحها في أداء مهمتها، فإن من الواضح أن لا شيء تم حله بنجاح كامل، أو نسبي، وأن الأزمة لا تزال قائمة، بدليل الأخبار الحكومية اليومية عن عودة منشقين، وتوقيعهم اتفاقية سلام جديدة مع الحكومة. لم يقصر الوسطاء القطريون فقد بذلوا أقصى ما يمكن بذله من جهود، ووفروا الإمكانيات، والميزانيات الضخمة لسنوات من التفاوض، واستضافوا الآلاف من المتفاوضين في فنادق الدوحة، لكن المحصلة النهائية تقول إن مشكلة دارفور لا تزال قائمة، وتمتلئ المنافي باللاجئين، والمعسكرات الداخلية بالنازحين، فعلى ماذا نحتفل بالضبط؟. لا أعرف إن كان هذا المنبر لا يزال مناسبا لحل المشكلة، وليست لدي أية اقتراحات بديلة، لكن ما أعرفه أن المحصلة أقرب ما تكون إلى الصفر، يجب ألا نخدع أنفسنا ولا غيرنا، وأن نبدأ من نقطة التسليم بالواقع، ثم نبدأ نفكر بعد ذلك في ما يجب فعله. altayar
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة