( لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها : لِمَ لم تمهد لها الطريق يا عمر )
عمر بن الخطاب (رض)
حملت أخبار الأيام الماضية خبرا عجيبا كان كفيلا لو أن هناك دولة وحكومة في بلادنا ان تقوم له الدنيا ولا تقعد.
دار المايقوما المخصصة لرعاية الاطفال مجهولي الابوين، أصبحت مقصدا لأسر فقيرة عجزت عن رعاية أطفالها تقوم بتسليمهم للدار!
يا للكارثة: اللصوص والعواليق والمساطيل والفاقد التربوي يسرقون و يستمتعون بخيرات بلادنا، ذقون تصل حتى الارض وغرّة صلاة تغطي نصف الوجه وأوسمة ونياشين تصل حتى أسفل البطن، وبعض حملة النياشين هؤلاء لم يدخل الكلية الحربية ولا حتى (لفاتحة) وبعض حملة الذقون و(غُرّات) الصلاة هؤلاء لم يركعوا ركعة واحدة لله ولا حتى بدون وضوء! يسرق اللصوص الذين يسمون أنفسهم حكومة، موارد وطننا وأهلها الطيبون الذين تقوم الدولة من أجل رعايتهم وتحقيق مطالبهم ، يعجزون عن شراء حبة دواء وقلم رصاص وقطعة خبز لفلذات أكبادهم فيرسلونهم، والحسرة والعجز تمزق قلوبهم الى دار المايقوما!
السيد الرئيس ومجلس وزرائه ومؤتمره الوطني وجنجويده وجهاز أمنه، لم يكترثوا كثيرا بالخبر(وذلك طبيعي ) لصوص هذا الزمان لا يهتمون بالاشياء الصغيرة. هناك اشياء اهم في جدول أعمال الرئيس (المنتخب الابدي) الذي سيحكم لمدة نصف قرن حسب نبوءة مستشار تأصيل قراءة الغيب: بلّة الغائب، الرئيس واركان حربه وجنجويده وجهاز أمنه مشغولون بالاحتفال برفع العقوبات الامريكية، مشغولون بالاحتفال برضا الحبيب الامريكي (ومن الحُب ما عاقب الناس إقتصاديا)، بعد أن تمّ تمزيق الشعارات القديمة: امريكا وروسيا قد دنا عذابها، اذا رضت عنا امريكا سنكون قد فارقنا درب الدين! (اليسمع دة يقول كان عندهم دين!) مشغولون (بتنوير) الناس ان سبب البلاء هو العقوبات الامريكية وقد رُفع البلاء الآن وعلى الناس التوقف عن العصيان وتوقع الرخاء القريب! حتى يمكن إيجاد بلاء آخر، توجه له تهمة افقار الناس وتدمير البلد وبيع الارض!
لم ينتبه سيدي الرئيس رغم انه اصبح أحد أكثر الكائنات الارضية بقاء في السلطة: خبرة ثلاثة عقود شهد فيها تعاقب خمسة رؤساء أمريكيين! ولسان حاله يقول: (الفورة مليون كان ما رفعت العقوبات انت يرفعها البعدك أو بعد البعدك!)
خمسة رؤساء أمريكيين! وهو ثابت وراسخ مثل جبل: المبدأ الوحيد الذي ظل ثابتا عليه و قابضا على جمره! خمسة رؤساء أمريكيين! يا للفوضى! سيقول سيدي الرئيس: كيف استطاعوا حكم العالم ورئيسهم ما أن يضع عفشه في البيت الابيض، وقبل ان ياخد نفسه، حتى يبدأ في حزم حقائبه استعدادا للرحيل! فقط أربعة سنوات لولاية رئاسية، لو حسبنا الوقت الذي قضاه سيدي الرئيس في الرقص منذ ان هلّ نجم عهده السعيد، سنجد أنه قضى في ذلك اكثر من أربعة سنوات! ولاية رقاصية بدلا من رئاسية!.
العجلة من الشيطان، الثبات نبات! وهاهو سيدي الرئيس ثابت هو ونظامه مثل جبل، حقا انه ليس هناك (نبات) حتى الان! ولكن العجلة من الشيطان، تحتاج شجرة اللبخ لثلاثة عقود لتصبح شجرة! المهم هو الثبات على المبدأ. وسيدي الرئيس ثابت على مبدأ الكرسي، الذي اعطاه له الله (كما قال جنرال ماركيز) ولن يتنازل عنه (بأخوي وأخوك) الداير ينازعه في الكرسي: ليحمل سلاحه ويلاقينا متحزم عشان نلاقيه عرايا(كما اعلن سيدي الرئيس في لحظة صدق وتحد وطني)
لم ينتبه سيدي الرئيس ولم يخبره أحد مستشاريه او مساعديه او جنجويده او جهاز أمنه، أنّه ونظامه عراة بالفعل، عراة من كل اخلاق وقيم، انهم عراة (عروض) لن تسترهم قندرانات من (دلاقين) الدنيا الزائلة! من نزع من شعبنا الفقير حق الدواء وتعليم الأطفال لا شرعية له، فحكم شعبنا ليس (رجالة) ورقيص والله أكبر تزلزل أركان الدنيا (يقولها لص وحكمة الله ان حناجر اللصوص دائما قوية ربما لأنهم يأكلون كثيرا بإفواههم) ان كنت لا تستطيع توفير لقمة خبز أو حبة دواء لمواطن له حق أكثر منك في هذا الوطن، لطفل (ستسأل عنه يوم لا ينفعك مال أو جنجويد) فلتذهب وتجلس في بيتك ولن يسألك احد لتوفر حبة دواء أو لقمة خبز!
ان كنت تظن الحكم هو حرس شرف، وقصر صيني وطائر رئاسي ميمون، ومجلس وزراء اتحادي يأتمر بأمرك ومجالس وزراء ولائية من آلاف الوزراء والنواب والعواطلية واللصوص، الذين يدفع شعبنا مخصصاتهم وعرباتهم وتكاليف زواجهم من عرقه ودمه وأرضه، بينما شعبنا نفسه يرزح في ضنك العيش و يرسل أطفاله لدار المايقوما!
لم ينتبه سيدي الرئيس ولم يخبره أحد من آلاف مساعديه أو مستشاريه، أنه حتى من قبل أن ترفع العقوبات الامريكية عن نظامه ، أن النظام لم يفارق فقط درب أمريكا (مجبر اخاك لا بطل) بل فارق درب الدين ايضا!
أسر فقيرة تسلم أطفالها لدار المايقوما! ما دام سيدي الرئيس رمز السيادة يعيش في قصره الصيني، وسط افراد عصابة المؤتمر الوطني والسماسرة، ليذهب الوطن كله الى المايقوما. سيدي الرئيس لا يمانع في تحسين أحوال الفقراء: أسياد الوطن، لكن لا توجد نقود! لا يمكنه إدارة وطن بالدين! (بفتح الدال واحيانا كسرها!) رفض الجميع أن يدفعوا شيئا، لا قروض ولا ضمانات ولا حتى وديعة (لا ترد) المشكلة أن التمكين استمر قليلا ليس فقط لانه كلما شبعت بطون وإمتلأت كروش تقدمت كروش اخرى من الصفوف الخلفية للتنظيم الشيطاني. (وحِلّك يا جليل) حتى يشبع هؤلاء .
استمر التمكين طويلا ليس فقط لأنّ الوطن (هامل) والكروش الجديدة لا تشبع، لكن لأنّ البترول نضب!انفصل الجنوب!
قبل أن تطلبوا من سيدي الرئيس ان يحقق لكم الرفاه الاجتماعي، أعيدوا الجنوب أو اعيدوا البترول: لا فرق! سيدي الرئيس(كتّر خيره) أنه قبل حكم هذه الدولة الفقيرة! رغم أن خبرته العريضة والسي في بتاعه المدنكل يؤهله لحكم امريكا نفسها، بدلا من هؤلاء (الزلنطحية) الذين يتغيرون مثل (تسمية الجوكر) كل بضع سنوات، لا يكاد أحدهم يمضي على توقيع بضع عقوبات حتى تنتهي ولايته (الرقاصية) :مثل الشادوف واحد طالع وواحد نازل!
حينها سيكون التمكين بالدولار الاصلي واذا اعترض او تمرد أحدهم، أو اشتكى من التهميش هناك ما يكفي من صواريخ كروز والترسانات النووية لمحوه من الوجود، بدلا من تضييع العمر في محاورته في الدوحة! المشكلة انّ السلاح في امريكا (هامل) ما يعني انه سينط كل يوم متمرد جديد، من حركة تحرير الاسكا الى حركة تحرير مانهاتن!
حين تكون هناك أزمة اقتصادية في امريكا، سيحل سيدي الرئيس المشكلة بحكم خبرته الطويلة.البيع!، يبدأ ببيع ألاسكا البعيدة، انها مجرد ثلاجة! من سيأسف على بيع ثلاجة! وأي ولاية (تقل أدبها) يكون الحل في الطلاق! أبغض الحلال: يتم فصلها فورا، وكفى الله المؤمنين شر القتال! (ما جدوى 51 ولاية، دي بلد ولا نزول حريق! نحن 18 ولاية غلّبونا)
أمريكا بلد التعددية، فلا ضير في وجود السيدة الاولى والسيدة الثانية والسيدة الثالثة والسيدة الرابعة! كثيرون لا يريدون ترامب والفرصة مواتية الان لنقدم لهم عصارة خبرة ثلاثة عقود من الحكم (الرشيد).
مئات آلاف المستوزرين والمستوظفين الذين لا يفعلون شيئا سوى نهب المال العام وإهانة واذلال المواطن صاحب الحق، اصبحوا بديلا لخدمة مدنية كانت مضرب الامثال في كفائتها ونزاهتها وعدالتها في توزيع فرص التعليم والعمل وغيره.
أصبح الوطن إقطاعية يتوزّع العطالى واللصوص غنائم موارده، و شعبنا المظلوم مثل الأيتام في موائد اللئام، من نجا منه من الجوع والفقر والكوليرا والسرطان والفشل الكلوي، وغارات الانتينوف والموت الحكومي وقوارب الهجرة، مات كمدا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة