:: ويُحكى أن حكومة ما ملًت من طاعة شعبها العمياء لكل سياساتها، وقررت اعدامهم بالمشانق، وعسى يرفض أحدهم قرار الاعدام وتحتفي الحكومة بان لديها مواطناً يمارس حق الرفض بحرية وشجاعة .. جمعتهم في ساحة الاعدام، ليخاطبهم الناطق الرسمي : ( خلاص زهجنا من طاعتكم العمياء دي، وعايزين نشنقكم)، ثم انتظر رد الفعل .. فهللوا وكبروا، ولكن مواطناً رفع يده ليتكلم، وظنوا انه من الرافضين لقرار الشنق، وحمدوا الله بان في شعبهم من (يرفض)، ثم سمحوا له بالحديث، فنهض سائلاً : ( ماعندنا مانع، لكن الحبال علينا ولا عليكم؟)..!! :: وتقريباً هكذا حال الناس في بلادنا، ولكنهم ليسوا بحاجة إلى ذاك السؤال، لأن الإجراءات التي ترتكبها وزارة المالية والقطاع الإقتصادي سنوياً - بمباركة كل أجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية - تٌوضح بأن ( الحبال علينا).. والمهم، أخيراً تكلمت وزارة الصحة حول قرار رفع الدعم عن الأدوية، وليتها صمتت لتبدوا أمام المرضى بأنها ( غير راضية) .. ولكن بكل أسف، فان وزارة الصحة السودانية - وكأنها وزارة صحة دولة معادية للشعب السوداني - تدعم قرار رفع الدعم عن الأدوية، وهذا ما لا يحدث حتى في الدول التي أجهزتها تُدير شئون شعوبها بالأوامر الملكية ..!! :: لولا تحرير سعر الصرف لأنهار قطاع الدواء بالكامل، هكذا دعم وتبرير سمية أكد وزيرة الدولة بالصحة لقرار رفع الدعم عن الأدوية ..وهذا التبرير لا يتكئ على سيقان المنطق، بل مراد به إقناع المرضى أن الخير وكل الخير في عجزهم عن شراء أدويتهم .. وزارة مالية بلد - بي حالو - هي التي تضن على مرضاها بمبلغ هزيل لا يتجاوز قدره ثلاثمائة مليون دولار سنوياً - وليس شهرياً - بحيث تكون ميزانية أدويتهم.. ولو تم توفير هذا المبلغ الهزيل - بنصف سعر السوق الأسود- لما إشتكت الشركات والمصانع والمرضى ..وبحكم مسؤوليتها كان على وزارة الصحة مطالبة الحكومة بدعم وتوفير هذا (المبلغ التافه)..!! :: ولكن عندما تخلت وزارة الصحة عن مسؤوليتها ، قررت وزارة المالية - بلا مسؤولية - أن ترفع يدها عن حماية المرضى من جشع الشركات وتجار الدولار، ثم وجدت أن وزارة الصحة تقف معها في صف (اللامسؤولية).. رفع الدعم عن الأدوية هو بمثابة إحالة المرضى إلى تجار الدواء والدولار، ووزيرة الدولة بالصحة تعلم ذلك، ولكنها تٌزيًن القبح وتٌجمُل البؤس وتُخدر الداء وتخدع العقول بهذا التبرير..وناهيكم عن أدوية الفقراء والمساكين والأرامل وأرتال النازحين، فأن وزارات الصحة من حولنا ترغم حكوماتها على دعم (حليب الأطفال).. !! :: ولكن في بلادنا - وتحت سمع وبصر وزارة الصحة - فأن حجم الضرائب والجمارك والرسوم و الأتاوات المفروض على ألبان الأطفال يتجاوز ( 45%)، فهل هذه وزارة صحة مسؤولة بحيث تنتظر منها صحة المرضى خيراً أو عافية أو موقفاً غير هذا (الموقف المٌعيب)..؟.. فالسواد الأعظم من الشعب يعيش تحت (خط الفقر)، وقد يدع الرغيف لكتائب الوزراء ويعود إلى (الكسرة)، وبمعدل وجبة كل ثلاثة أيام لحفظ النوع من الإنقراض ..وقد يدع الكهرباء لفيالق وزراء الدولة ويعود إلى الفوانيس والأزيار..ولكن ما هي البدائل للأدوية - غير الموت - ليعود إليها مرضى السواد الأعظم؟..وبالمناسبة، أين جمعية حماية المستهلك وإتحاد الصيادلة واتحاد الأطباء؟.. لا إجابة، فيبدو أنهم نجحوا بحيث يكون حتى ( الحبال علينا)..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة