القرارات أو التوجهات التي أعلن عنها والي الخرطوم عبدالرحيم محمد حسين مؤخراً حول (إزالة التشوهات) التي طالت وجه العاصمة ينبغي أن تجد منا في الوسط الصحافي دعماً ومساندة، فلسنا أقل منه حرصاً على تحقيق ذلك الهدف الكبير وأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي. صحيح ما ذكره الوالي أن عاصمتنا الخرطوم تتفرد ببعض الممارسات التي لا يمكن أن تجدها في أية مدينة من مدن العالم ناهيك عن العواصم، ولا بأس من التميز الإيجابي، أما التفرد بالتشوهات خاصة تلك التي تؤثر على الصحة العامة فإنه مما ينبغي أن تواجهه السلطات والمجتمع والنخب بحزم وصرامة تراعي التدرج الذي تقتضيه المعالجة الرفيقة بالمتضررين مع إيجاد البدائل اللازمة لمن تطولهم تلك المعالجات. مما قاله والي الخرطوم مؤخراً خلال مؤتمر صحافي (في كل العالم لن تجد الهرجلة التي تحدث حالياً في الخرطوم ..كل إنسان في العاصمة اليوم أصبح بمقدوره التعدي على الحق العام والحياة العامة بحسب ما يروق له)،وتحدث الرجل عن الإضافات التي تلحق بالمتاجر والأسواق وغيرها. صحيح أن ما يحدث ناشئ عن خلل إداري امتد لعشرات السنين جراء ضعف السلطات المحلية وعدم قدرتها على إعمال القانون، ولعل ذلك كان أكبر سبب في انتشار كثير من الممارسات مثل السكن العشوائي الذي جعل العاصمة تتمدد إلى حدود الولايات الأخرى المجاورة، وفاقم تحول الأرض إلى سلعة مربحة في العاصمة من ظاهرة السكن العشوائي التي كثيراً ما تضطر السلطات إلى الرضوخ لها حيث تقوم بتخطيط تلك الأحياء العشوائية خوفاً من التداعيات السياسية والأمنية سيما بعد المواجهات التي حدثت بين المواطنين والسلطات والتي مات جراءها عدد من المواطنين وأفراد السلطة. أول ما ينبغي أن تهتم به الولاية أن توقف ظاهرة السكن العشوائي من خلال آليات إدارية حازمة تجوب الأحياء الطرفية ليل نهار وتمنع نشوء أحياء جديدة بدلاً من أن تهدم البيوت على رؤوس سكانها بعد أن تصبح قرى مأهولة. الوالي تحدث عن ستات الشاي بشجاعة فقال (إن هذه الظاهرة لا توجد في المدن المتحضرة ولكن توجد مقاه وكافيهات عصرية راقية .. ينبغي أن ننظر إلى الوضع الأمثل والأفضل وألا تأسرنا النظرة العاطفية التي تكرس للخلل العام لصالح فئة محدودة يمكن معالجة احتياجاتها). تحدث كذلك عن كثير من الظواهر غير الحضارية والتي تقرر أن تزول بعد ستة أشهر منحت كفترة إنذار . د.صلاح الدين حسن الحاج مدير الإدارة العامة للشؤون الصحية والبيئية لمحلية أم درمان تحدث في حوار صحافي عن مهددات الصحة العامة التي يمكن أن تنشر التهاب الكبد الوبائي والأيدز والأمراض الباطنية وغيرها من الأمراض القاتلة أو المعدية الناشئة عن بعض الممارسات التي ظلت السلطات تتساهل معها خوفاً من الصحافة التي تتعاطف مع الفئات الضعيفة مثل بائعات الشاي والكسرة. في هذا الصدد كشف د. صلاح عن إعدادهم لحملة لتنظيم الأسواق بعد التشويه الذي يتسبب فيه التجار والباعة الجائلين والفريشة الذين يتسببون في رمي المخلفات والنفايات في الممرات ومداخل الأسواق. مما يلفت النظر تلك اللحوم المعروضة في العراء وفي الشوارع العامة من الصباح الباكر وحتى المساء عرضة للغبار والذباب والحشرات والتلوث. محلية الخرطوم بحري أعلنت أن عدد بائعات الشاي المرصودات للسلطات المحلية يتجاوز (5000) هذا بخلاف غير المسجلات. صحيح أن هؤلاء النساء يكافحن من أجل أطفالهن وأسرهن ولكن ألا يمكن أن تنظم هذه المهنة ومهنة بائعات الكسرة مثلا بصورة حضارية تجنب المجتمع أي أمراض يمكن أن تنشأ من تلك المهن غير الخاضعة للرقابة الصحية عند (العواسة) مع انعدام الفحص الطبي للعاملات وعدم وضع ضوابط لطريقة البيع للزبائن في الشوارع مع انتشار الذباب الناقل للعدوى ؟. الوالي قدم رؤيته حول هذه قضية بيع الشاي تحديداً بصورة مقنعة حين قال إن مزاولة تلك المهنة ستمنع في الطرق والفسحات والتقاطعات وتحت الأشجار، ولكن ذلك سيتبعه معالجة الآثار السالبة على أولئك النسوة من خلال حصر النساء اللائي يزاولن تلك المهنة بغرض منحهن الأولوية في تصاديق المقاهي الحديثة التي ستفتتح قريبا. يبدو لي أن أكثر ما عطل تنظيم هذه المهن الهامشية في السابق (الشاي والكسرة مثلا) الحملات التي شنها بعض الصحافيين على ذلك التوجه. إنني أقترح أن يقود اتحاد الصحافيين مبادرة للتعاون في دعم توجهات الولاية لإصلاح الوجه الحضاري للعاصمة ونحن جاهزون للتعاون في هذا الأمر الذي ينبغي أن تتضافر الجهود الحكومية والمجتمعية في سبيل إنجاحه. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة