نُواصل في الحديث عن الحوار والتسوية، عرضنا في عُمود سابق لنصوص خارطة الطريق، ثم تحدّثنا بالأمس عن الحوار والتسوية والنّماذج التي قدّمتها بعض دول العالم، مثل جنوب أفريقيا، وتجربة اتفاقية نيفاشا. ولنبدأ هنا بمُناقشة موضوع خارطة الطريق. الثابت حتى الآن، وبشكل رسمي أنّه ليست هناك أية إضافات أو تَعديلات في خارطة الطريق التي ستُوقِّع عليها بعض قوى نداء السودان هذا الشهر، وأنّ المُلحق الذي اقترحه السيد الصادق المهدي لم يقبل بشكل رسمي لا من الوسطاء ولا من قبل الطرف الثاني الذي هو حكومة السودان. ولهذا، فإنّ الحديث المصور للأخ محمد فول قيادي حزب الأمة القريب من السيد الصادق، والذي أوحى وكأنّ هناك خارطتا طريق هو حديث ليس دقيقاً. الخارطة الوحيدة المطروحة للتوقيع هي التي عرضنا بنودها يوم الخميس 28 يوليو. قَد تَكون هُناك وعودٌ من الوسطاء الدوليين بمُمارسة بعض الضغوط على الوساطة الأمريكية والحكومة السودانية، لكنها وعودٌ غير مُضمّنة في أيّة وثيقة رسمية. يقول فول بالنص "خارطة الطريق الأولى غير التانية"، ثم يمضي لشرح الفرق بين الخارطتين من حيث المُحتوى والطريقة والأطراف التي ستُشارك في التفاوض، وينتهي بالقول "التانية ليس لها علاقة بخارطة الطريق الأولى". لم يتم فتح خارطة الطريق لإضافة بنود جديدة، ولم يتم تعديلها، وليست هناك أيِّ وعود أو مؤشرات رسمية لهذا الاتجاه. هذا الوضوح مطلوبٌ بشدة، إن اقتنعت بعض قوى نداء السودان بالتوقيع على خارطة الطريق كما هي، فعليها بالصدق والشفافية مع نفسها ومع الآخرين، وتهيئة قواعدها نفسياً وسياسياً لقبول الخارطة والحوار والتسوية المُحتملة. يقول فول إنّ خارطة الطريق هي المانيوال Manual أي دليل التشغيل، وهذا صحيحٌ. لكن لو لم يستوعب المُستخدم دليل التشغيل بشكلٍ صحيحٍ فلن يستطيع استخدام الآلة وهي هنا الخارطة بشكل صحيح، ويدخل في ذلك الحديث عن دليل تشغيل آخر غير موجود. السيد ياسر عرمان يقول في بيانه التوضيحي الذي صدر بعد اجتماعات باريس ان هناك مستجدات ومتغيرات عديدة بعد رفضهم التوقيع على خارطة الطريق، ومن بين ذلك أن محاولات إلحاقهم بحوار الوثبة قد سقط، وأن التوقيع على خارطة الطريق تحول "من حدث لإلحاق أربعة تنظيمات من تنظيمات نداء السودان بحوار الوثبة الى عملية سياسية تمر بإجراءات تهيئة المناخ من وقف الحرب وتوفير الحُريات وغيره". هذا يُمكن أن يحدث، لكن أن يقول عرمان انه قد حدث فعلاً فهذا من القول الذي لا توجد شواهد رسمية عليه حتى الآن. لم تتحوّل خارطة الطريق حتى الآن لأيِّ شئ غير أنّها خارطة الطريق التي وقعت عليها الحكومة مع الوسيط ثابو أمبيكي في مارس الماضي. من المُمكن أنّ قوى المُعارضة التي ستُوقِّع على الخارطة لديها من الاستعدادات والخطط ما يحدث تحولاً كبيراً في مسار خارطة الطريق، هذا ما نأمله ونتوقّعه، لكن لا يُمكن القول بأنّ هذا التحول قد حدث فعلاً. ونواصل altayar
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة