ماذا يجري تحت طاولة الحوار بين أمريكا و نظام الإنقاذ؟ لا نثق في نوايا أمريكا الخارجية.. و خاصة في السودان.. و تظل المصداقية هي مشكلة المشاكل بين نظام البشير و الشعب السوداني.. و الشعب يتمنى أن يجد في عقله الجمعي ذرة من ثقة في وعود المؤتمر الوطني.. لكن العقل الجمعي يظل جسماً طارداً لتلك الثقة.. و كلما حاول النظام ادخالها فيه، وجد باب العقل الجمعي مكتوب عليه:-( ممنوع الدخول).. و سيظل الدخول مستحيلاً إلى الأبد!
الكذب رسائل تنبعث زخاتٍ.. زخاتٍ.. زخاتٍ يومياً من نظام البشير إلى الشعب السوداني، تنبعث دون توقف لالتقاط الأنفاس.. إذن، من أين تأتي المصداقية و كيف يأتينا الاطمئنان على نواياً في حوار مع من ظلوا يكذبون على البشر و يتطاولون على الكتاب المكنون و السنة النبوية طوال ربع قرن و نيف من الزمان؟! و ليس هناك ما يدعونا لتصديق ما لا ينبغي لراشد أن يصدق دون ضمانات .. و ضمانات مدروسة بما فيه الكفاية للسير في حوار لا تزال ثمة شكوك تثار حول مخرجاته.. رغم أنه حوار دار بين من يُفترض أن يكونوا إخوة و أصدقاء و شركاء مصلحة ( وطنية).. لقد هربت الثقة من جمعهم عند انبثاق فجر الكشف عن محتوى المخرجات.. " و أقبل بعضهم على بعض يتلاومون.."
إذن ما الذي يدعو الإمام/ الصادق المهدي يبعث إلينا برسالة يقول لنا فيها: "... وجدنا توصيات الحوار الداخلي- بعد دراستها- فيها كثير مما نحن ندعو إليه، وإن لم تغط كل مطالبنا". هل الذي دعاه ليخبرنا بأن المعارضة ربما توقع على الخريطة هو اعتراف النظام بمكونات الجبهة الثورية كجبهات. و اعترافه بتكوين إعلان باريس. و قبوله الربط بين وقف دائم لإطلاق النار و الاتفاق السياسي. و قبوله لحوار تمهيدي بالخارج ثم تكتمل إجراءات حوار آخر بالداخل، مع التمسك بالمؤتمر التحضيري أو الحوار التمهيدي لضبط الحوار ورئاسته وآلية التنفيذ..؟ و مع أننا لا نعرف كل التفاصيل، إلا أننا نقول أن كل ما ذكر الإمام/ الصادق مهم للغاية.. و أهم ما ذكر هو التمسك بالحوار التحضيري و رئاسة الحوار و آلية تنفيذ مخرجاته..
لكننا نرفض وعد الإمام/ الصادق للنظام "... باسم الذين عوقبوا دون ذنب جنوه أن نكون إيجابيين وأن نعمل دون أحقاد لتحقيق فلاح الوطن.." و هذا قفز فوق مخرجات أي حوار بين ( نداء السودان و النظام.. و فوق ذلك نرفض هذا الوعد لأن الشهيد المحتمل ( بقاري) لايزال مصيره معلق على حبل المشنقة.. و ربما انضم إلى الذين عوقبوا دون ذنب جنوه.. و لأن ذوي الذين قتلوا غيلة هم أولياء الدم الذين يقررون العفو و السماح إذا شاؤوا .. أو أن يحذو المجتمع السوداني حذو مجتمع جنوب أفريقيا في المصالحة الوطنية الشاملة.. هذا، أو أن يأخذ القانون مجراه في بيئة ديمقراطية نظيفة أمام قضاء عادل غير قابل للتسيس..
و قد قرأنا ترحيب السيد/ ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية في السودان بالحوار الأمريكي مع النظام، و تمنياته بأن يكون الحوار الثنائي دعماً ( إيجابياً) للحوار الوطني..
و نحن نقول أن أمريكا ترى ما لا نرى.. و نحن نرى ما ترى هي.. و الزاوية التي نرى منها الأمور زاوية حادة حيث ندقق النظر في أفق الحوار ( المشوش) و لا نرى كثير مصلحة للسودان فيه إذا تم بالصورة المرصودة من قبلنا..
و نورد للإمام/ الصادق في هذا الصدد بما ذكره الأستاذ/ صلاح نزوي بصحيفة سودانيزأونلاين بتاريخ 15/11/2011 حيث يقول:-
"... و استشهد هنا بما قاله السيد/ الصادق المهدي في ندوة نقلتها الجزيرة مباشر قبل نحو ثلاثة أعوام حيث ذكر انه ذهب إلى أمريكا في العام 1986م واجتمع بمؤسسات الحكم ( البيت الأبيض والكونجرس والبنتاغون ) وابلغهم بأنه شخصيا سيكون رئيس وزراء العهد الجديد ، وطرح لهم موضوع العلاقات السودانية الأمريكية وبكل شفافية توجه إليهم بالسؤال عن رؤية أمريكا للعلاقات السودانية الأمريكية ، أجاب السادة الأمريكان بسؤال للسيد / الصادق ما هي شكل العلاقة التي تودون إقامتها مع أمريكا ، كان رد الصادق المهدي واضحا وذلك بان السودان يسعى لإقامة علاقات طيبة مع أمريكا ترعى وتصون الحكومة مصالح أمريكا في السودان وعلى أمريكا حفظ ورعاية مصالح السودان ، هنا رد الأمريكان بقبول الشق الأول من عرض الصادق ورفض الشقة الثاني المتعلق بحماية المصالح السودانية ، وقد اجتهد السيد/ الصادق المهدي ليحصل على رضا أمريكا ...... وفى نفس الندوة اتهمها بأنها وراء إسقاط النظام الديمقراطي المنتخب وذلك من خلال إضعافه ودعم التمرد في جنوب السودان في ذلك الزمان..."
علاوة على أن النظام لا يؤمن جانبه.. و تجد كثيرين منا يتفقون مع رأي أستاذنا/ محجوب محمد صالح حيث يقول أن الصادق المهدي:-
" .. يعلم أن محاولات سابقة لحوار انفرد حزبه بإجرائه ولم يحقق شيئاً وأن المستحقات التي تطالب بها المعارضة هي الضمانات لجدية الحوار وشمولها واستهدافه تحقيق المطلبين الهامين: السلام الشامل والتحول الديمقراطي وأن أي حوار لا تتضمن أجندته إجراءات واضحة وعاجلة لتحقيق هذين المطلبين هو حرث في البحر."
و الأستاذ محجوب يخشى، و نحن معه نخشى، "... أن يكون رد أمبيكي هو مجرد محاولة لإلحاق المعارضة بالحوار دون الاستجابة لمستحقات هذا الحوار التي أجمعت عليها قوى المعارضة بما فيها حزب الأمة.." و ربما تكون الوعود الغربية بتطوير الحوار، بعد انطلاقته، وعود تأتي بتغييرات مناخية ضارة بمصالح السودان الاستراتيجية.. فبعد الانطلاقة لا شيئ يوقف النظام الجامح من تحقيق مراده تحت تغذيه الجزرة الأمريكية..
هذا شك واجبٌ دون أدنى طعن في مصداقية و وطنية المعارضة السودانية المنظمة..
و يصل أستاذنا/ محجوب محمد صالح إلى نتيجة مفادها أن المطلوب من المعارضة ( أمريكياً) أن توقع على الخريطة على علاتها..
المعارضة المنضوية تحت لواء ( نداء السودان) مسئولة عن مستقبل السودان ( يكون أو لا يكون).. و عليها أن تتحسب من مزالق خريطة الطريق.. و لا تنصاع لضغوط الدول الغربية الساعية لتحقيق مصالحها دون مصلحة حقيقية للسودان.. فليس لأمريكا كبير شأن بما يضر السودان طالما أنه صالحها و مصالح حلفائها.. فها هي تتعاون أمنياً و عسكرياً مع النظام.. و تتولى تدريب ميليشيا حميدتي التي أوكل إليها نطام البشير حماية الحدود السودانية الغربية من المهاجرين غير الشرعيين إلى شمال أفريقيا و منها إلى أوروبا.
و جاء في صحيفة التغيير الاليكترونية أن ميليشيا حميدتي تمكنت من إغلاق الطرق والمعابر كافة كما تمكنت من توقيف أكثر من 300 قبل أيام.. و ذلك جزء يسير من الثمن المطلوب من النظام دفعه كي تقف الدول الغربية و على رأسها أمريكا إلى جانبه بالضغط الشديد على المعارضة السودانية..
و نلاحظ أن قائد متدربي ( الجنجويد) المبعوثين إلى أمريكا لتلقي دروس في الأمن متهم بالإبادة الجماعية في دارفور.. و ضمن المبعوثين، بالتأكيد، من تلطخت أياديهم بدماء أطفال دارفور و جبال النوبة دون ذنب جنوه!
إننا نصر على إلزام نداء السودان بعدم التوقيع على خريطة الطريق دون ضمانات كافية تسبقها إجراءات ( ضامنة) لتلك الضمانات الكافية..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة