|
Re: الفاتح عز الدين .... شن جاب لي جاب بقلم شوقي (Re: ود العقاب)
|
الاستاذ الفاضل شوقى بدرى
مقالك هذا يندرج تحت باب معرفة الفضل لاهل الفضل
ولقد احببت ان اضيف لاهل الفضل الذين لا يشبهون جماعة الانقاذ فى شى اسم الباشمهندس فيصل لطفى
هو ايضا من ابناء امدرمان. درس فى جامعة الخرطوم ونال درجة الماجستير فى الهندسة المدنية من انجلترا، عمل فى السكة حديد، اشتهر بالاخلاص والتفانى والتواضع. كانت السكة حديد فى نهاية الستينيات وفترة السبعينات مدرسة قائمة بذاتها، وكانت تشمل عدد من المصالح الحكومية الاخرى، التى من بينها هيئة الموانى البحرية.
فى اواسط السبعينات كان هناك مشروع كبير لتطوير ميناء بورتسودان لرفع طاقته للمناوله الى خمس اضعاف. وكان تمويله من البنك الدولى، واالمكتب الهندسى الذى صمم المشروع واشرف على تنفيذه، كان مكتب الكسندر جب الانجليزى، وكان من شروط المشروع ان يكون رئيس المهندسن ومدير المشروع مهندسا من السودان، فكان الباشمهندس فيصل لطفى هو ذلك المهندس الذى تراس عدد كبير من المهندسين الانجليز، ومعهم شاركات المقاولات التى كانت هى ايضا انجليزية، اسمها ماربلز، وبعدها جاءت شركة يوغسلافية، اسمها بومقراد، واستمر العمل فى المشروع حوالى ست سنوات، واكتمل بصورة اعجبت خبراء البنك الدولى وجاء فى تقريرهم بانه كان من انجح المشاريع التى مولها البنك فى القارة الافريقية. ولقد اكتمل هذا المشروع العملاق الذى كما قلنا قد رفع طاقة الميناء الى خمسة اضعاف، بميزانية اقل مما كان مقدر لها، ولذلك فقد وافق البنك الدولى على تحويل بقية القرض الى تطوير ميناء سواكن.
عملت مع الباشمهندس فيصل لطفى فى المشروعين، وكنا كخريجين جدد نعمل كمهندسين مواقع تحت رئاسة المهندسين الانجليز، الذين يرأسهم الباشمهندس فيصل لطفى. ولقد رايت بعينى راسى كيف يكون الرجل النزيه والحازم والمتواضع، ورايت كيف كان المهندسين الانجليز يحترمونه ويهابونه، لدرجة ان الواحد منهم عندما يريد الدخول لمكتب الباشمهندس فيصل يغير ملابسه العادية التى يستعملها للعمل فى حر السودان. ورايت كيف تكون النزاهة والقوة فى مراجعة المواصفات وفى دفعات المقاولين. لقد علمنا الباشمهندس فيصل لطفى بجانب الهندسة ايضا الحزم واحترام العمل. لم نسمع منه تشدق بالاسلام، وانما كان رجلا نزيها وصادقا ومستقيما فى تواضع يصلى الظهر فى جماعة مع الموظفين خلف امام قد يكون خفير المكتب.
لا استطيع وصف تفاصيل كفاءته ولكن سوف احكى قصة لاعطاء فكرة للجيل الجديد كيف كان السودانيين الموظفين قبل ان يبتلينا الله بالاخوان المسلمين.
كان الباشمهندس فيصل لطفى اعلى موظفين هيئة الموانئ البحرية درجة وظيفية، وكان بالرغم من مشغولياته فى مشروع تطوير الميناء يقوم باعباء مدير عام هيئة الموانى بالانابة عند غياب المدير فى سفر، وكان فى ذلك الوقت منصب مدير عام هيئة الموانى كانه منصب امبراطور، وكان يشغله احد اعضاء حكومة اتنظيم الجماعة اياهم، كانت صلاحياته تفوق صلاحيات الكثير من المسئولين فى الحكومة، وكان بمكتبه عدد من موظفى الشئون العامة الذين يتفننون فى تسهيل حياة المير العام، ابتداء من السواقين والسكرتارية، والمساعدين، وموظفين لترتيب سفرياته واجتماعاته، وحتى مشتريات لوازم منزله. وكان الباشمهندس فيصل عندما يقوم باعباء المدير يطلب من الجميع الانصراف الى مكاتبهم ويعمل ليل نهار على انهاء كل الملفات التى امامه، ليتمكن من المجئ الينا فى مشروع تطوير الميناء. فى احد الايام فى عام 1985 كانت هناك ازمة لبن فلقد كانت فى ذلك الوقت الكثير من الازمات فى المواد الغذائية، وكان للمهندس فيصل اطفال فى المدارس، وكان بامكانه ان يكلف اى شخص ليتحصل له على علب لبن بدرة من البواخر الكثيرة التى تجى من جميع انحاء العالم، ولكن، كما قلت لك، كان المهندس فيصل نزيها لدرجة التعصب، فما كان منه الا ان قام بارسال احد ابناء بورتسودان الى سوق البهائم ليشترى له غنماية، واخرج القروش من جيبه واعطاها لذلك الشاب. تم هذا امام عينى وفى حضور عدد من الزملاء.
اطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية.
|
|
|
|
|
|