ارسل البابا فرانسيس رسالة انسانية قوية الى اوربا والعالم عندما اصطحب معه اثني عشر مهاجرا سورياً إلى الفاتيكان خلال زيارته معسكرا للمهاجرين في جزيرة ليسبوس باليونان، ووصف البابا رحلته بالحزينة، والأزمة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وهنا لابد من الاشارة الى ان أفراد الأسر الثلاث، بمن فيهم ستة أطفال، هم من المسلمون، الذين كانوا قد فقدوا منازلهم في الحرب التي تشهدها سوريا. وكان هؤلاء اللاجئون يعيشون في جزيرة ليسبوس اليونانية، تلك الجزيرة التي اكتظت بطالبي اللجوء من كل حدب وصوب. وقد تم اختيار هؤلاء المهاجرين الاثني عشر من بين مهاجرين آخرين بناء عشوائيا، وستعتني بهم جمعية خيرية في الفاتيكان. وقال الفاتيكان في بيان صادر عنه إن البابا أراد أن "يرحب باللاجئين في لفتة رمزية". وفي هذا السياق لابد من الاستشهاد بما ذكرته صحيفة "لوبس" الفرنسية في افتتاحيتها، في مقال للكاتب ماتيو كرواساندو أن البابا اثبت انه "أكثر قياديي أوروبا يسارية" واعتبر أن الحل ليس "برفع الحواجز والأسوار ولا بعقد اتفاقية غير مشرفة مع تركيا". وسبق للبابا ان وجه رسالة بشكل خاص إلى أوروبا، قائلاً لهم إن العديد من المهاجرين القادمين من آسيا وأفريقيا يرون في أوروبا نقطة مرجعية بالنسبة لمبادئ شأن المساواة أمام القانون والقيم المخطوطة في طبيعة كل إنسان كالكرامة غير القابلة للانتقاص، المساواة بين جميع الأشخاص، والمحبة تجاه القريب بدون أي تمييز على أساس الأصل والانتماء، وحرية الضمير والتضامن مع أمثالنا. وفي المقابل أبرم الاتحاد الأوروبي وتركيا اتفاقا يقضي بإعادة المهاجرين الذين يصلون إلى اليونان إلى البلد الذي انطلقوا منه وهو تركيا. وبذلك سمح الأوروبيين لأنفسهم بأن يتحولوا إلى قلعة محصنة، بينما يستمر المهاجرون بالموت على أبوابها. وهم يعلمون علم اليقين، بل وأكثر من غيرهم بأن مبدأ الاعادة القسرية لللاجئين غير مسموح به قانوناً، و ان عدم الإعادة القسرية هو أحد مبادئ القانون الدولي، أي القانون العرفي ومعاهدات قانون الأمم الذي يمنع تقديم ضحية اضطهاد حقيقية إلى المضطهد، وان كانت تركيا ليست الدولة المضطهدة لحقوق اللاجئين فان الاعادة لها عواقب خاصة على السوريين والعراقيين الذين قد يضطرون للعودة الى حيث العنف والموت. وبقراءة المشهد عموماً فإننا لا نملك الا ان نقول ان موقف البابا هو موقف انساني بالضرورة بغض النظر عن مسألة الاديان ودون الخوض فيها، فإن الجانب الانساني في هذا المعادلة تستحق التأمل والاشادة. وبذلك قد مارس البابا "سلطته الروحية وترجم إيمانه أفعالا على الأرض, ولكن ذلك لا يجعل منه قدوة لساسة أوروبا, ذلك أن السياسة قائمة على مصالح الدول وليس على الأخلاقيات" كما قالت مجلة لوفيغارو الاسبوعية الفرنسية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة