تعليق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري بقلم الدكتور محمود أبكر دقدق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 10:25 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-05-2016, 03:41 PM

محمود ابكر دقدق
<aمحمود ابكر دقدق
تاريخ التسجيل: 03-06-2016
مجموع المشاركات: 57

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تعليق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري بقلم الدكتور محمود أبكر دقدق

    02:41 PM April, 05 2016

    سودانيز اون لاين
    محمود ابكر دقدق-الدوحه
    مكتبتى
    رابط مختصر





    Dr. Mahmoud A. Dugdug


    يُعد مفهوم "الاختفاء القسري" من المفاهيم الجديدة إصطلاحاً والقديمة قدم التأريخ من حيث الممارسة، ويُعرَّف الاختفاء القسري بأنه "أي اختطاف أو حرمان من الحرية تنفذه سلطات الدولة على شخص، ويتبعه رفض تلك السلطات الكشف عن مكان وجود الشخص أو مصيره". وكذلك يُعرَّف الاختفاء القسري بأنه احتجاز لحرية الشخص دون أي مسوغ قانوني ودون أن يعلم به أهله وبدون أي تهمة موجهة إليه، ويحدث الاختفاء القسري إذا ما قُبض على شخص أو احتُجز أو اختُطف على أيدي عناصر تابعة للدولة أو تعمل لحساب الدولة، ثم تنفي الدولة بعد ذلك أن الشخص محتجز لديها أو لا تفصح عن مكانه، مما يجعله خارج نطاق الحماية التي يوفرها القانون. ويعد الاختفاء القسري من أكثر الحالات التي تمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، فالشخص الذي يتعرض للاختفاء القسري يصبح محروماً من كافة حقوقه ويبقى دون أن يدافع عنه أحد على الإطلاق. بيد أن الفكرة المطلقة للاختفاء القسري مارستها مختلف السلطات في مختلف العصور حتي قبل ظهور فكرة الدولة القطرية عقب صلح وستفاليا عام 1648م كأول اتفاق دبلوماسي في العصور الحديثة والذي أرسى نظاما جديدا في أوروبا الوسطى مبنيا على مبدأ سيادة الدول.
    أولاً: الاختفاء القسري ظاهرة تاريخية
    شكلت حالات الاختفاء القسري ملمحاً بارزاً من ملامح النصف الأول من القرن العشرين، واستمر على ذات المنوال حتى نهاية النصف الثاني من ذات القرن، حيث عمدت الدول ذات الأنظمة الشمولية إلى إخفاء خصومهم من على وجه المعمورة، وذلك باللجوء إلى ممارسة الإخفاء القسري على نطاق واسع في مناطق أوروبا التي خضعت للحكم النازي، وتلك التي خضعت للحكم العسكري في أمريكا اللاتينية وافريقيا وبعض دول جنوب شرق اَسيا. ومن بعد انتشرت ظاهرة الاختفاء القسري في كثير من دول العالم تحت مبررات عديدة كحماية الأمن القومي أو الاحتياطات الأمنية، أو بالاستناد إلى حالات الطوارئ أو الصراعات السياسية أو تحت مبرر ما بات يُعرف اليوم بالحرب على الإرهاب، حيث مارست السلطات في حالات الاختفاء القسري صوراً من الانتهاكات لحقوق الإنسان، ونفذت حملات الاعتقالات التي قد أفضت إلى القتل أو التعذيب وهي أفعال تتناقض مع القيم الرئيسة للإنسانية والمبادئ الأساسية لسيادة القانون وبصفة عامة القانون الدولي، كما أنه يشكل انتهاكا مركبا يطال عددا كبيرا من الحقوق الأساسية المحمية دوليا.
    وقد كان طبيعيا مع انتشار ظاهرة ممارسة الاختفاء القسري واستفحالها في العديد من الدول، أن يحمل المجتمع الدولي محمل الجد مسألة التصدي لهذه الظاهرة؛ من خلال العمل على إنشاء آليات قانونية ملزمة لحماية وضمان الحق في عدم التعرض لهذا الانتهاك الخطير.
    ثانياً: مشاركة دولية واسعة تفضي إلى اتفاقية نوعية
    للحديث عن المشاركة الدولية الواسعة الت أفضت إلى هذه الاتفاقية النوعية، لابد أن نشير الى جهود الدول بطبيعة الحال، كونها الجهات الفاعلة الرئيسة في المفاوضات التي أفضت إلى تبني الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري؛ ولأن الدول هي الجهات المُلزمة والمخاطبة بنصوص الاتفاقية، فضلاً عن ذلك نذكر الاجتهادات الفقهية للجنة المعنية بحقوق الإنسان ذات الصلة بالاختفاء القسري، يضاف اليها المجهودات السياسية المتواصلة المبذولة من قِبل لجنة حقوق الإنسان في هذا الشأن، وبجانب ذلك نجد مشاركة جمعيات أمريكا اللاتينية لعائلات ضحايا الاختفاء القسري الذين تعرضوا للاختفاء القسري أبان العهود الديكتاتورية. تلك الجهود مجتمعة أفضت إلى إنشاء وتبني اتفاقية دولية خاصة تعنى بالحماية ضد الاختفاء القسري.
    وقد شاركت المنظمات غير الحكومية والحكومات والمنظمات الدولية بجهد مقدر للدفع قدماً نحو تبني هذه الاتفاقية، وقد كانت حاضرة طوال عملية الصياغة وكان لحضورها في القاعة خلال صياغة مسودة الاتفاقية أثر مهم في الدفع بالوثيقة حتى رأت النور في آخر المطاف. وبذلك يمكن القول بأن جميع الأطراف قد بذلت جهودًا متكاملة بغية الحصول على إقرار لاتفاقية الأمم المتحدة ضد الاختفاء القسري. وعلى الرغم من أن هذه المطالبات قد ظهرت لحيز الوجود منذ العام 1981 بصياغة اتفاقية دولية، إلا أن تلك الجهود لم تُؤْتِ أُكلها إلا بعد مُضي خمسة وعشرين عاما وتحديداً في ديسمبر عام 2006، عندما تبنت الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة بالإجماع الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وشمل قرار اعتماد الاتفاقية دولا مؤيّدة من جميع القارات؛ لذلك يوجد من الأسباب ما يدفع إلى التفاؤل.
    ثالثاً: دخول الاتفاقية إلى حيز النفاذ
    وقد دخلت الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري حيز النفاذ في 23/12/2010 مع مرور ثلاثين يوما على تصديق العراق (البلد الذي أكمل عدد العشرين بلدا حسب ما تتطلب الاتفاقية)، وبذلك يصبح لدى الضحايا في العديد من البلدان وسائل قضائية وقانونية دولية حقهم في معرفة الحقيقة أو في جبر الضرر المادي والمعنوي نتيجة للاختفاء القسري. مع ملاحظة تردد أربع من خمس دول دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي: (الصين، الولايات المتحدة، بريطانيا، روسيا) في التصديق على الاتفاقية، وبعكس ما هو متوقع، كان التصديق الأوروبي على الاتفاقية ضعيفاً في المرحلة الأولى لدخول الاتفاقية حيز النفاذ، فقد صادقت فرنسا وإسبانيا وألبانيا وألمانيا فقط على الاتفاقية، إلا أن الجهد الحاسم قد جاء من دول أمريكا اللاتينية حيث صادقت تسع دول على رأسها تلك الدول التي عانت كثيراً من ظاهرة الاختفاء القسري نذكر منها: كوبا وتشيلي والأرجنتين والبرازيل وبوليفيا والمكسيك، وقد صادقت أربع دول إفريقية غير عربية على الاتفاقية، ولم يُصادق من الدول العربية إلا بلد واحد هو العراق. وهكذا توّج نضال ثلاثين عاما في أروقة الأمم المتحدة للوصول الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري.
    رابعاً: البنية القانونية للاتفاقية
    بالنظر إلى الموضوعات التي تتناولها الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والتي تتكون من 45 مادة فإنه يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء موضوعية وإجرائية وفق ما يلي:
    أ‌- الجزء الأول
    ويشمل الجزء الأول المواد من 1 حتى 25، وتتناول تعريف الاختفاء القسري بالتدابير التشريعية والتنفيذية والإدارية المتصلة بتعريف مفهوم الاختفاء القسري، ومنعه في كل الأوقات حربا وسلما، وضرورة تجريمه في القوانين الوطنية، بما في ذلك توفير وسائل الإنصاف المحلية والدولية، والمساعدة القضائية ومنع مرتكبيه من الإفلات من العقاب، ووفق المادة (6) فقد حمَّلت الاتفاقية المسؤولية الجنائية لكل من يرتكب جريمة الاختفاء القسري، أو يأمر أو يوصي بارتكابها أو يحاول ارتكابها، أو يكون متواطئا أو يشترك في ارتكابها والرئيس الذي يكون على علم بأن أحد مرؤوسيه ممن يعملون تحت إمرته ورقابته الفعليتين قد ارتكب أو كان على وشك ارتكاب جريمة الاختفاء القسري، أو تعمَّد إغفال معلومات كانت تدل على ذلك بوضوح، وكان يمارس مسؤوليته ورقابته الفعليتين على الأنشطة التي ترتبط بها جريمة الاختفاء القسري، ولم يتخذ ذلك المسؤول كافة التدابير اللازمة والمعقولة التي كان بوسعه اتخاذها للحيلولة دون ارتكاب جريمة الاختفاء القسري، أو قمع ارتكابها أو عرض الأمر على السلطات المختصة لأغراض التحقيق والملاحقة. وإمعاناً في منع الإفلات من العقاب فقد نصت الاتفاقية في المادة (13) على عدم اعتبار جريمة الاختفاء القسري جريمة سياسية، أو جريمة متصلة بجريمة سياسية، أو جريمة تكمن وراءها دوافع سياسية. وبالتالي، لا يجوز لهذا السبب وحده رفض طلب تسليم يستند إلى مثل هذه الجريمة. وفي المقابل وإمعانا في حماية الأشخاص من الاختفاء القسري منعت الاتفاقية أي دولة طرف أن تطرد أو تبعد أو أن تُسلِّم أي شخص إلى أي دولة أخرى إذا كانت هناك أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأن هذا الشخص سيقع ضحية للاختفاء القسري.
    ب‌- الجزء الثاني
    أما الجزء الثاني فيشمل المواد من 26 حتى 33، وتتناول إنشاء لجنة دولية مكونة من عشرة خبراء مستقلين يعملون على رصد مدى الامتثال للاتفاقية. ويتلقى هؤلاء الخبراء تقارير من الدول بشأن رصد الامتثال لها كما يمكن لهم تسلُّم شكاوى فردية. وفضلا عن ذلك تأخذ الاتفاقية في الحسبان حق الأقرباء وذوي الشأن الذين يعتقدون أن شخصا ما قد اختفى قسراً في الرجوع إلى اللجنة الدولية مباشرة. وإذا كانت الشكوى موثقة تطلب اللجنة من الدولة البحث عن الشخص المختفي وتحديد مكانه.
    وتتشكل اللجنة من عشرة خبراء مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة على أن يكونوا مستقلين يعملون بصفتهم الشخصية وتنتخبهم الدول الأطراف وفقا للتوزيع الجغرافي العادل بين الدول. ويتم انتخابهم بالاقتراع السري على قائمة أشخاص ترشحهم الدول الأطراف من بين مواطنيها أثناء اجتماعات سنوية للدول الأطراف بدعوةٍ من الأمين العام للأمم المتحدة لهذا الغرض وتكون مدة العضوية أربع سنوات، ويمكن إعادة انتخابهم مرة واحدة.
    وتختص اللجنة برصد تنفيذ الاتفاقية، وتتلقي تقارير الدول الأطراف بصورة سنوية، وكذلك بلاغات وشكاوى الضحايا وذويهم، كما لديها الحق في طلب تسجيل زيارة ميدانية للدول الأطراف، وتقديم ما تراه مناسبا من تعليقات، وملاحظات وتوصيات لأجل حماية الأشخاص من الاختفاء القسري.
    وفي إطار الاختصاصات التي تمنحها هذه الاتفاقية للجنة، تتعاون اللجنة مع جميع الأجهزة، والمكاتب، والوكالات المتخصصة، والصناديق المناسبة التابعة للأمم المتحدة، واللجان المنشأة بموجب صكوك دولية، والإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، والمنظمات أو المؤسسات الإقليمية الحكومية الدولية المعنية، ومع جميع المؤسسات والوكالات والمكاتب الوطنية ذات الصلة التي تعمل على حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
    وتقوم اللجنة ـــ في إطار مهامها ـــ بالتشاور مع غيرها من اللجان المنشأة بموجب صكوك حقوق الإنسان ذات الصلة، وخاصة اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المنشأة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بغية ضمان اتساق ملاحظات كل منها وتوصياتها.
    ت‌- الجزء الثالث
    ويشمل الجزء الثالث المواد من 34 حتى 45، وتتعلق بإجازة الاتفاقية لاستمرار تطبيق تشريعات أي دولة طرف توفر حماية أفضل لضحايا الاختفاء القسري، إضافة إلى شرط نفاذ الاتفاقية الذي حُدِّدَ بمرور شهر على مصادقة الدولة الطرف رقم 20.
    وكذلك العمل على فض أي نزاع يقع حول تفسير الاتفاقية أو تطبيقها بإحالته إلى التحكيم الدولي إذا لم تتم تسويته عبر التفاوض أو الإجراءات.
    كما تعترف الدول بالأحكام التي نصت عليها اتفاقيات جنيف الأربع، والتي بموجبها أذنت الدول للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة مراكز الاحتجاز. وللدول الأطراف أيضا الحق في اقتراح تعديل الاتفاقية.
    ومما لا شك فيه أن آلية إنفاذ دولية مثل اللجنة المعنية بالاختفاء القسري المقررة بموجب الاتفاقية، والتي من خلالها يستطيع أي شخص أن يرفع شكوى إلى جهاز دولي غير أجهزة الدولة التي تعتبر مرحلة متقدمة من مراحل الحماية التي أقرتها الدول في هذه الاتفاقية. وفي تطور مُهم بشأن طبيعة التجريم فيما يتعلق بالاختفاء القسري فقد أكدت الاتفاقية على نقاط سبق وجاءت في ميثاق روما لسنة 1988 المُنشئ للمحكمة الجنائية الدولية مثل: تصنيف الممارسة المنهجية للاختفاء القسري على أنها جريمة ضد الإنسانية.
    خامساً: الاتفاقية تطوراً مهماً في مجال الحماية
    تعتبر الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري الاتفاقية الأولى التي تحظر الاختفاء القسري صراحة، ويُعد ذلك تطوراً مهماً في مجال الحماية القانونية لصالح الأفراد والجماعات التي تتعرض لحالات الاختفاء القسري، فقد كان يُنظر إلى الاختفاء القسري إلى لحظة إقرار الاتفاقية على أنه انتهاك لبعض الحقوق المنصوص عليها في مختلف المعاهدات، مثل منع التعذيب، أو الحق في الحرية، أو الحق في الحياة. لكن الاختفاء القسري يفوق كل هذه الجوانب المختلفة. إذ إنه يتميّز بجانب محدد ألا وهو الحرمان؛ أي حرمان الشخص من حريته من جهة، وحرمان العائلات من الحصول على معلومات عن ذويها.
    وبذلك تكون الاتفاقية قد ملأت فراغاً قانونياً بشأن عدم تعرض الشخص للاختفاء القسري، بالإضافة إلى حق أقارب الشخص الذي تعرض للاختفاء القسري في الحصول على المعلومات اللازمة ومعرفة الحقيقة. والحكمة من وراء ذلك أن الإخفاء القسري يعتبر انتهاكاً مزدوجاً لحقوق الإنسان، إذ إن أثره لا يقتصر على الشخص المختفي بل يمتد ليطال أفراد عائلته، وكثيراً ما تتفاقم معاناتهم من جراء الحرمان المادي والحرمان من الرعاية؛ وبذلك تكون الاتفاقية قد خرجت عن نطاق المفهوم التقليدي لمعنى كلمة الضحايا، فقد نصت المادة (24) من الاتفاقية بأنه: "يقصد بالضحية الشخص المختفي وكل شخص طبيعي لحق به ضرر مباشر من جراء هذا الاختفاء القسري". وبذلك أقرت الاتفاقية بحق العائلات في معرفة مصير أقربائها وحق ضحايا الاختفاء القسري في التعويض عن الضرر الذي ألمَّ بهم، وقد أحسنت الاتفاقية بذلك صنعاً، خاصة إذا ما تصورنا أن الشخص المفقود هو العائل الوحيد أو الأساسي للأسرة، وفي بعض الأحيان لا تستطيع الأسرة أن تحصل على المعاش أو فوائد ما بعد الخدمة للشخص المختفي، أو الحصول على أي شكل آخر من أشكال الدعم نظراً لعدم وجود شهادة وفاة للشخص المختفي.
    سادساً: إجراءات وقائية
    تنص الاتفاقية على عدد من الضمانات الإجرائية للحيلولة دون اختفاء الأشخاص، من بينها ضرورة الإبقاء على كل شخص محروم من حريته في مكان رسمي، وتقييده في سجل، وتسجيل كل تنقلاته. والأهم من ذلك أنها تنص على لزوم السماح لكل محروم من حريته بأن يكون على صلة بالعالم الخارجي، وأن يكون على اتصال بعائلته ـــ خاصة ـــ ومستشاره القانوني، كما يكون للعائلة والمستشار القانوني حق الحصول على معلومات عن الاحتجاز ومكان وجود الشخص. ونظرا إلى خبرة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الطويلة في مجال الوقاية، فقد شاركت اللجنة عن كثب في صياغة هذه الضمانات. وعند صياغة الاتفاقية أُعطيت اللجنة الدولية للصليب الأحمر حق زيارة المحتجزين بعد الحصول على الإذن اللازم من الدول المعنية، فوفقاً للمادة 43 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، مع عدم الإخلال بأحكام القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك التزامات الدول الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقيات جنيف الأربع المؤرخة 12 أغسطس 1949 والبروتوكولين الإضافيين الملحقين بها المؤرخين 8 يونيه 1977، ولا بالإمكانية المتاحة لكل دولة بأن تأذن للجنة الصليب الأحمر الدولية بزيارة أماكن الاحتجاز في الحالات التي لا ينص عليها القانون الإنساني الدولي.
    ومن المسائل الجديرة بالاهتمام احتواء الاتفاقية على عِدَّة بنود فيما يتعلق بالوقاية والتحقيق وفرض العقوبة؛ بالإضافة إلى حقوق الضحايا وأقاربهم من الإخفاء الظالم للأطفال المولودين أثناء أسر الأمهات. والالتزام بالتعاون الدولي من أجل إيقاف الممارسة والتعامل مع الجوانب الإنسانية المتعلقة بهذه الجريمة. وكما أشرنا إلى ذلك من قبل تنص الاتفاقية على تأسيس لجنة حول حالات الاختفاء القسري وهذه اللجنة مسؤولة عن الوظائف المهمة للمراقبة والحماية على المستوى الدولي.
    سابعاً: الاختفاء القسري يمثل انتهاكاً لعدد من حقوق الإنسان
    الاختفاء القسري هو نوع من أنواع الاحتجاز غير المشروع وتقييد للحرية دون مسوّغ قانوني، والاختفاء القسري يقوِّض أعمق القيم رسوخا في أي مجتمع ملتزم باحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وهي تشكل انتهاكاً لعدد من حقوق الإنسان الأساسية التي يصعب حصرها، بما في ذلك:
    1. الحق في أمن الشخص وكرامته.
    2. الحق في عدم التعرض للتعذيب أو غيره من صنوف المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
    3. الحق في الاحتجاز في ظروف إنسانية.
    4. الحق في الشخصية القانونية.
    5. الحق في محاكمة عادلة.
    6. الحق في حياة عائلية.
    7. الحق في الحياة، إذا ما تعرض الشخص المختفي للقتل.
    وفي الختام نتقدم بمجمل توصيات من واقع ما احتوته الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، ومن المعايير المتفق عليها دولياً بشأن إنفاذ أية معاهدة دولية على أرض الواقع:
    1. على الدول أن تسن نصوصا تشريعية وطنية؛ حتى تكون لديها الأدوات القانونية اللازمة لتطبيق الاتفاقية. وأن تدرج الاختفاء القسري كجريمة في قانونها الوطني وإلا لن تستطيع محاكمة مرتكبي الجريمة.
    2. يجب على جميع دول العالم تحمل مسؤوليتها واعتبار الدخول الفوري لهذه الاتفاقية حيز التنفيذ وتطبيقها بفعالية أولوية قصوى لهذه الدول. وعلى الدول التي لم تصادق أو تنضم أن تعمل على التصديق أو الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري دون أي تأخير واعتبارها من أولوياتها.
    3. الامتناع عن إبداء التحفظات التي قد تؤدي إلى عدم التوافق مع دوافع وأغراض الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
    4. على الدول اتخاذ تدابير عملية مثل توفير التدريب اللازم للموظفين لديها والأهم من ذلك، إحالة مرتكبي الجريمة إلى العدالة بصورة منتظمة. ويتطلب هذا الأمر إرادة سياسية. فالاتفاقية هي مقياس قانوني دولي موضوعي؛ الهدف منه المساعدة على إرساء قاعدة لمكافحة الاختفاء القسري عند وجود الإرادة السياسية.
    5. منح السلطة إلى اللجنة الجديدة حول حالات الاختفاء القسري لتلقي شكاوى الأشخاص ودراستها.
    6. مواصلة البحث بشأن حالات الاختفاء القسري التي لم يعرف مصيرها بعد، وبذل كل الجهود للتحري بشأن الوقائع التي لم يتم استجلاؤها؛ والكشف عن مصير المختفين، مع إيجاد الحلول الملائمة بالنسبة لمن ثبت وفاتهم.
    7. سن التشريع المحلي دون أي تأخير وهو ضروري من أجل التنفيذ الكامل للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
    8. ثبات مدى جسامة تلك الانتهاكات ونوعيتها؛ وذلك من خلال تحليلها في إطار السياقات التي ارتكبت فيها وفي ضوء معايير حقوق الإنسان وقيمها ومبادئ الديمقراطية ودولة الحق والقانون؛ وذلك بإجراء التحريات اللازمة وتلقي الإفادات وتقصي الحقائق وجمع المعلومات والمعطيات الكشف عن حقيقة حالات الاختفاء القسري.
    9. مواصلة البحث بشأن حالات الاختفاء القسري التي لم يعرف مصيرها بعد، وبذل كل الجهود للتحري بشأن الوقائع التي لم يتم استجلاؤها؛ والكشف عن مصير المختفين، مع إيجاد الحلول الملائمة بالنسبة لمن ثبت وفاتهم.
    10. تعزيز مسؤوليات أجهزة الدولة وغيرها في مجال التحريات والبحث الجنائي والتحقيق بشأن مزاعم الاختفاء القسري والجرائم المرتبطة بها.
    ونظراً لما سبق ذكره يعتبر بعض المشتغلين في مجال حقوق الانسان، أن هذه الاتفاقية تعتبر واحدة من أقوى معاهدات حقوق الإنسان التي تبنتها الأمم المتحدة على الاطلاق، وعلى الدول الاطراف العمل نحو الانفاذ الكامل للاتفاقية والاعتراف بأن الاختفاء القسري لازال يمارس في العديد من الدول. وفي هذا المقام نجد أنه من المناسب أن نؤكد على التوصيات التي انتهت اليها منظمة العفو الدولية من توصيات في هذا الشأن وهو "أن ويتعين على الحكومات القيام بما يلي:
    1. ملاحقة المسؤولين عن الاختفاء القسري
    2. إعادة صياغة القوانين بحيث تعكس الأحكام الواردة في القانون الدولي
    3. الوفاء بواجباتها وتعهداتها
    4. العناية بالأشخاص الذين فقدوا ذويهم ومصادر دخلهم"



    أحدث المقالات

  • من صنع قوى المستقبل ولماذا؟! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • طائر النورس (2) بقلم الطاهر ساتي
  • شاهد عيان على ندوة نيويورك..!! بقلم عبد الباقى الظافر
  • والقاموس «2» بقلم أسحاق احمد فضل الله
  • علاء الديب .. شجن الوحدة والاغتراب بقلم د. أحمد الخميسي. كاتب مصري























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de