إعداد: عبد العزيز التوم ابراهيم مقدمة لابد منها :- تتناول هذا التقرير واحدة من الموضوعات الأكثر إثارة للرأي العام لفرط حيويتها وقوتها ولأرتباطها بشريحة تتسم بلأندفاعية والثورية كما فيها من روح وميول شبابية حيث اظهار القوة والفتوة فيما يمكن التعاطي معها بأهون وأيسر الأساليب ، وقد ذهبت كثير من التحليلات حيال العنف الموجه لطلاب دارفور في الجامعات السودانية وقد يُفسر تارة كونه نتاج للعسف الذي يمارسه أجهزة الدولة في مواجهة المطالب والحقوق المتعلقة بطلاب دافور وطُوراً اُخري يري البعض ان طلاب دارفور يتسمون بالعنف ليس بطبيعتهم الغرائزية بل تأثرهم معنويا ونفسيا بالحروبات التي قضت علي اليابس واللين ودمرت البنية الاجتماعية والاقتصادية لانسان دارفور وزجتهم في أٌتون معسكرات النزوح واللجوء مما أثر في تكوينهم السلوكي والعلائقي ، وبين هذا وذاك تظل قضية الحقوق المتعلقة والمرتبطة عدما ووجودا مع وقائع الاضطرابات والعنف وعدم الاستقرار داخل الجامعات هي السمة البارزة ، ومن هنا تأتي ضرورة هذا التقرير لسبر أغوار جذور احتجاجات طلاب دارفور بمقابل عنف مُؤسس من أجهزة الدولة والتي تولدت وتكاثرت عنه المزيد من الانتهاكات وفي مقدمتها التصفيات الجسدية الخارجة من الإطار القضائي والتعذيب والتنكيل وكل صنوف والمعاملات القاسية والمهينة للكرامة الانسانية ، وتقتصر هذا التقرير علي حالة جامعة القران الكريم وخاصة الاحداث الاخيرة منها.
* لا تختلف الكيفية التي تنتج عنها أحداث العنف داخل جامعة القران الكريم عن غيرها من الجامعات السودانية ويمكن التقرير بالكاد انها ذات السيناريو يعيد أنتاج نفسه كل مرة حيث مشكلة الرسوم الدراسية والبيئة الجامعية وفي أحايين اخري القضايا المتعلقة بأقليم دارفور . في الوقائع :- كما هو معتاد لدي جميع المراقبين والمتابعين لما يدور في فضاءات الحركة الطلابية وآليات إشتغال الأحتجاجات والعنف المتولد عنها كانت وما زالت بسبب الرسوم وخاصة في أوساط طلاب دارفور في كل الجامعات السودانية بما فيها جامعة القران الكريم ، وفي الاسبوع الاخير من شهر اكتوبر 2015 إندلعت بعض الإحتجاجات بسبب مطالبة طلاب دارفور بالإعفاء من الرسوم الدراسية ولم تستجب ادارة الجامعة بمطالبهم ،وبعض إنقضاء أيام قلائل من تلك الأحداث شن جهاز الأمن الطلابي إستهدافا ممنهجا ضد طلاب دارفور دون غيرهم من الطلاب بشكل يَنُم عن العنصرية البائنة ! وإعتقلت العشرات منهم من دُورهم الخاصة ومساكنهم والمطاردات والملاحقات في الطرقات العامة ! وقد لقي الطلاب الواردة أسمائهم وهم : نصرالدين مختار ، عبد الحليم عبد الله ،مصعب عثمان ، احمد عبداللطيف ،الزبير حسين وحافظ عبد الرحمن وآخرون صنوفا من التعذيب المادي والمعنوي داخل معتقلات جهاز الأمن وقضوا فيها فترات متطاولة ومن ثم احيلوا للنيابة بموجب بلاغ بالنمرة 2337/2015 تحت المادة 182 (الاتلاف الجنائي) من القانون الجنائي ، وهنا ايضا قضوا رهن الحبس فترة ومن ثم تأكدت للنيابة ان ليس هنالك سببا كافيا للسير في الدعوي مما قامت النيابة بشطب الاتهام في مواجهة المتهمين ما عدا متهمان منهم وهذه الحالة ليست علي سبيل الحصر بل هناك العشرات من مثل هذه البلاغات ! ولم تتوقف الأمر علي الدعاوي الجنائية بل طالتهم عقوبات إدرية حيث قامت إدارة الجامعة بإصدار عقوبة فصل نهائي في مواجهة طالبين وهما نوفل محمد وحسن ادم وفصل لمدة عامين في مواجهة الطالبين وهما بريمة محمد ومعاوية ادم. في الإتفاقيات :- تم التنصيص علي حق اعفاء طلاب دافور من الرسوم الدراسية الجامعية في الإتفاقيات التي الاُبرمت بين حكومة السودان وبعض حركات دارفور كإستحقاق قائم علي اساس معقول ليس فعلا تمييزا من بقية طلاب السودان بل محاولة لإعادة التوازن للإختلال الذي سببته ماكينة الحرب من آثار نفسية وإقتصادية ، وقد تم الإشارة اليها في اتفاقية ابوجا الموقعة بين الحكومة وحركة تحرير السودان (جناح مناوي) 2006 إستنادا الي مبدا التمييز الإيجابي حيث نصت المادة 82 كالاتي " أ/ مراعاة المرونة في تطبيق معيار الأهلية في القبول للجامعات ومؤسسات تعليم العالي الاخري في السودان ب/ إلغاء الرسوم الدراسية لطلاب دافور علي جميع المستويات لفترة خمسة سنوات . وقد قضت أيضا إتفاقية الدوحة المبرمة بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة في يوليو 2011 علي ذات الإستحقاق حيث نصت في المادة 14 منها علي النحو التالي: ( تخصيص 15% من من مقاعد القبول للجامعات القومية لابناء دارفور ، تخصيص 50% من الجامعات القومية بدارفور لأبناء دارفور، وإعفاء أبناء النازحين واللاجئين من الرسوم الدراسية الجامعية ). * غياب آلية تنسيقية بين الأجهزة المعنية :- وقد لعبت الجهات الرسمية المعنية بإنفاذ الإتفاقيات التي تقضي علي استحقاقات طلاب دافور دورا محوريا في تأزيم وتعقيد المشكلة ، حيث ان وزارة المالية الإتحادية لم تفي بألتزاماتها تجاه السلطة الانتقالية وتبعا لذلك التعليم العالي و ادارة الجامعات مما يجعل ان يكون الجامعات في وضع مُحرج مع الطلاب ! وأيضا تتعمد هذه الجهات في إستبعاد جزء من طلاب تارة تحت دعاوي ومبررات ان الاعفاء يشمل شريحة الطلاب النظامين فقط وتارة اخري ان الاعفاء يشمل أبناء النازحين واللاجئين فقط ، ولكن السؤال المهم بهذا الصدد مَن مِن أبناء دارفور لم يتاثر بالحرب؟ ! ومثل هذا التفسير قد يخلق وضعا غير مقبول لطلاب دارفور الذين يرون انفسهم خارج إستحقاق هذا الحق ! كما ان غياب وجود آليات للتنفيذ والمتابعة بين وزارة المالية وإدارات الجامعات والسلطة الانتفالية كان سببا آخر لغياب رؤية واضحة وآلية مضبوطة لتنفيذ هذه الاتفاقيات !. تدخل الأجهزة الأمنية ومليشيات المؤتمر الوطني :- ان تجليات غياب دولة حكم القانون قد غطت كل مناحي وضروب الحياتية في السودان سياسيةً واجتماعاً وثقافة ً حيث لا سلطان ولا قوة الا لجهاز الأمن ومليشياته !! حيث العبث بأرواح الناس وإنتهاك الحرمات كل ذلك إشباعاً للشهوة السلطوية ! وفي قضية طلاب دارفور ان جُل الإنتهاكات ضدهم يتم بواسطة جهاز الامن الطلابي الذي اُنشأ خصيصا لرصد حركات وسكنات الطلاب وخاصة طلاب درافور ، تتدخل الامن الطلابي لأتفه الأسباب وتستخدم قوة مفرطة وعنف غير مبرر ضد الطلاب مما يؤدي الي المزيد من الانتهاكات ! وان أخطر مهدد لارواح وأمن الطلاب هو وجود ما يسمي بالوحدات الجهادية داخل الجامعات وهي خلايا إرهابية منظمة تملك كل ادوات العنف بما فيها الأسلحة النارية ، ومعظم الجرائم والفظاعات التي اُرتكبت بحق طلاب دارفور كانت وما زالت تُرتكب بواسطة هذه الميليشيات وما حادثة تصفية 4 من طلاب دافور بجامعة الجزيرة في العام 2012 ، وآخر تصفية جسدية تم قبل أيام قلائل منصرمة للطالب صلاح قمر بجامعة الجنينة يكشف مدي وحشية الأمن الطلابي ومليشيات المؤتمر الوطني ضد طلاب دافور.
تقييم وإستنتاجات:- * فشل الدولة في الإلتزام بتعهداتها في الإتفاقيات الموقعة بينها وبين بعض الحركات المسلحة الدرافورية ، ومواجهة هذا المطالب بأشرس أدوات العنف هي من أبرز أسباب الإنتهاكات ضد طلاب دافور . * إنشاء مؤسسات ومليسيات متخصصة لمطاردة وملاحقة طلاب دارفور مثل الوحدات الجهادية والامن الطلابي زادات من حدة الإستهداف العنصري ضد طلاب دارفور . * كبت كل المطالب المشروعة والمستحقة لطلاب دافور من الرسوم الدراسية وغيرها تحت دعاوي وشرعنة انهم ينتمون للحركات المتمردة ويقومون بأعمال تخريبية أيضا ضاعفت حدة الانتهاكات . * غياب دور المؤسسات التنفيذية والعدلية حيال الجرائم التي تُرتكب في حق طلاب دافور بل يتم إستغلال هذه الاجهزة في ممارسة المزيد من الإنتهاكات . * ان قضية طلاب السودان بدافور هي قضية وطنية خالصة ويجب تعاطيها علي هذا الاساس بعيدا عن حالة التمييز العنصري الذي يمارسه الصحف وجميع وسائل الاعلامية التابعة للنظام.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة