اوباما في خطابه للمسلمين الأميريكيين: نحن أمة واحدة ننهض معا او نسقط معا، والإسلام ظل دائماً جزءا من تكوين اميركا والهجوم علي المسلمين يناقض المبادئ الأميركية.
مع اشتداد حمي السباق الي البيت الأبيض، وتزايد الانتقادات الموجهة الي المسلمين في الولايات المتحدة الأميريكية خاصة من بعض المرشحين الطامحين الي اعتلاء عرش المكتب البيضاوي وعلي رأسهم المرشحان عن الحزب الجمهوري الملياردير دونالد ترمب والجراح المتقاعد بن كارسون، زار الرئيس الأميركي باراك اوباما مسجدا للجالية المسلمة في مدينة بالتيمور التابعة لولاية ميريلاند القريبة من العاصمة واشنطن، كاول زيارة له الي مسجد منذ توليه سدة الرياسة في العام 2008.
اوباما وعلي مدار أربعين دقيقة فقط قدم خطابا بل محاضرة عن الاسلام وسماحة الاسلام. لقد كان خطابا مريحا هادئا ادخل من خلاله الطمأنينة في قلوب آلاف المسلمين الأميريكيين بعد اشتداد الحملات المناهضة لهم وارتفاع الأصوات المنادية بحظر دخول المسلمين الي الولايات المتحدة الأميريكية. خطاب الرئيس اوباما الذي تنوع ما بين الاستشهاد بالآيات القرانية الكريمة والاحاديث النبوية الشريفة والقصص التي تروي بطولات المسلمين، أكد مدي اتساع وخصوبة أفق الرجل الخمسيني تماما كاتساع وخصوبة الولايات الأميريكية الخمسين.
بدا اوباما خطابه بإلقاء تحية السلام للحضور ثم تحدث حديث العارفين عن وجود الاسلام في الولايات المتحدة الأميريكية وكيف ان الآباء المؤسسين للولايات المتحدة من لدن توماس جيفرسون وجون آدامز وبنجامين فرانكلين، قد حرصوا علي تضمين مسالة الحريات الدينية كأصل في الدستور الأميركي، وان اليهود والمسيحيين والمحمديين(في إشارة الي المسلمين) لهم كامل الحرية في الاعتقاد. تطرق اوباما في خطابه الي الوجود الاسلامي الاول والذي بدا مع استجلاب الرقيق، حيث أسس بعض أولئك العبيد مسجدا لهم في ولاية نورث كارولاينا او كارولاينا الشمالية كاول مسجد علي الارض الأميريكية، ثم تلا ذلك تأسيس اقدم مسجد موجود الي الان في مدينة ايوا في 1890s, ثم تأسيس المركز الاسلامي في مدينة نيويورك، ثم المركز الاسلامي في العاصمة واشنطن في عهد الرئيس أيزنهاور في العام 1957 وحينها قال أيزنهاور ان حرية الاعتقاد ستظل ركنا أصيلا من أركان الديمقراطية الأميريكية. جاء خطاب اوباما ليؤكد انه رييس لكل الأميريكيين علي اختلاف أديانهم وألوانهم وانتمائاتهم. انه بكل تاكيد خطاب لتطييب خواطر المسلمين الأميريكيين حيث قال" مثلكم مثل كل الأميريكيين تعيشون اياما عصيبة بسبب الهجمات الإرهابية التي تستهدفنا كأميركيين، ولكنكم كمسلمين اميركيين تواجهون ظرفا خاصا بسبب تحميلكم المسؤولية عن افعال يرتكبها قلة قليلة منكم" ثم أضاف اوباما " لقد سمعنا مؤخراً أحاديثا سياسية غير مبررة تقول بانه لا مكان لكم بيننا" ثم استنكر ذلك بشدة حتي تغيرت نبرة صوته " نحن لسنا كذلك. نحن أسرة اميريكية واحدة وعندما يشعر اي جزء منا بالانفصال او انه درجة ثانية او انه مستهدف فان ذلك بطبيعة الحال يؤثر بصورة مباشرة علي النسيج الاجتماعي لامتنا" ثم استطرد اوباما قائلا " انه تحد حقيقي لقيمنا وعلينا فعل الكثير لمعالجة ذلك. انها اللحظة المهمة والمناسبة لنا كأميركيين ان نكون صريحين مع بَعضنا البعض ونتحدث ونستمع الي بَعضنا البعض." ثم استشهد اوباما بالقران الكريم وقال انه يعلمنا معني التعايش ثم تلا الآية "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" ثم أردف اوباما حديثه بالتشديد علي حب الخير للآخرين واستشهد بالحديث النبوي الشريف" لايؤمن احدكم حتي يحب لاخيه ما يحبه لنفسه" ثم باية كريمة اخري " من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا"
ثم اثني اوباما علي الاسلام باعتبارها رسالة سامية وعنوانا للسماحة وقال ان " الغالبية العظمي من المسلمين يعتنقون الاسلام كدين للسلام والقلة القليلة منهم(في إشارة الي داعش) فهموا الاسلام بطريقة خاطئة"
ثم توجه الرئيس بخطاب خاص وقال" لو اننا جادون في مسالة حرية الأديان، والحديث اوجهه لاقراني المواطنين المسيحيين الذين يمثلون الغالبية العظمي في بلدنا، هو ان علينا ان نفهم ان الهجوم علي ديانة واحدة هو هجوم علي كل الديانات، وعندما تستهدف مجموعة من ديانة محددة علينا كلنا كأميركيين الوقوف معا والتحدث بشأن ذلك" . ثم عاد مجددا وقال" علينا رفض كل السياسات التي تعزز التفرقة وتهاجم الناس علي أساس أديانهم" ثم أشار اوباما الي ان القول بان الاسلام هو أساس المشكلة، يناهض القيم الأميريكية.
اوباما في خطابه التاريخي لم يغفل عن تذكير المسلمين الأميريكيين بدورهم ايضا فقال"المسلمون عليهم التحدث بشأن الانتهاكات التي يتعرض لها المسيحيون في أنحاء العالم، عليهم الوقوف في حال ارتفاع الأصوات المعادية للسامية، هناك الكثيرون من المسيحيين الذين يستهدفون في الشرق الأوسط دون مراعاة لحقيقة وجودهم الذي يمتد لقرون في تلك المناطق" اوباما في ختام حديثه نفي ان يكون الغرب في صراع مع الاسلام وقال" انه ليس صراع الحضارات بين الغرب والإسلام، انه صراع بين الأغلبية العظمي المحبة السلام من المسلمين في العالم والبالغ عددهم مليار فاصل ستة وأقلية رجعية متشددة. ثم ختم حديثه وقال" انني مطمئن من ان الغالبية العظمي ستكسب الرهان"
لم ينس اوباما في خطابه ان يشير الي الدور الكبير الذي يلعبه المسلمون الأميريكيون في المجتمع الأميركي، فهناك الأطباء والمهندسون والرياضيون والعلماء في مختلف المجالات وهناك العسكريون الذين يتقدمون الصفوف الأمامية دفاعا عن العلم ذي النجوم المتلألئة.
باراك اوباما الذي يلملم حقائبه لمغادرة البيت الأبيض بعد فترتين رئاسيتين قضاهما كاول رييس ملون للولايات المتحدة الأميريكية. يعد، بلا شك، احد انجح الروساء الأميريكيين علي الإطلاق. فسجله برغم الانتقادات اللاذعة التي يوجهها له خصومه السياسيون من الحزب الجمهوري، مليئ بالانجازات التي ستدون في سفر الإنجازات العظيمة للشعب الاميريكي حيث ان إنجازات كعودة العلاقات مع الخصم اللدود كوبا والاتفاق النووي الإيراني ونجاحه في طي عدد من الملفات السياسية والاقتصادية تمثل كلها شاهدا علي أزهر ثمان سنوات من عمر المكتب البيضاوي، وإنني فخور ان أكون شاهدا علي هذه المرحلة المهمة من تاريخ اميركا. مع تحياتي: عبدالمنعم مكي. واشنطن
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة