طالعتنا صحف الأحد 22 نوفمبر الحالي بنبأ وفاة أربع نساء حوامل في مستشفى نيالا بسبب نزفهن حتى الموت لأن المتبرعين بالدم أتوا لإكمال عملية التبرع للنساء الحوامل ولكن العاملين في معمل بنك الدم غلقوا المكان بعد انتهاء الدوام الصباحي وذهبوا لمنازلهم..حدث هذا في عنبر الولادة بنيالا ! والسبب هو أنهم محتجون على تجاهل إدارة المستشفى دفع استحقاقات مالية! والمثير أيضا أن الأطباء بالمستشفى أعلنوا التوقف عن العمل منذ أيام في الدوام المسائي.. ويأتي تصريح المدير الطبي لمستشفى نيالا الصاعق: (لا أستطيع إرغام زملائي الأطباء على العمل في ظل رفض وزارة الصحة الإيفاء باستحقاقاتهم ،على الرغم من النتائج الكارثية لتوقفهم)!! يا لله!! ليتك سكتّ وليت فاك كفّ عن الكلام المباح كشهرزاد ، ولكن !تذكرت أياما سلفت لا أعادها الله ، من مارس 1989 ، وإضرابا للأطباء في عهد وزير الصحة الأسبق عبد الرحمن أبو الكل، وما حدث فيه من وفاة أخي الأكبر ، كبير فنيي الأشعة بمستشفى الخرطوم آنذاك ، نتيجة حادث حركة ، وما فارق الحياة ساعتها ، لأن الحادث كان قرب مستشفى أمدرمان التعليمي ، وأدخل المستشفى على عجل ، لنتفاجأ بالعملية السريعة تجرى على أيدي متطوعين من الهلال الأحمر !! والأطباء لا يدخلون في هذه العملية (لأنهم في حالة إضراب!) ، وعندما تمت إرادة الله ، جاء الدور الأسخف من جانب أطباء المستشفى ..نحن في حالة إضراب ولن نستخرج شهادة الوفاة لفقيدكم!! أكان انتقاما من المريض أم من الوزارة أم من عدم توقعهم لعقاب من حكومة الأحزاب المتهالكة ؟ تخيلوا مدى تأثير هذا الحادث فيّ ..بعد أكثر من ست وعشرين سنة ونصف السنة أتذكر ذلك الحادث كأنه حدث البارحة ..تزامن وقتها حضور طبيب جزائري مع مريض سوداني من الجزائر لإكمال ما تبقى من فحوص بسيطة في السودان .. كان يظنها بسيطة!! ولكن (كان الأطباء في إضراب ).. فتدهورت حالة المريض وانتهى الأمر بذهاب المريض للقاء ربه يشكو لمولاه تقاعس الأطباء عن أداء واجبهم الإنساني ، ويا لهول ما كان من أمر الطبيب الجزائري نتيجة هذا الفعل ..لقد انهار باكيا بحرقة وهو يقول : لو حدث مثل هذا في الجزائر لصفّت الأطباء على الحائط وانهمر عليهم الرصاص انهمارا نتيجة التوقع القريب بوفاة كمٍّ من المرضى بسبب هذا الإضراب.. لقد صدمت لتصريح المدير الطبي ( إرغام زملائي الأطباء!) كأنه يقول إنه لو كان معهم لفعل فعلهم تماما..وقول آخر أشد وقاحة ( على الرغم من النتائج الكارثية لتوقفهم !!) أي إنه يعلنها صراحة ..فليمت من يموت وليتدهور حال من يتدهور ..ولا يعنينا وفاة أربع نساء حوامل أو أربعين!! فاستحقاقات الأطباء والفنيين المالية أهم من حيوات المرضى مهما يكن عددهم وأهميتهم ..لكم صدمت لهوان إنسان السودان على حكومته لهذه الدرجة القبيحة المزرية .. لو كان هذا الحادث في بلاد تحترم حكومتها إنسانها لتقدمت الوزارة كلها بالاستقالة .. بدءا من خفيرها إلى وزيرها ، ولكن !! لا ألقي اللوم كله على الأطباء والفنيين ولكن اللوم أيضا على الحكومة التي انصرفت عن قضايا الوطن إلى الهوامش والانصرافيات مثل توقف البلاد كلها بسبب أزمة الدوري الممتاز ونثريات المشاركين في الحوار الوطني من أحزاب فاقت المائة حزبا وأما الحركات فاحسب ولا تتوقف ..أما أن يكون الثمن هو نساء حوامل ،برغم كونهن غدون شهيدات ، فهذا لا يغير من الأمر شيئا..هوان الإنسان السوداني عند الأطباء وكأنهم لم يؤدوا قسمأبقراط ولا قسم وزارة الصحة عند دخولهم سلك الأطباء..عبد السلام كامل عبد السلام يوسف[email protected]أحدث المقالاتروابط لمواضيع من سودانيزاونلاين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة