أزمة الهوية واقع أم خيال

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 09:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-04-2004, 05:07 AM

بدر الدين أبو القاسم محمد


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أزمة الهوية واقع أم خيال

    دار جدل كبير حول أزمة الهوية السودانية منذ ظهور الدولة الوطنية الحديثة في السودان ولا يزال حتى هذه اللحظة. إن محاولة تسفيه هذه المناظرات و التقليل من شأنها أمر في رأي لا يسنده منطق. ولكن قبل كل شيء دعونا نحدد الهوية التي نريد مناقشتها أهي تتعلق بالنوع الإنساني إي الصفات الأساسية التي تجعله إنسانا أم هوية فردية ، هوية اجتماعية ، هوية سياسية. ففي الدولة الوطنية الهوية الاجتماعية ليست مأخوذة بعين الاعتبار ويتم التركيز فقط علي الهوية السياسية وهذا أريد مناقشته ، تلك التي تقوم فقط علي المواطنة أو التبعية لدولة شروطها الأرض ، السكان ، النظام ، فالدولة هذه يمكن أن تضم هويات اجتماعية مختلفة.
    لقد أوضح د.رجب أبو دبوس المفكر الليبي المعروف في كتابه القاموس السياسي ما يلي " ورغم ادعاء أن الدولة الوطنية تتجاوز الهويات الاجتماعية المتعددة المكونة لها ، إلا أنه في الغالب تسود الهوية الاجتماعية للمكون الأقوى أو الأكثر عدداً .. هذا يمكن أن يقود إلي ذوبان الهويات الأخرى في الهوية الكبرى أو علي الأقل هامشيتها وعدم تأثيرها بفضل قوة الدولة ، و تمكنها من عدم تحقيق دمج وطني للمكونات الاجتماعية المتعددة. و تقصر الدولة لأسباب مختلفة عن تحقيق هذا الدمج ، عندئذ تدخل الهوية السياسية في تناقض مع الهويات الاجتماعية ، ويزدوج الولاء ، فيسم الدولة الاضطراب وعدم الاستقرار." .(( و لعمري كأنه يتكلم عن حالة بعينها هي الحالة السودانية ، و لو أمكن أن نجد من بين مفكرينا من يتكلم بذلك الوضوح وتلك الصراحة لأمكن تجاوز الأزمة منذ عقود مضت ولكن هيهات هيهات)).
    سارعت تلك الدولة علي الفور استصدار بطاقة هوية خاصة بها تميزها عن غيرها من الدول التي تكونت حديثا فيما أطلق عليه فيما بعد العالم الثالث. ليس عيبا أن تحدد جماعة ما أو شعب هوية له ولكن المشكلة عندما تكون الهوية أزمة في حد ذاتها تضاف إلي أزمات أخرى تضرب بجذورها في العمق وهي تنخر جسد المجتمع برمته. سأحاول تثبيت شراعي في هذا البحر المضطرب الأمواج علّي أتمكن من إيجاد مخرج و الوصول بأمان إلي بر الأمان.
    كلنا يعرف بأن الذين اتخذوا ذلك القرار حول الهوية علي أنها عربية إسلامية في بلد تتعدد فيه الديانات والأعراق والثقافات خلقوا أزمة تضاف إلي أزمات السودان المختلفة. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة لماذا اتخذ أولئك الرواد هذا القرار الخطير ضد الواقع السوداني وهو ما أحاول إيجاد تفسير له في هذا المقال. هل تم ذلك عن جهل أم تجاهل ؟ عن قصد أم بدون قصد؟ هل لما تلقوه من تعليم وفق المناهج المصرية ذات البعد العربي والإسلامي سبب في ذلك؟ هل كان هناك أي تأثير ما لدولتي الحكم الثنائي؟ ما هي الجهة المستفيدة بصورة أكبر من غيرها من قرار كهذا أهي مصر أم بريطانيا؟ هل مصر عندما عينت وزير مختص بشئون السودان كانت تريد حكم السودان بطريقة غير مباشرة؟ هل لجولات الصاغ صلاح سالم في السودان وتدخله المباشر في شئونه السياسية ودعمه الفكري والمادي لجهة بعينها تلك التي آلت إليها الأمور فيما بعد والتي وضعت اللبنة الأولي و حجر الأساس للدولة الوطنية أثر في أن تسير الأمور وفق ما آلت أليه؟ ألا تعتبر السياسة الخارجية التي انتهجتها تلك الحكومة الأولي تصب في ذات الاتجاه دليل علي ذلك؟ هل نستطيع أن نقول بأن الحكومات التي تعاقبت قد وجدت الطريق معبداً أمامها وسارت عليه فقط ولا حرج عليها؟
    أعتقد بأن التأخر في حسم مسألة المواطنة و إرجاء ذلك إلي أسمرا المصيرية في 1995م أي بعد تسعة وثلاثون عاما من عمر السودان يعود إلي أزمة الهوية. كما ذكر د. برهان غليون في كتابه نقد السياسة الدولة والدين " من أن المواطنية أو فكرة المواطنية كتحالف وتضامن بين أناس أحرار ، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، أي بين أناس متساوين في القيمة والدور والمكانة، ومن رفض التمييز بينهم علي مستوى درجة مواطنيتهم وأهليتهم العميقة لممارسة حقوقهم، بصرف النظر عن درجة إيمانهم التي لا يمكن قياسها " و ذكر في ذات الصياغ " أن المواطن ليس مقولة مجسدة بالفطرة في الطبيعة وفي المجتمعات الطبيعية . ولكنها فكرة سياسية لابد لتجسيدها من تربية جماعية :هي السياسة نفسها بصفتها ممارسة للحرية ، ومن تربية فردية : هي التهذيب الأخلاقي بما يشمل من تكوين للقيم الأساسية و الضمير الفردي."
    لم تدرك هذه الدولة الناشئة أن شخصية متميزة هو شرط بقائها ، و مبرر وجودها الأخلاقي والعقائدي ككيان حقوقي سياسي مستقل. فكيف يغيب عن وعي الرعيل الأول واضعي حجر أساس الدولة السودانية الحديثة المتناقضات الحادة الكامنة في المجتمع السوداني وأن التعامل معها يحتاج إلي مهارة فائقة وعزيمة صادقة ونية مخلصة لأن أي ميلان في الزاوية التي يشيد عليها البناء تؤدي إلي هدمه برمته. أليست حقيقة أن هناك تباين تاريخي و آخر معاصر وأعنى به العرقي والديني والثقافي . فعلي أي أساس رجحوا كفة علي أخرى و لماذا أصلاً قرروا عملية الإحصاء والحصر السكاني؟ هل فقط كانوا يريدون من ذلك توزيع الدوائر الجغرافية بغرض إجراء انتخابات ألهذا الغرض فقط أهدرت الطاقات البشرية والمادية؟ أم أن العقل يذهب إلي ترجيح استنتاجات أخرى تفوق تلك العملية الإجرائية؟ صحيح أن عدد المسلمين بلغ 65% مقابل 35% بين مسيحيين وأصحاب كريم المعتقدات. ولكن في المقابل كان هناك 69% أفارقة مقابل 31% عرب. وهنا يظهر أكثر من احتمال في حالة الإصرار علي أن الهوية تكون حسب العرق والدين لا غير. فإما أن يكون السودان إسلامي عربي أو إفريقي مسيحي أو إفريقي إسلامي أو عربي مسيحي إي بتقاطع الإحداثيات فيما بينها. ولكن طرح المسألة وفق هذا المنطق و تلك الرؤية لا يخلو من نقاط ضعف وتشوبه أكثر من شائبة. فلو رجعنا إلي البدايات الأولي التي شكلت السودان المتعارف عليه اليوم والذي أعلن استقلاله في الأول من يناير 1956م،هل نستطيع أن نتكلم عن نقاء عرقي لأي من العرقيات التي يفوق تعدادها أكثر من 500 قبيلة. بل حتى أن الثقافة واصطفائها بات محل شك بعد المجهودات العظيمة التي بذلها البنيويون علي يد رائدهم الفذ كلود ليفي استراوس في شرح الأجناس البشرية وتعليل الأساطير عبر دراسته للثقافات الشفاهية. إذاً الحديث عن أجناس عربية صرفة أو إفريقية خالصة حتى أن وجد يعتبر أقلية لا يعتد بها في حسم قضية الهوية السودانية هذا من جهة ومن جهة أخرى مسألة الإسلام والمسيحية. عبر التاريخ لم نسمع بحرب دينية حدثت في السودان ولكن الذي حدث هو توظيف للدين لخدمة أهداف سياسية بلغ ذروته في عهد الإنقاذ. فكما هو معروف من أن الديانات الأرضية هي المتأصلة و المتجزرة في النفوس عندما كان الإنسان يبحث عن إشباع رغبته في التدين وفي إطار بحثه عن تفسير لماهية الوجود والكون. نستطيع أن نقول بأن كريم المعتقدات هي الأصل في المجتمع السوداني وأن المسيحية والإسلام كأديان سماوية وفدت إلي السودان في حقبة ما من التاريخ وتنافست فيما بينها ، وأدت إلي خلق واقع جديد. يلاحظ أن الترتيب لها من حيث الأسبقية الزمنية تأتي أولاً كريم المعتقدات ، المسيحية ثم الإسلام ، ولكن من حيث التبعية والغلبة في المجتمع يأتي الإسلام ، المسيحية ثم كريم المعتقدات. والسبب يعود في رأي إلي القدرة علي التكيف مع الواقع ومسايرته والتماهي معه وليس رفضه و التعامل معه كضد وفق لغة الكفر والإلحاد كما يحاول دعاة الأسلمة القسرية المحدثين ، كأنهم بذلك يطعنون في أجدادهم أصحاب الفضل فيما هم فيه اليوم. كذلك أدعو في المقابل دعاة الخطاب المعتدل الذين يتحدثون عن خصوصية للعروبة والإسلام في السودان الخروج من الصمت وكسر حاجز التردد و الخوف و الذهاب بأحاديثهم تلك إلي نهاياتها المنطقية. ماذا يعنون بتلك الخصوصية ؟ هل عروبة أهل السودان تختلف عن عروبة أهل الجزيرة العربية والشام وتنتفي عنها أي صفة للطهر والنقاء؟ وأن الأمر نفسه ينسحب علي الإسلام والمسيحية واختلاطهما بعادات وتقاليد وطقوس أهل السودان.
    نخلص إلي أن الهوية لا يمكن بأي حال من الأحوال نتيجة عوامل عرقية ودينية وثقافية يصطفيها المرء من بين مكوناته الشخصية من منظور ذاتي ضيق بل كينونة تولدت عبر التراكم التاريخي عن طريق التمازج و التزاوج بين أهل السودان عبر القرون المختلفة حتى اليوم.
    أذن الحديث عن دين بعينه أو عرق أو ثقافة كي تفعل فعلها في عملية الهوية لا محل له من الإعراب في الواقع السوداني. و علي السياسيين و المثقفين وصناع القرار التعامل مع هذا الواقع وفق شروطه و معطياته هو كواقع و التعلم من دروس الماضي وأخذ العبر و إدراك أن اللهث وراء الشعارات الجوفاء و العبارات الرنانة و الخطب العصماء و الحماس الزائد و الغرور لا تجدي نفعاً بل أن المتضرر أولاً و المكتوي بنارها صاحبها قبل غيره. و أقول لكل ذو قلب رحيم و ألقى السمع وهو شهيد كفانا حربا وعذابا و تشردا ، و أنه قد آن الأوان لنا كسودانيين أن نعيش كغيرنا من البشر في سلام ووئام و نعمل علي إعادة البسمة إلي أفواه الغلابة و أن السودان و أهله أمانة في الأعناق يجب وضعها في حد قات العيون.
    معاً من أجل سودان جديد
    بدر الدين أبو القاسم محمد
    عضو الحركة الشعبية لتحرير السودان




























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de