لحظه من فضلك..4

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-18-2024, 04:31 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة منى عوض خوجلى(Muna Khugali)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-17-2008, 10:56 AM

الطيب شيقوق
<aالطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لحظه استثنائية .. من فضلك..4 (Re: Muna Khugali)

    الاخت منى

    لكم اعجبني مقال هذا الانسان الموضوعي الرائع - نقلا عن سودانايل



    --------------------------------------------------------------------------------

    الحقيقة والعدالة في السودان*

    ...مدخل إلى التراضي ومخرج من المحكمة الجنائية الدولية (2)

    هاشم عوض عبد المجيد
    [email protected]

    وصلاً لما انقطع ، فقد قدّم السيد/ أوكامبو أمام قضاة الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية قضية الإتهام في حق رئيس الحكومة السودانية ورمز الإنقاذ عمر البشير، وطلب إصدار أمر جلبٍ دولي في حقه ليمثل أمام المحكمة في لاهاي.

    غض النظر عن تداعيات الواقع السياسي الراهن في السودان، ومآلات قضية الإدعاء أمام المحكمة الجنائية الدولية، ستبقى الإستحقاقات الشاقة ماثلة في الواقع الوطني السوادني كما هي منذ نيل هذا البلد لإستقلاله من المستعمر في العام 1956م .

    إن المخرج من هذا كله كما أوجزنا في مقالنا الأول يكمن في إيجاد آلية للحقيقة والعدالة،توسلاً للتراضي الوطني والمصالحة الشاملة، فما هي الحقيقة التي نتحدث عنها وما هي تلك العدالة ، هل هنالك حقيقة أو حقائق أخرى غير تلك التي عشناها أو نعيشها الآن، وما هي هذه العدالة التي لا تحققها المؤسسات العدلية القائمة الآن في القطر السوداني.؟

    شاهدت جانباً مما بثه تلفزيون السودان عن المقابلة التي أجراها الرئيس عمر البشير مع قيادات الأحزاب السودانية، طغت الهتافية... قال له البعض إننا طرقنا بابكم سيدي الرئيس عدة مرات لتنفذوا اتفاق القاهرة الذي ليس فيه قسمة سلطة ولا مال وإنما يتعلق بإشغالات وطنية أساسية منها المحاسبة ورد المظالم أو كما قال ...، وحتماً حينما استطال بهم طرق الأبواب جلسوا يلوكون الصمت في مقاعد في المجلس الوطني!!!

    لم يقل أحد "أخطأ عمر وأصابت إمرأة"

    الحقيقة والعدالة، مقاربة في المفاهيم والمنهجية:

    وأنا أكتب هذا الجزء من المقال كان تلفزيون أمدرمان في السودان يذيع نشرة المساء حيث خرجت إحدى المذيعات علينا بنبأ مفاده أن السيد بان كي مون قد اتصل هاتفياً بالسيد رئيس الجمهورية ليعرب له عن أسفه حيال عزم المدعي الجنائي الدولي على تقديم قائمة لمتهمين جدد وأنه – أي بان كي مون – سوف لن يدخر جهداً في سبيل معالجة هذا الأمر مع المحكمة الجنائية الدولية . في ذات الوقت كان أمامي ورقة عليها نص التصريح الذي أصدره السيد/ بان كي مون حول هذه المحادثة الهاتفية وقد جاء في التصريح ما نصه:

    During a telephone conversation yesterday with Mr. Al-Bashir, Mr. Ban stressed that the UN Secretary-General does not have any influence on the ICC Prosecutor. "In principle, I believe that peace and justice should go hand in hand. Justice can be a part of the peace process, but peace without justice cannot be sustainable," he added. "But I will have to assess the whole situation when there is an announcement by the ICC."

    ولتعيم الفائدة نُعِّرب النص مع اعتذارنا المسبق للسيد/ بان كي مون وهيئة الأمم إذا اخطأنا في التعريب.يقول النص أعلاه بأنه : " خلال محادثة هاتفية بالأمس مع السيد/ عمر البشير، السيد "بان" شدد على أن الأمين العام للأمم المتحدة ليس له أي تأثير على مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية . من ناحية مبدئية، أنا أؤمن بأن السلام والعدالة يجب أن يمشيا سوياً يداً بيد . العدالة يمكن أن تكون جزءاً من العملية السلمية، ولكن السلام بلا عدالة لا يمكن أن يدوم. وأضاف بان كي مون بأنني سوف أقوم بتقييم كامل الوضع حينما يصدر تصريح محدد من المحكمة الجنائية الدولية ." ، أما تقييم بان كي مون للموقف بعد صدور لائحة الإتهام، فدونكم تصريحاته ومواقفه الأخيرة المنشورة بصفه أميناً عاماً أممياً ولاتحتاج لشرح أو تعليق.

    هل الحقيقة ما ذكرته المذيعة في تلفزيون أمدرمان أم الحقيقة هي تلك التي جاءت على لسان بان كي مون ؟؟؟

    نحو مفهوم للحقيقة الوطنية ، المدخل : ماذا حدث:

    يتفق الكثيرون من أبناء السودان على أن العام 1956م هو الأساس الذي يجب أن يبدأ منه العلاج ، هو العام الذي استلم فيه الوطنيون الحكم من الأجنبي، ووضعوا أسس الدولة الوطنية ، وبالتالي يجب العودة إلى هذه الأسس التي انبنت عليها الدولة الوطنية . كافة النظم الوطنية التي حكمت بعد الاستقلال بما فيها التيار السياسي الذي يحكم السودان الآن، لامست هذه الحقيقة ولكنها لم تنفذ إلى جوهرها ...وكان الخطأ الرئيس الذي وقعت فيه هذه العهود السياسية أنها مارست بشكل أو بآخر وبدرجات متفاوتة "نفي الآخر الوطني" هذا النفي الذي تجاوز التهميش والإقصاء ووصل في ذروته إلى محاولة سحق الآخر الوطني، فكانت مشاريعها الوطنية في غالب الأمر عرجاء لم تقم على سوق معتدلة ، وينبغي الوضوح في هذا الصدد، حيث أن الحديث عن العهود والنظم الوطنية ينصب أساساً على القْار منها أي تلك النظم التي بقيت على دست الحكم مدداً طويلة ، وهي بالتحديد النظم العسكرية التي جاء بها الجيش للسلطة حتى وإن تدثرت بدثار مدني أو خلعت في مرحلة ما بزتها العسكرية ولبست اللباس المدني . أما باقي العهود، وهي الحكومات المدنية التي حكمت وفق أسس الديمقراطية الغربية فلم يكن في إمكانها بأي حال أن تؤسس لمشروع وطني متماسك لأنها لم تتماسك هي نفسها بالقدر الكافي الذي يجعلها تستمر في الحكم أمداً طويلاً. نقول : إن الحكومات العسكرية التي حكمت السودان بعد الاستقلال سعت بشكل أو بآخر لإيجاد مشروع وطني إلا أن استناد طرحها على رؤية آحادية شمولية نافية للآخر الوطني جعلت هذه المشاريع تموت في مهدها ، ومن عجب أن هذه النظم الآحادية الشمولية أسست طروحتها الآيدلوجية المتطرفة على خلفية اعتقادها وإيمانها "بالحقيقة" ! الأمر الذي قادها آخر المطاف إلى الإقصاء وإعلان الحرب على الآخر .. لقد بلغت هذه الآحادية ذروتها في المشروع الوطني المسمى "المشروع الحضاري" الذي طرحته "الإنقاذ" بعد استيلائها على السلطة في إنقلاب يونيو 1989م ، ولم يعاني مشروع الإنقاذ من الآحادية فقط ، وإنما عانى من كون آحاديته هذي تقوم على طرح وتفسير ديني مُختلَف حوله حتى من أصحاب الملة ذاتها ناهيك عن أصحاب الملل الأخرى التي يحتويها السودان ، إضطرت الإنقاذ في سبيل إنفاذ مشروعها الوطني إلى تفكيك كامل مكونات الدولة وسعت إلى إبدال ما فككته بما رأت أنه الأمثل لتحقيق مشروعها وهي بصدد ذلك لاقت معارضة قوية وفي مستويات مختلفة ، لاقت معارضة شرسة من أحد المكونات البنيوية للدولة الوطنية وهو جنوب الوطن ممثلاً في الحركة الشعبية ، كما لاقت معارضة من القوى السياسية في كافة أنحاء البلاد ، ولاقت معارضة من بنيات وأجهزة الدولة الموروثة من الإستعمار والمعدلة وطنياً في مراحل مختلفة فكانت التظاهرات الشعبية ومحاولات الإنقلابات العسكرية العديدة ضدها ، ولم تنتهي هذه المعارضة عند هذا الحد ، بل إن بقية المكونات البنيوية للدولة في غرب السودان وشرقه حذت حذو الجنوب فأشهرت السلاح لتنال ما رأت أنها تستحقه أسوة بما أخذه الجنوب في نيفاشا . لم يكن أمام الإنقاذ بُد من أن تستخدم كل ما يمكنها استخدامه من أدوات القمع لمقابلة هذه المعارضات إن صح التعبير، فهي وإن كانت قد فككت الأجهزة التقليدية للدولة وأحلَّت بدلاً من الذين كانوا قائمين عليها آخرين موالين لها إلا أنها فشلت في أمرين: أولهما إعادة تأهيل من أزاحتهم عن هذه الأجهزة والمؤسسات وفق رؤيتها الوطنية ومن استيعابهم ضمن مكونات بناء مشروعها الوطني، والأمر الآخر هو فشل البدائل (أهل الولاء) الذين أحللتهم محل هؤلاء في إدارة الدولة وتنفيذ ذات المشروع الوطني ، فكانت النتيجة أن تخلت الإنقاذ عن مشروعها الحضاري بكامله وانصرف اهتمامها إلى تثبيت سلطتها مثلها مثل أي نظام شمولي ليس له رؤية وطنية محددة، نتج عن ذلك تخبط في السياسات المختلفة واختلال في كامل بنية الدولة نتيجة الموت السريري الذي أصاب مكوناتها المختلفة وبدرجات متفاوتة لعدم وجود المؤهلين لإدارة هذه الإجهزة ومفارقتها المشروع الوطني الذي طرحته ابتداءً على علاّته مما جعل المستبعدين من مشروع الإنقاذ الوطني ينضموا إلى المعارضات المتعددة ليشكلوا تياراً قوياً متعدد المستويات والرؤى.

    في عودٍ للمفهوم، فإن الحقيقة من القيم التي أثارت جدلاً عميقاً وغائراً لدى الإنسانية منذ أمدٍ بعيد وتناولها من زوايا مختلفة كل أهل العلوم من رجال دين وفلسفة وعلم إجتماع وقانون وتاريخ ، ولا أود – لطبيعة هذا المقال – الخوض في جدل علمي كثيف قد يشتت ذهن القارئ ، سأنحى للتبسيط غير المخل :

    قالت العرب أن الحقيقة هي "مايصير إليه حق الأمر ووجوبه" ، وبلغ حقيقة الأمر أي يقين شأنه، (لسان العرب) ، ونحن حقيقةً ! لا نبحث بعيداً عن ما جاءت به كُتب اللغة ، فإن مفهوم الحقيقة هو اليقين ، واليقين ضد الشك ،وهو الحق أي نقيض الكذب ، من المهم القول أن الحقيقة مثلها مثل بقية المفاهيم القيمية الأخرى التي نحن بصددها ليست نتيجة يسعى الإنسان إلى تحقيقها ، بمعنى أن الحقيقة ليست غاية في حد ذاتها وإنما الغاية هي العملية The Process التي تُفضي إلى الحقيقة، حتى أجعل المفهوم قريباً من واقعنا أقول : ليس المطلوب فيما أُقترح تسميته بالحوار الدارفوري – الدارفوري أن نعالج ما حدث ونقف عند هذا الحد ، نود أن نعرف ماذا حدث، ولماذا حدث و كيف يمكننا أن نحول دون أن يحدث ثانية ؟ ما هي تأثيراته الآنية والمستقبلية وتداعياته على الأجيال الحالية والأجيال القادمة ، ذات الأمر يمكن تعميمه في كل أنحاء السودان ، ليست المسألة مؤتمراً ينعقد لمدة إسبوع أو شهر ثم ينفض عن توصيات توضع في الأضابير ، وإنما الأمر عملية تفاعل يجب أن تمتد زمناً طويلاً وتؤسس لمشروع يمكن أن يمتد أجيالاً. إن مجهودنا في البحث عن حقيقة ما حدث ويحدث في الجنوب ودارفور وجبال النوبة وشرق السودان والخرطوم وديار المناصير وكجبار، وأبيي، وحلايب وألمي وغيرها من أنحاء السودان المختلفة، يجب أن يكون مشروع حوار وطني ممتد، عبره تُصاغ خطط تنمية، وتُطوّر مناهج تعليم، وتُشرَّع قوانين ، وتنبني علاقاتنا مع الدول..وهلمّ جرا ! إذن نحن لا نبحث عن إجماع حول حقيقة واحدة فقط بقدر ما إننا نسعى لخلق حوار عميق حول الحقيقة يكون بمثابة ضوء يتمدد تدريجياً على النحو الذي يبدد الظلام الذي حولنا ، المسكوت عنه كثير ولا يمكن الإفصاح عنه في مؤتمر أو اجتماع ، يتطلب الأمر عملية مجتمعية معقدة قوامها كل النخبة وبمختلف توجهاتها .

    الحقيقة التي أركز عليها في مقالي هذا تتصل بالمظالم وانتهاكات حقوق الإنسان التي طالت الشعب السوداني على اختلاف مشاربه في حضره وبواديه في قراه ونجوعه وحللاّله ، وطوال فترات الحكم الوطني على اختلاف تسمياته مدنية أو عسكرية، سيسأل سائل هل كنا نعيش في كذب منذ الإستقلال حتى نبحث عن الحقيقة الآن ؟ وماذا كنا نسمع من حكامنا وقادة أحزابنا ومؤرخينا ومثقفينا ووسائل إعلامنا ..ألم يكن الحقيقة ؟ حتى نأتي لنبحث لها عن مفهوماً الآن ؟وما هذا الذي كنا نسمعه ليل نهار ونقرأه في الصحف وندرسه في المدارس والمعاهد والجامعات؟ إن "الحقيقة واحدة وغير قابلة للتعدد، للتجزيء والتبعيض،أي غير قابلة للإختلاف: فلا يمكن أن أقول أن حقيقتي تختلف عن حقيقتك،أو أن هناك ازدواج في الحقيقة:حقيقة للعامة وحقيقة للخاصة، حقيقة دينية وحقيقة فلسفية. الحقيقة لا يمكن أن تكون إلا واحدة...إذا تعددت صارت آراءً وظنوناً" (*).

    - نحو تأسيس مشروع وطني لقراءة متعددة للأحداث:

    هل ما نعلمه عن الواقع الوطني طوال السنين الماضية كان هو الحقيقة أم أنها أراءً وظنوناً؟. لا يتوقع قارئي أن تأتيه الإجابة على هذه الأسئلة سهلة، فليجيب هو معي على هذه الأسئلة حتى نتوصل سوياً إلى الحقيقة ، وسأتركه يختار ما يشاء من سياق أو سياقات، حيث أن هنالك سياقات مختلفة نبحث فيها عن الحقيقة ، وأسئلتي هي : هل نبحث عن الحقيقة السياسية في سياق زمني منذ استقلال السودان في 1956م لنحدد من هو الوطني ومن هو غير الوطني؟ أم نبحث عن الحقيقة في سياق جغرافي؟ ، ماذا حدث في جنوب السودان منذ الاستقلال وحتى توقيع إتفاقية السلام الشامل ؟ ماذا حدث في دار فور منذ الإستقلال أم ماذا حدث فيها بعد عهد الإنقاذ؟ أم أننا سوف نتناول سياقاً آخر وهو حوادث انتهاكات حقوق الإنسان المباشرة والمحددة ، ستطل أسئلة كثيرة برأسها ، ما حقيقة الأحداث التي جرت في الجنوب منذ الاستقلال؟ من سيجيبنا ؟ الحكومات المتعاقبة؟ أم الذين حملوا السلاح مناهضين لها، أم ضحايا أولئك وهؤلاء ؟ أم تقارير مؤسسات حقوق الإنسان الدولية ؟ . ماذا حدث في قضية حل الحزب الشيوعي السوداني وهل هو انتهاك لحقوق مجموعة وطنية ؟ أم هو انتصار لقضية دينية ؟وكيف نحاسب سلطة منتخبة على انتهاك الدستور؟ ومجئ نظام النميري، هل هو حدث وطني أم فعل جنائي تضمن حنثاً لعهود وجريمة ضد سلطة شرعية؟ وسوف تكرُّ المسبحة في أحداث الجزيرة أبا وودنوباوي, ويوليو 1971م ومحاولة حسن حسين ، ويوليو 1976، وفي قضية الفلاشا ، وما أدراك وما قضية الفلاشا ؛ هل شاهد الملك برئ ، هل تجوز مكافئة شاهد الملك في قضية الفلاشا ليصبح مندوباً للسودان في الأمم المتحدة ؟ هل تجوز إعادة ذات الشخص إلى الخدمة العسكرية وترقيته من رتبة لواء في الجيش إلى فريق وإنهاء خدمته في ذات اليوم وفي نفس القرار ليتمتع بإمتيازات الرتبة الأخيرة على حساب الشعب السوداني؟ هل هو خائن أم بطل؟ ماذا حدث للثمانية وعشرين ضابطاً الذين أعدموا في رمضان من العام 1990م ، أين وكيف قُبروا؟ وما حدث في محاولات الإنقلابات المتعددة التي واجهتها الأنظمة المتعاقبة من عبود إلى البشير مروراً بالنميري و ما تلاها من محاكمات صورية وإعدامات خارج نطاق القضاء وعقوبات مستمرة حتى يومنا هذا على الأبرياء من الآباء والأبناء والزوجات والإخوان بإخفاء رفات الذين أعدموا عن أقاربهم وأرحامهم وعدم تسليمها لذويهم ودفنهم على النحو الذي يليق، والمقابر الجماعية والفردية المجهولة..إلخ ،أين جثامين هاشم العطا ورفاقه وكذلك حسن حسين عثمان ورفاقه شامبي وبرشم ؟ أين جثامين ورفات الذين شاركوا وقتلوا في أحداث يوليو 1976م وفيهم أشخاص كانوا أعضاء في الحركة الإسلامية الحاكمة اليوم؟! أين جثامين محمود محمد طه والثمانية وعشرين ضابطاً؟ هل هذا قد حدث فعلاً أم أنه محض خيال وأوهام، هل كانت توجد في السودان في حقبة التسعينات معتقلات سرية أو ما شاع تسميته بـ "بيوت الأشباح" ؟ هل جرى تعذيب وقتل خارج نطاق القانون واختفاء قسري ؟ قد يقول قائل نعم ، وقد يقول آخر لا ! فأين الحقيقة ؟ ماذا حدث في جنوب السودان خلال الثلاث عقود الماضية هل انتهكت الحركة الشعبية حقوق الإنسان؟ لماذا لم يكن لدى الجيش السوداني أسرى من قوات الحركة الشعبية طوال عقدين من القتال؟ ماذا حدث في معسكرات المعارضة في أثيوبيا وأرتريا ، ما حدود تداخل الأجنبي في قضايانا الوطنية ؟ كيف يمول العمل السياسي والحزبي في السودان منذ الإستقلال ؟هل عدد الذين قضوا نحبهم في أحداث دارفور منذ بداياتها هم مائتي ألف أم عشرة آلاف، أم تسعة آلاف، أم خمسة آلاف؟.

    حتى نستطيع تأطير مفهوم الحقيقة بصورة عملية وعلمية يجب أن نحدد الإطار الزمني والمنهجية التي سنبحث بها عن الحقيقة ، إذا اعتمدنا في السودان العام 1956م كأساس زمني ، يجب أن نحدد أيضاً ما إذا كنا سنتدرج في التنقيب عاماً بعد عام وحتى عامنا هذا ؟ أم أننا سوف نجتزئ سياقات محددة ؟ من سيحدد هذه السياقات ؟ هل سنطلب أجابة تقريرية محددة حول ماذا حدث في الواقعة المعنية أم أننا سوف نعتمد الأسلوب الأمثل وهو جعل البحث عن الحقيقة عملية تفاعلية مستمرة .

    قد يقول قائل ما هي المنهجية العلمية التي يمكن اتباعها لاستخلاص الحقيقة الوطنية في ما يتعلق بماضي الجرائم و المظالم وإنتهاكات حقوق الإنسان في السودان؟ حتماً هناك منهجية، لقد سبقتنا شعوب وتوصلت إلى ذلك، هنالك خبراء على امتداد العالم، هنالك مستودعات حكمة سودانية لم تنفذ . رغم الفارق والبون الشاسع ، سأورد حادثةً طريفة يمكن أن يسأل عنها أياً من المؤرخين السودانيين ومنهم أستاذ التاريخ البروفسور يوسف فضل وماهية المعضلة التي حتماً واجهته وهو يحقق كتاب طبقات ود ضيف الله فيما يتعلق بقصة الشيخ الهميم والقاضي دشين! إذ ربما تكون مفيدة في هذا السياق.

    أخلص من كل ما سبق إلى أنه لا يمكن قراءة التاريخ بآحادية، يجب أن تتعدد القراءات ، شريطة ألا يكون تعدد القراءات ذريعةً أو وسيلة لتبرير الأخطاء والإنتهاكات، يمكن لكل فريق وطني أن يعلن توصيفه الآيديولوجي للأحداث ، فليعبِّر عنها كل فريق حسب الموقف الذي يقف فيه ، المهم أن يستمع الشعب لكافة القراءات ليكون حكماً ، لابد كما قال إدريس بن ذكري – رحمه الله – أن نقرأ ما حدث في أي صفحة من صفحات تاريخنا بتعمق وتأني قبل أن نقلبها، لا يمكن أن نعفو ونصالح ونتراضى قبل أن نعرف حقيقة ما جرى ولماذا جرى ومن الفاعل؟ لا بد لنا كشعب أن نسمع إعتذاراً ،ولومجرد إعتذار وفعلاً يعقب هذا الإعتذار ينبئي عن الندم! بعض الفاعلين الوطنيين قالوا أنهم تابوا إلى الله متوبةً واعتذروا له عما فعلوه في الشعب السوداني، وماذا عن الضحايا والثكلى من أهاليهم : كانت تجلس قُبالتي متمدرسةً في مدرجات إحدى الجامعات السودانية طالبة وفي عينيها يتجمع حزن العالم كله ، حينما سألت عنها علمت أن أباها رحمه الله مات في سجن كوبر الشهير إذ حُرم العناية الطبية الكافية، هل تكفيها توبة الفاعل إلى الله ؟ أوليس الله هو القائل: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.." الاية 14/النحل.

    لابد من سبيل لإنتاج الذاكرة الوطنية الجمعية، لابد أن نجمِّع القراءات المختلفة للأحداث ونعتمدها حتى نستطيع بلورة ذاكرة سوادنية وطنية جماعية من الذاكرات المجزءة، لنُبلور هذه الذاكرة الجمعية لابد من القضاء على آحادية الحقيقة وآحادية التاريخ ، السلطة القابضة في استنادها على التفسير الآحادي للتاريخ تُحدِث إعاقة في الوجدان الوطني، إن حفظ الذاكرة هو السِّلمة الأولى في دَرج الحقيقة، وقضية التاريخ والذاكرة هما جوهر الحقيقة التي هي مسألة مركزية في مسلسل المصالحة والإنتصاف. إن السعي لإجلاء الحقيقة وعملية حفظ وبلورة الذاكرة الوطنية الجمعية هدف مرحلي وليس غاية في حد ذاته ، إنه مرحلة مؤسِّسَةٌ للمصالحة والإنتقال الى نظام ديمقراطي.

    في الجزء الثالث والأخير من هذه المقالات سوف نتناول الجوانب المفاهيمية والمنهجية للعدالة الإنتقالية ، والمصالحة الوطنية الشاملة.

    ----------

    * هذه المقالات تتضمن معلومات مستقاة من كتب ومؤلفات ومصادر متعددة، منهاكلمات وأوراق عمل ونقاشات جرت في ندوة "جبر الضرر" وورش عملها التي عقدتها هيئة الإنصاف والمصالحة في سبتمبر من العام 2004في مدينة الرباط في وشارك فيها الكاتب، بالإضافة إلى أوراق ومداخلات قدمها الكاتب في مناشط أخرى.
                  

العنوان الكاتب Date
لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-01-08, 06:44 PM
  Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-01-08, 07:05 PM
    Re: لحظه من فضلك..4 رأفت ميلاد 04-01-08, 07:32 PM
      Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-01-08, 07:52 PM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-01-08, 07:35 PM
      Re: لحظه من فضلك..4 محمد عبد الماجد الصايم04-01-08, 07:58 PM
        Re: لحظه من فضلك..4 محي الدين جبريل04-01-08, 08:30 PM
          Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-02-08, 04:37 PM
        Re: لحظه من فضلك..4 Mohamed Idris04-01-08, 08:33 PM
          Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-02-08, 08:10 PM
            Re:( أريتني لو صليت وقلعت طرحتي طوالي!) yasir tamtam12-08-08, 05:02 PM
              Re: Re:( أريتني لو لسه في الخرطوم!) Muna Khugali03-17-09, 12:45 PM
        Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-01-08, 08:44 PM
          Re: لحظه من فضلك..4 محمد عبد الماجد الصايم04-01-08, 08:49 PM
            Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-01-08, 09:28 PM
          Re: نحن والخرطوم.. Muna Khugali04-24-09, 05:26 PM
  Re: لحظه من فضلك..4 osman righeem04-02-08, 05:35 AM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-02-08, 09:34 AM
      Re: لحظه من فضلك..4 lana mahdi04-02-08, 10:24 AM
        Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-02-08, 11:06 AM
  Re: لحظه من فضلك..4 sama704-02-08, 10:36 AM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-02-08, 03:01 PM
  Re: لحظه من فضلك..4 العوض المسلمي04-02-08, 10:40 AM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-02-08, 12:55 PM
      Re: لحظه من فضلك..4 العوض المسلمي04-02-08, 03:14 PM
        Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-03-08, 10:00 PM
          Re: لحظه من فضلك..4 العوض المسلمي04-05-08, 11:04 AM
  Re: لحظه من فضلك..4 osman righeem04-02-08, 12:51 PM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-02-08, 03:48 PM
  Re: لحظه من فضلك..4 Shams eldin Alsanosi04-02-08, 01:29 PM
    Re: لحظه من فضلك..4 Mohamed Abdelgaleel04-02-08, 01:59 PM
      Re: لحظه من فضلك..4 هاشم أحمد خلف الله04-02-08, 03:33 PM
        Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-03-08, 10:46 PM
      Re: لحظه من فضلك..4 إسحاق بله الأمين04-02-08, 03:53 PM
        Re: لحظه من فضلك..4 عمران حسن صالح04-02-08, 04:07 PM
          Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-04-08, 02:46 PM
        Re: لحظه من فضلك..4 ممدوح أبارو04-02-08, 04:08 PM
          Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-05-08, 00:15 AM
        Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-04-08, 09:14 AM
      Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-03-08, 10:00 AM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-02-08, 10:16 PM
      Re: لحظه من فضلك..4 سناء عبد السيد04-03-08, 00:09 AM
        Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-05-08, 03:33 PM
    Re: لحظه من فضلك..4 الطيب شيقوق01-02-09, 07:58 PM
  Re: لحظه من فضلك..4 مازن الجمّال04-02-08, 04:24 PM
    Re: لحظه من فضلك..4 Mohamed Abdelgaleel04-03-08, 10:52 AM
      Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-09-08, 12:13 PM
        Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-10-08, 05:46 PM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-06-08, 11:14 PM
  Re: لحظه من فضلك..4 osman righeem04-04-08, 01:02 PM
  Re: لحظه من فضلك..4 osman righeem04-05-08, 10:44 AM
    Re: لحظه من فضلك..4 ممدوح أبارو04-05-08, 12:51 PM
      Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-07-08, 12:23 PM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-07-08, 02:52 PM
  Re: لحظه من فضلك..4 osman righeem04-05-08, 08:02 PM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-07-08, 03:09 PM
  Re: لحظه من فضلك..4 Mohamed Omer04-06-08, 02:17 AM
  Re: لحظه من فضلك..4 Mohamed Omer04-06-08, 02:23 AM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-07-08, 03:24 PM
  Re: لحظه من فضلك..4 Mohamed Omer04-06-08, 02:38 PM
    Re: لحظه من فضلك..4 إسحاق بله الأمين04-07-08, 04:06 PM
      Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-07-08, 08:40 PM
        Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-08-08, 05:30 PM
        Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-08-08, 10:13 PM
          Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-08-08, 10:36 PM
            Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-09-08, 12:37 PM
              Re: لحظه من فضلك..4 غادة عبدالعزيز خالد04-09-08, 12:41 PM
                Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-09-08, 01:03 PM
                  Re: لحظه من فضلك..4 غادة عبدالعزيز خالد04-09-08, 01:14 PM
                    Re: لحظه من فضلك..4 إسحاق بله الأمين04-09-08, 02:44 PM
                      Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-09-08, 03:04 PM
                        Re: لحظه من فضلك..4 إسحاق بله الأمين04-09-08, 04:20 PM
                          Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-09-08, 10:59 PM
                    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-09-08, 11:14 PM
  Re: لحظه من فضلك..4 Mohamed Omer04-10-08, 00:51 AM
    Re: لحظه من فضلك..4 إسحاق بله الأمين04-10-08, 01:46 PM
      Re: لحظه من فضلك..4 عصام عبد الحفيظ04-10-08, 02:35 PM
        Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-11-08, 09:47 AM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-11-08, 00:10 AM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-11-08, 02:01 PM
  Re: لحظه من فضلك..4 haroon diyab04-11-08, 00:22 AM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-11-08, 11:00 AM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-12-08, 11:26 AM
  Re: لحظه من فضلك..4 Mohamed Omer04-11-08, 03:18 PM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-11-08, 07:41 PM
  Re: لحظه من فضلك..4 osman righeem04-12-08, 06:54 AM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-12-08, 09:52 PM
      Re: لحظه من فضلك..4 Muhammad Elamin04-12-08, 11:05 PM
        Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-13-08, 05:08 AM
          Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-14-08, 02:21 AM
            Re: لحظه من فضلك..4 عماد محمود علي04-14-08, 07:50 AM
              Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-14-08, 03:05 PM
        Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-14-08, 07:34 PM
          Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-15-08, 12:49 PM
            Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-15-08, 03:04 PM
            Re: لحظه من فضلك..4 إسحاق بله الأمين04-15-08, 04:08 PM
              Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-15-08, 10:05 PM
                Re: لحظه من فضلك..4 Mohamed Abdelgaleel04-16-08, 07:59 AM
                  Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-16-08, 08:08 PM
  Re: لحظه من فضلك..4 انعام حيمورة04-17-08, 00:43 AM
    Re: لحظه من فضلك..4 Muna Khugali04-17-08, 10:41 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de