|
اللاعبون ( أساسيون وجدد ) - صالح فرح
|
اللاعبون : أساسيون وجدد أظنه صاحب امرئ القيس من " بكى لما رأى الدرب دونه " ، ولكن إن كان صاحب امرئ القيس خيال شاعر فإن صاحبي حقيقة من لحم ودم ، ولئن بكى صاحب امرئ القيس ذلكم فإن صاحبي استغنى عن البكاء بالشكــوى يجأر بها لأن " المتطلعين من أبناء السودان خاصة من الاجيال الصاعدة يعانون قدرا غير يسير من مصاب مستديم قوامه عقلية الإحتكار التي تصيب جيل الأباء من اللاعبين الأساسيين في الواقع السياسي . . هو واقع أسوأ ما فيه أنه مختنق في العنق لا يعترف بالمعاش ولا يحيل إلى مقاعد البدلاء حتى من يهرم من لاعبيه أو حتى كل من استنفذ أغراضه أو قال كل ما لديه . " وصاحبي محمد عبد الحميد يقدم بين يدي شكواه ضيقه ببعض من بقي من كتاب جيل ستينات القرن الماضي فيعري ما في كتاباتهم من " تكرارممل جله دفاع عن الذات في نرجسية لا تعكس إلا " أنا "موغلة في الذاتية " . ولكنه قبل أن يبسط شكواه أو يقدم بين يديه ما قدم من ضيق لا ينسى أن يطوف بك في جولة استعراضية عريضة ، وحتى يثبت لك أن من سماهم اللاعبون الأساسيون ما عاد لهم مكان في الواقع السياسي فإنه يحدثك أن " العلم لم يعد العلم الذي خبره فرانسس بيكون ولا الثقافة عادت كتلك التي حلم بها جون بول سارتر ولا الذوق والجمال بشر به فردرك هيجل ولا حتى السرقة باتت كتلك التي خبرها الهمباتا في أسقاع السودان " . ومهما يكن فإن محمد عبد الحميد لو عرف أن أولئك النفر قد ظلوا يبحثون عن دور يركضون في لهاث بين المعسكرات بحثا عنه و لم يدركوه أبدا لوجد لهم العذر ولرحم هرمهم كما وصفه . وتحضرني قصة بين درعميين ، ( وتلك تسمية تطلق على الدارسين بكلية دار العلوم بالقاهرة وهي معهد كان مخصصا لتدريس اللغة العربية ) . الدرعميان كانا يحاولان اللحاق بالترام ، فتمكن أحدهما ولم يتمكن الآخر . فماكان ممن تمكن إلا أن صاح بمن لم يتمكن : تعلق يا أخي ولو بمحذوف . إن النفر الذين تضجر بهم محمد عبد الحميد يحاولون التعلق بمحذوف وإن لم يدعهم آخر لذلك ـ كما كان الحال بين ذينك الدرعميين . فهلا احتملهم فإن ذلك ليس بضاره بل مقدم له مادة .. أقل ما فيها أنها تتيح له عرض ما عنده واستعراضه على النحو الذي فعل .
صالح فرح – أبوظبي نشر بصحيفة السوداني 2 يونيو2007
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: اللاعبون ( أساسيون وجدد ) - صالح فرح (Re: tariq)
|
المقال الاصلي :
د. منصور خالد .. إن أسوأ اليوتبيات هي الأمر الواقع .. محمد عبد الحميد قال احدهم في معرض مساجلة سياسية: (إن له عشق صوفي لكتابات الدكتور منصور خالد ) .. والحق إن كتابات الدكتور ذات قيمة لغوية عالية ، تطرب لها أذان مثقفي الستينات الذين يأسرهم جرس اللغة وجزالتها . كما أن لها وقع خاص أشبه ما يكون بالمسلمات عند أولئك الذين تكونت معارفهم في ظل شح المعلومة على عهد الديكتاتوريات السافرة التي كانت تضن بالمعلومة على امتداد عقود الستينات والسبعينات والثمانينات ، فقد كان استخراج المعلومة من ملفات وأضابير تلك العهود المشيدة بسياج من الأمن المفرط ضرباً من الحوى ، أو يتطلب الإتيان بها إما جنوداً مجندةً من الخلصاء الذين يعملون في تلك القلاع الحصينة وقد لا تخلو محاولاتهم من مجازفات مميتة ، أو امكانات استخبارية لا يملك لها ناصية إلا من تلقى تدريباً عالياً على وسائل جمع المعلومات في وكالة ذات سمعة دولية في هذا الشأن . ففي هذا المجال - جمع المعلومة الموثقة - فان الدكتور منصور خالد لا يشق له غبار . بيد أن إدارة المعلومة لا سردها في عالم اليوم قد أضحى علماً تفتح له الكليات ويستبق للتخصص فيه العباقرة الذين كان رصفائهم ذات يوم – عهد العقود الثلاث – يتزاحمون نحو العمارة والهندسة المدنية وغيرهما من التخصصات الهندسية . وتتبارى في تقانتها المؤسسات الربحية التي أوصلها اكتشاف هذا الكنز العظيم إلى أعلى عليين في الحصول على المال من خلال سلطانها .. فباتت مبذولة في الهواء عبر شبكة ال WAN تحوم في الفضاء العريض تقول لمن يريد أن يستفيد هيت لك . إن هذا التحول الكبير في عالم اليوم قد جعل أشياء عديدة تتداعى .. فالعلم لم يعد العلم الذي خبره فرا نسس بيكون ، ولا الثقافة عادت كتلك التي حلم بها جين بول سارتر ، و لا الذوق والجمال بشر به فريدريك هيغل ، ولا حتى السرقة باتت كتلك التي خبرها الهمباتا في أصقاع السودان بل لم يعد ما يبهر مثقفي الستينات هو ذاته الذي يبهر مثقفي اليوم ... فبلغيتس بعد أن غير وجه العالم اخذ يبحث عن تحقيق ذاته في مؤسسة غير ربحية ، وصناع الثقافة بدأوا يعملون على خيال قائم على خلق أسطورة الخوف بعد أحداث سبتمبر التي وجدوا فيها مادة سينمائية تسقط حكاماً وتنصب آخرين .. ورواد السرقة قد نبذوا العنف وجلسوا وراء الحواسيب الالكترونية يعبثون حتى بملفات وكالة الاستخبارات الأمريكية السرية لا لشئ الا لتحقيق الذات .. منهم البنغالي والبريطاني ومنهم من هو في شرخ الشباب ومنهم الايفاع الذين لم ينشبوا عن الطوق بعد . هذا هو عالم اليوم المحتشد بال hackers كما يحتشد بالمتطلعين لواقع أفضل . غير أن المتطلعين لواقع أفضل من أبناء السودان خاصة من الأجيال الصاعدة يعانون قدراً غير يسير من مصاب مستديم قوامه عقلية الاحتكار التي تصيب جيل الآباء من اللاعبين الأساسيين في الواقع السياسي ... وهو واقع أسوأ ما فيه أنه مختنق في العنق لا يعترف بالمعاش ولا يحيل إلى مقاعد البدلاء حتى من يهرم من لاعبيه ، أو حتى كل من استنفد أغراضه أو قال كل ما لديه . فالهرم وحده هكذا قد لا يكون مشكلة إلا عندما يبلغ صاحبه مبلغاً يصعب فيه معه تعلم ما هو مستجد أو مستطرف في واقع الحياة الدينامي . أما استيفاء الأغراض وقول كل ما لدى المرء فذلك هو الداء اللعين الذي أصاب معظم مثقفي الستينات ، فبالنظر إلى كتابات منصور خالد يجد المرء تكرار ممل جله دفاع عن الذات في نرجسية لا تعكس إلا (أنا) موغلة في الذاتية إن كان ذلك في كتاب ( لا خير فينا إن لم نقلها ) أو في ( السـودان والنفق المظلم ) أو في أوج تجلي تلك النرجسية في جزئي ( النخبة السودانية وإدمان الفشل ) أو في المساجلات العقيمة التي وصلت درجة من القبح غير اللائق على صفحات الصحف إن كانت مع د.الشوش أو مع الصادق المهدي أو حتى مع الطيب مصطفى قوام كل تلك الكتابات ( قلنا ، ابنا ، نحسبن ولا نحسبن ...الخ ) هذه الانوات الجمعية تتنافى مع ابسط قواعد اللغة العلمية التي يختفي فيها ضمير المتكلم واناه ورغباته بل حتى نوازعهم النفسية ، لتحل محلها الاطروحات المجردة حتى وان تنافت مع رغبات الكاتب الذاتية . إن هذه النرجسية تفقد كتابات الدكتور قيمتها العلمية وتجعلها مجرد استعراض لغوي لمجموعة معلومات مسخرة للدفاع عن ذات الدكتور لا لتشييد مشروع فكري تنويري .. وقد تتضارب هذه المعلومات بحسب الموقف الذي يحاول فيه منصور خالد أن يدافع به عن نفسه وموقفه ، مدعومة بتسلط لفظي من قبيل ( هذا كاتب مدقق وذاك حصيف وذلك نابه وآخر متعجل ) كأن رأي الدكتور هو المعيار الذي تقاس عليه كفاءة زيد أو عبيد في الكتابة حتى وإن تراءى للدكتور أنه يشابه القط أو القرد . وهذا أمر يتنافى أيضاً مع لغة الحوار وآدابه ، فتقويم الكاتب في العادة يعتمد على مدى عمق كتاباته وتمكنه من طرح فكرته ، والشواهد التي تدعم تلك الفكرة ، أما أن يجنح المرء إلى تقويم الأشخاص كما يفعل عادة منصور خالد فأن ذلك يصب في خانة شخصنة القضايا – وهو آمر كما يزعم هو من "عياء الحجة" ، وسبيل لتنصيب الذات كمرجع لقبول آراء هذا ورفض آراء ذاك . ينبري هذه الأيام منصور خالد في الحديث عن حساب الربح والخسارة عن السلام والتي تُنشر على حلقات في صحيفة الرأي العام .. ويركز فيها الدكتور ضمن أشياء اخرى على الدفاع عن أن اتفاقية السلام قد أسست " لتحول ديمقراطي " في السودان ، دون أن يقوم بتشريح حقيقي للقوى التي تؤسس لهذا التحول الديمقراطي . لم يتحدث الدكتور عن مكونات الحركة الشعبية الديمقراطية في مبناها الفكري ومن أين استمدت هذا المكون .. أمن جون استيوارت مِل أم من جون قرنق ؟! كما لم يعرض لهيكل المؤتمر الوطني في مبناه الفكري وكيف أن ذلك يجعله مرشحاً لقيادة تحول ديمقراطي وما هو ارث هذا الحزب في هذا المضمار ؟! ولماذا لم تشترك المعارضة – إن كانت قوية أو ضعيفة – في عملية هذا التحول علماً بأن التحول الديمقراطي كما يصفه برتراد بادي (هيكل غير مكتمل البناء) يسهم فيه المجتمع دون إقصاء أو تهميش . إن الزعم بأن اتفاقية السلام تعمل على خلق تحول ديمقراطي زعم تبطله نسب اقتسام السلطة والثروة بين طرفي الاتفاقية ، بل أن نزوع الحركة الشعبية لإقرار الاتفاقية بكيفيتها الحالية يؤكد أنها حركة جنوبية لا تعمل لصالح وطن متحد بل تؤسس لمحاصصة في قسمة الثروة والسلطة ليس بين الشمال والجنوب وإنما لكل أقاليم السودان ، وهذا مأزق جديد قد يحول السودان إلى دويلات ستكون في أحسن حالاتها كنفدراليات كما صار الوضع الآن بين الشمال الجنوب . إن أسوأ ما يحاول تصويره منصور خالد في عملية الربح والخسارة في عامي السلام هي إبرازه للأمر الواقع على أنه يوتبيا ، وللأسف فأنه ارتضى أن يتجول من خلالها مع الجنرالات في متاهتهم دون أن يكون قد أفاد فائدة ذات بال من تجربة انخراطه السابق في نظام جعفر نميري ، وكأن القدر قد حكم على الدكتور إلا يجد موطئاً له في دهاليز السلطة إلا من خلال متاهات الجنرالات
| |
|
|
|
|
|
|
|